تعد اليابان واحدة من عدد قليل من الدول التي لا تسمح للنساء بتولي العرش الإمبراطوري، حتى وإن كن من نسل العائلة الحاكمة، إلا أنه في الفترة الأخيرة بعد محاولة استيعاب الشعب الياباني لرغبة الإمبراطور في التخلي عن العرش قبل وفاته يبدو انه حان الوقت لتمهيد الطريق للمرأة أن تشغل هذا المنصب قريبا بعد أن أصبح الباب مفتوحا للتغيير في اليابان .
وقد أثير الاهتمام بهذه القضية مؤخرا بعد أن أعرب الإمبراطور أكيهيتو البالغ من العمر 83 عاما في خطابه لأمته عن رغبته في التنحي، لشعوره بالقلق من انه لن يكون قادرا على أداء واجباته لوقت أطول و أنه لا يستطيع أن يبقى رمزا للأمة . «فالقانون الإمبراطوري يمنع الإمبراطور من التنازل عن العرش خلال حياته ويلزمه بالبقاء في المنصب حتى الوفاة. وجاء رد فعل الحزب الحاكم برئاسة رئيس الوزراء شينزو آبي على هذا الخطاب بالموافقة على هذا الأمر من خلال تشريع استثنائى يسمح بتخلي الإمبراطور عن العرش. وبالفعل شكلت لجنة لبحث هذا الوضع في البرلمان الياباني أظهرت فيه الأحزاب مواقف متباينة بشأن هذا التشريع المقترح لتمكين الإمبراطور أكيهيتو من التنازل عن العرش حيث يخشون من أن يشكل إصدار هذا القانون الإستثنائي سابقة قد تسمح لأي حكومة لا تريد الإمبراطورفتقوم بإجباره على الرحيل لذلك أكد الكثيرون انه يجب الحذر في اتخاذ هذا الإجراء.
كما يشعر المحافظون في اليابان ولاسيما الحزب الديمقراطي الليبرالي الذي يحكم البلاد بالخوف من هذا التعديل الجزئي للنظام ومن احتمالية أن يشكل تهديدا كبيرا للنظام القائم ككل, و أن من شأن هذا القانون فتح النقاش حول خلافة الإناث والسماح باعتلائهن عرش اليابان, فهم يتمسكون بمبدأ وجود السلالة الذكورية واعتبارها خطا مقدسا لا يمكن المساس به فهو الذي يحفظ كرامة الأسرة الإمبراطورية ويحافظ على التقاليد المتوارثة، وبالتالي فهم ضد أي عبث أو تغيير فيما يخص هذا الموضوع. غير أن حكومة رئيس الوزراء السابق جونيشيرو كويزومي كانت قد خرجت عن هذا المسار من قبل حين ألمحت إلى إعادة النظر في القانون الإمبراطوري وحق المرأة في تولي العرش .
وعلى الجانب الآخر أشارت صحيفة» نيويورك تايمز» في تقرير نشرته إلى أن الإمبراطور أوضح لأحد المقربين منه انه لا يخطط للتنازل عن العرش فحسب بل انه يريد إصلاح قانون العائلة الإمبراطورية بالكامل ولعل هذا هو السبب وراء الاهتمام الإعلامي المكثف في الداخل والخارج بالخطاب الذي لم تتعد مدته عشر دقائق . كما أظهرت استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من اليابانيين لا يتطلعون إلى إصلاح القانون بشكل دائم فحسب بل إلى ما هو أكثر من ذلك، وهو الاعتراف بان تصبح النساء وريثات شرعيات للعرش. وأشارت إحدى الفتيات في اليابان خلال أحد التحقيقات الصحفية إلى أن عدم السماح للنساء بتولي العرش الإمبراطوري هو مجرد شكل آخر من أشكال التمييز»، وقالت أخرى تعمل كمبرمجة كمبيوتر»أن هناك عددا قليلا جدا من النساء في الإدارة، والتغييرات في هذا الشأن تتم ببطء شديد»،وتساءلت .لماذا لا تعتلي الأميرة ايكو العرش مثل الملكة إليزابيث في انجلترا؟ متمنية أن تتغير الأمور في مجتمعها ذي الصبغة الذكورية .
كما اقترح «الحزب الديمقراطي» أكبر أحزاب المعارضة, تغيير القانون للسماح لهن بتولي العرش مثل هولندا وبلجيكا والسويد والنرويج واسبانيا مبررين ذلك بأن القانون الياباني في الماضي كان يسمح للنساء بشغل منصب الإمبراطورة. فقد سجل التاريخ اعتلاء ثمان من نساء العائلة الإمبراطورية عرش اليابان قبل وضع مبدأ ولاية العهد للذكور فقط الذي يعود إلى عصر ميجي في أواخر القرن التاسع عشر. ولكن الأمور تغيرت حين استقدمت اليابان بعض مبادئ الحكم من الصين، واعتماد مفهوم النسب بين الذكور معتبرين أن العالم سوف يسخر منهم حال توريث النساء للعرش. وتجدر الإشارة إلى انه في حال السماح للإمبراطور الحالي بالتنازل عن العرش فأنه سيخلفه ابنه الأكبر، ولي العهد الأمير ناروهيتو57 عاما ,و إذا تغير القانون الإمبراطوري للسماح لإناث بالخلافة ، ستكونالأميرة ايكو 15 عاما ولي العهد الوحيد. أما بموجب القانون الحالي، فإن خليفة ناروهيتو هو شقيقه الأصغر، الأمير اكيشينو، الابن 51 عاما ، وابن الأخير الأمير هيساهيتو 10 أعوام هو الولد الوحيد من جيله في العائلة الإمبراطورية . فولي العهد لم ينجب أطفالا جددا ، ولذلك فأن هذه المسألة بالفعل تستدعي انشغال اليابانيين وقلقهم و قلق إمبراطورهم الذي كان هو أيضا الولد الوحيد من جيله في العائلة الإمبراطورية.
رابط دائم: