فوجئت بقرار صادر عن لجنة السياسات الإعلامية باتحاد الإذاعة والتليفزيون ينص على الآتي: «لا تتم استضافة الأطباء أو أى من أصحاب المهن الحرة على شاشات وشبكات اتحاد الإذاعة والتليفزيون دون مقابل مادى طبقا لقرار اللجنة فى 31/12/2016».
وسوف أركز فقط على فئة الأطباء.. فالرسالة الخطيرة الواضحة من فحوى هذا القرار هى أن الاتحاد الذى يعانى أزمة مالية كبيرة نتيجة عوامل كثيرة تراكمت عبر الزمن من ترهل وسوء إدارة وغيرهما، قرر اللجوء إلى أسلوب الكثير من القنوات الفضائية الخاصة التى تشترط مبالغ مادية كبيرة يدفعها الطبيب فى مقابل أن يقول ما شاء له أن يقول فى مجاله مع توضيح عنوان عيادته أو مستشفاه وأرقام تليفوناته على الشاشة.. وبهذا الأسلوب يكسب التليفزيون ومعد ومقدم البرنامج وبالطبع الطبيب الذى تتهافت عليه جموع المرضى المخدوعين باعتباره قد ظهر فى تليفزيون الدولة! والخاسر فى النهاية هو المريض وعندى عشرات الأمثلة من مرضى شكوا من عملية النصب والاحتيال التى تمارس عليهم حين يذهبون إلى من هم على شاكلة هؤلاء الأطباء فى عياداتهم ومستشفياتهم ولو فتح بريد الأهرام الباب لاستقبال الشكاوى من هذا النوع لجاءت النتيجة مفزعة.
لقد بح صوتى وأصوات العديد من زملائى لوقف هذه المهزلة التى تمارس يوميا فى القنوات الخاصة وناديت أكثر من مرة بالالتفات إلى مبنى ماسبيرو باعتباره الواجهة الإعلامية لمصر فى الداخل والخارج ولكن أن يصل الأمر إلى هذا الحد، فإنه يصبح جد خطير ولا يمكن السكوت عنه.
لقد وضعنا فى اللجنة القومية للسكر هدفا رئيسيا أمامنا هو العمل على زيادة الوعى الصحى بهذا المرض الشديد الخطورة، وطالبنا وسائل الإعلام القومية والخاصة بوضع خطة تستهدف تزويد المصريين بمبادئ الصحة العامة المتعلقة بهذا المرض بصورة مستمرة ولكن يبدو أن بعض الموظفين لم يدركوا بعد خطورة تدنى المستوى الثقافى الصحي.
من أجل ذلك كله أطالب بما يلي:
أولا: أطالب بوقف هذا القرار حماية للمرضي.
ثانيا: أطالب نقابة الأطباء ووزارة الصحة بمراجعة كل ما يقدم على الشاشات فى الطب من حيث المحتوى العلمي، والرسالة المطلوب توصيلها للمرضى ومدى كفاءة وتخصص المتحدث خاصة أن مصر غنية فى كل تخصصات الطب بنماذج عظيمة ومشرفة لا تبغى سوى خدمة المريض.
ثالثا: لن أطالب بإعطاء مكافأة مالية لكل من يقدم هذه الخدمة كما يحدث فى جميع دول العالم، والقنوات الأجنبية من حولنا، وإنما أطالب بتجريم الخلط بين الإعلان والإعلام وقد أقسمنا ـ نحن الأطباء ـ عند تخرجنا على أن نتحمل مسئولية تثقيف المريض، وتوعيته.. وكل ما أطالب به بوضوح ألا تكون الخدمة الطبية العامة وهى واجب قومى بابا للاسترزاق والكسب الحرام.
د. صلاح الغزالى حرب
رابط دائم: