رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد شهور عسل ووئام .. تركيا تنقلب على إيران

> رسالة أنقرة ــ سيد عبد المجيد
روحانى واردوغان
لم تمر ساعات على تحرك وحدات من الجيش التركي بعدد من مدن الأناضول في محاولة انقلابية لم يكتب لها النجاح منتصف يوليو العام الماضي، إلا وأعربت الخارجية الإيرانية عن دعم طهران للسلطات التركية، قائلة في بيان «نؤيد الحكومة المنتخبة من قبل الشعب ونود أن نرى تركيا وهي دولة آمنة ومستقرة».

وفي اليوم التالي مباشرة كان الرئيس الإيراني حسن روحاني على الهاتف يشد من أزر نظيره رجب طيب اردوغان ، مؤكدا وقوف بلاده إلى جانب أنقرة، داعيا إلى ضرورة توسيع آفاق العلاقات بين البلدين.

وقبل مرور أقل من شهر قام وزير الخارجية جواد ظريف بزيارة تضامنية إلى جارته المتاخمة له في حدود ليست بالقصيرة ، فيها استقبلته بحرارة لافتة مدعومة بعبارات إمتنان للجمهورية الإسلامية التي أسرعت بإعلان موقفها المبدئي المندد بالعدوان على الديمقراطية، في إشارة تقريظ مبطنة إلى المتقاعسين المتباطئين من بعض بلدان الخليج، وتلك مفارقة سنأتي إليها في حينها. ولاستثمار تلك المشاعر الفياضة بين الجارتين رغم تناقضات الرؤي بينهما، جنحت الأمال لتبلغ عنان السماء ، في أن يتضاعف حجم التبادل التجاري بما يليق بإمكانات الدولتين الكبيرتين ولأجل رفاة شعبيهما بعيدا عن التحزب والتمذهب، عزز من تلك الطموحات الأجواء الدولية غير المشجعة لصانع القرار الأناضولي، فالأخير كان لديه شبه يقين ببقاء الإدارة الديمقراطية بالبيت الأبيض غير المرحبة به متمثلة بهيلاري كلينتون، من هنا كان عليه أن يسرع بالتطبيع مع روسيا بعد قطيعة أستمرت شهور، وهي خطوة رحب بها الإيرانيين كثيرا، أعقبها بدء عملية درع الفرات في الشمال السوري بضوء أخضر من موسكو وبلا معارضة تذكر من ملالي الثورة الخمينية وهو ما جلب السرور والغبطة على الساسة الأتراك.

ثم جاءت المفاجأة فكلينتون ( التي كانت ستسير على درب أوباما المغادر ) تكذب إستطلاعات الرأي وتخفق بجدارة غير متوقعة في الوصول إلى سدة الرئاسة ، التي أصبحت من نصيب رجل العقارات دونالد ترامب الذي يريد الانكفاء على الداخل الأمريكي ، غير عابئ بالحكومات التي توصف بالديكتاتوريات فهذا لايجب أن توليه إدارته أي أهتمام ، وهو ما أثلج صدر أردوغان الذي ضاق ذرعا بإنتقادات سلفه أوباما ، ومن حسن الطالع أنه اعاد الدفء للعلاقات مع إسرائيل الصديق الصدوق للجمهوري المتصلب والمعادي بشدة للجمهورية الإسلامية، من هنا كان على تركيا ان تعيد مواقفها بضخ قدر من التشدد نحو جارتها الفارسية ، مقابل المزيد من الود مع الخليج وفي القلب منه العربية السعودية . وكان السؤال هو كيف؟ فليست هناك أفعال آنية واضحة قامت بها طهران حتى تكون ذريعة للانقضاض عليها ، فالتباينات في الرؤي بين البلدين خصوصا بالنسبة للمعضلة السورية وبدرجة ما التطورات العراقية، معروفة وكلاهما مدرك لذلك ، بيد أن هناك اتفاقا مدفوعا بإرادة حقيقية منهما على ضرورة تجاوز الخلافات السياسية « المزمنة» وتعظيم المصالح الاقتصادية الملحة لهما ، اذن ماهي الأسباب التي يمكن تسويقها لتبرير ما سوف تقدم عليه ضد تلك الدولة « المارقة « ؟ لم يكن هناك سوى العودة من جديد إلى التذكير بخطورة المد الشيعي ، وذلك بالتزامن مع بدء توافد ممثلين عن إدارة ترامب في مقدمتهم مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكي مايك بومبيو ، وقيام أردوغان بجولته الخليجية التي شملت المنامة والرياض.

وبطبيعة الحال لم يكن هجوم الميديا على إيران مصادفة ، فلا شىء يمر من خلال الإعلام في « تركيا الأردوغانية « المهيمنة على المقروء والمسموع ، إلا ويخضع للتوجيهات والترتيبات المسبقة المقصودة ، هكذا لا تترك معالجة القضايا الحساسة والشائكة للأهواء بلا ضابط أو قيد، ولابد من أنتظار التوقيت المناسب ، بعدها ترسل الإشارات ببدء حملة مدروسة فيها يتم توجيه رسائل معينة وفي إتجاه محدد تمهيدا لخطوات تتخذ وهذا ما جري مع ايران « المذهبية» . وفي أقل من شهر خرجت، أصوات حفلت بها صحف وفضائيات ومواقع تواصل إجتماعي ، تكيل الانتقادات «لدولة الملالي ورثة قم المقدسة» وكأنها اكتشفت فجأة أن وريثة عرش الطاووس كم هي شريرة، والدليل على ذلك اعتداؤها على معبر مرور تم فتحه بعد عناء كبير من أجل إجلاء الأطفال والنساء وإيصالهم إلى منطقة آمنة في إشارة إلى المخاض العسير بالاراضي السورية.

ثم تمضي صاحبة هذا الرأي وهي كاتبة بصحيفة يني شفق الموالية للحكم «قائلة « واضح جدأ أن الحرس الثوري يهدف إلى عدم إبقاء أي سني حي في مدينة حلب « ثم تتساءل « كيف يمكن لمذهب يُعتقد أنه ينتمي إلى دين الإسلام أن يُشرّعن هذه الوحشية التي لا يعترف بها الشرع الحنيف أصلًا ، وما هي الحجة والمبرر الذي يسمح لمذهب مختلف وهو الشيعة أن يبيد ويقتل لهذه الدرجة؟

كاتب آخر بذات المطبوعة كتب على موقعها الألكتروني مرددا بتنويعة أخرى نفس مضمون المقطوعة التي سبق لزميلته عزفها مستهلا مقاله بجملة حاسمة وهي أنه « حتى لو لم تُنطق حكومة بلاده هذه الكلمات حرفيًا، ولكن الواقع يؤكد بأن هناك أزمة أمنية عميقة بين تركيا وإيران.والسبب هو أن الأخيرة هي التي شنت الحرب على كافة الدول الإسلامية ، واعتدت على تركيا عن طريق سوريا ، وفي عربون محبة للخليجيين رغم أنهم ترددوا قليلا في إعلان شجبهم السريع لمحاولة الانقلاب الفاشلة ، تم تشبيه هذا الاعتداء بما قام به الحوثيون في اليمن ضد السعودية ، فالهدف هو مكة المكرمة ، وصواريخ إيران ودباباتها تطمع بالوصول إلي المشاعر المقدسة وإذ لم تتوقف ستزداد بروزًا خلال السنة أو السنتين المقبلتين وستبدأ بالاعتداءات على الخليج العربي». فلا مفر من المواجهة السريعة لوأد خريطة انتشار الفارسية التي يسعي اليها مرشد الثورة واتباعه هكذا ذهب المحللون الموالون لأردوغان. هؤلاء قالوا أيضا أنه لا مناص من « تشكيل درع أمنى عن طريق إنشاء شراكات أمنية ثابتة بين أنقرة والعواصم الخليجية بالتوازي مع تدشين بنية تحتية لعملية دفاعية بعيدة المدى على أن تكون شاملة من تأمين الأسلحة إلى بناء الوحدات العسكرية وصولًا إلى تخطيط محكم لكيفية ضمان أمن المنطقة».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    مصرى حر
    2017/03/04 08:12
    0-
    0+

    تركيا تنقلب على إيران...لعله رحمة للآخرين ودول الجوار
    اللهم اهلك الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين ،،"وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ" صدق الله العظيم
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق