رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

«برشلونة» تكسر البرود الأوروبى نحو اللاجئين

> دينا عمارة
دائما ما تكون مواقف الشعوب أكثر إنسانية من الحكومات فيما يتعلق بقضايا الحروب والأزمات والكوارث التى تتعرض لها بعض الدول, فمنطق الشعوب إنساني بحت خال من أي حسابات أو أرقام أو مواءمات سياسية, وهم أطراف المعادلة في تعامل الحكومات مع الأزمات الكبري.

لذلك كان من المنطقي خروج الآلاف من المواطنين الأسبان وتحديدا مدينة برشلونة فى مسيرات وصفت ب «الضخمة» حيث خرج أكثر من ربع مليون مواطن رافعين شعارات مناهضة للحكومة وأخرى مؤيدة للسلام «لا أعذار بعد اليوم, أدخلوا اللاجئين الأن, ديارنا هي دياركم», وهي عبارات كانت جزءا من نداءات ومطالب سكان المدينة الواقعة شمال شرق أسبانيا لمطالبة الحكومة الأسبانية بالوفاء بوعودها السابقة التى أعلنت فيها عن إلتزامها عام 2015 بإستقبال حوالى 16 ألف لاجئ سورى, غير أنها لم تستقبل حتى يومنا هذا سوى 1100 لاجئ فقط، وهو الأمر الذي وصفته «ميرسي كونيسا» رئيسة إقليم برشلونة بـ «المخزي» فى حق الشعب الأسباني وأيضا السوري الذي يعاني ويلات الحرب, فيكفي أنه في عام 2016 انتقدت منظمتا أوكسفام والعفو الدولية غير الحكوميتين سياسة تقاعس الحكومة الأسبانية المحافظة بزعامة ماريانو راخوي عن استقبال لاجئي سوريا.

ورغم أن المظاهرة، التى انتهت على شاطئ برسولنيتا بالبحر المتوسط حيث مات أكثر من خمسة آلاف مهاجر عام 2016، كانت رمزية, إلا أنها حققت نجاحا كبيرا، حسب وصف المراقبين، فقد أكدت مجددا اهتمام إقليم كتالونيا بالقضايا الإنسانية التي تجري في البحر الأبيض المتوسط، وتركيز مؤسسات الحكم الذاتي سواء الحكومة المحلية أو بلدية برشلونة كثيرا على ملف المهاجرين وتطالب باستقبالهم, بجانب تأييد الأحزاب السياسية والنقابات في مقاطعة كتالونيا والجمعيات الأهلية لاستقبال المهاجرين.

وتعتبر مظاهرات برشلونة صرخة ضد حكومات الإتحاد الأوروبي التي تراوغ وتناور حتى لا تستقبل اللاجئين بطريقة منتظمة وتكتفي بالذين يغامرون بحياتهم في قوارب الهجرة إنطلاقا من سواحل الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط وكذلك تركيا، ويموت الآلاف منهم سنويا.

فقد تصدت عمدة برشلونة «أدي كولاو» بكل قوة لتردد الحكومة الأسبانية فى استضافة حصتها من اللاجئين, واستخدمت صلاحياتها في الحكم الذاتي في إقليم كتالونيا لتعلن مدينتها «مدينة لجوء»، مفتتحة بذلك أجبرت الحكومة الأسبانية وبلدية العاصمة مدريد على الإنسياق وراءها لفتح أبواب أسبانيا للاجئين وبالخصوص السوريين، بما في ذلك زيادة التمويل المخصص لمؤسسات إستقبال اللاجئين وتسهيل إجراءات حصولهم على الإقامة.

كولاو، التى ترأس جمعية مدنية يسارية تدافع عن المواطنين الأسبان الذين تطردهم البنوك من منازلهم بسبب عدم دفع القروض، معروفة بتعاطفها مع اللاجئين والفقراء ووقوفها ضد سياسة السوق. وأطلقت العمدة حملتها عندما كتبت على صفحتها على موقع التواصل الإجتماعي «فيسبوك» أنها تطمح إلي ان تصبح برشلونة مدينة لجوء للمهاجرين السوريين، كما قالت «نحن نريد مدنا ملتزمة بحقوق الإنسان والحياة، مدنا نفتخر بها».

ولكن يبدو أن كلماتها فجرت جدلا كبيرا في الدولة الخارجة لتوها من أزمة آقتصادية ضربت البلاد منذ عام 2007، فقد رفضها الحزب الحاكم الشعبي اليميني برئاسة ماريانو راخوي رئيس الحكومة الأسبانية الذي بدا مترددا فى إستضافة حصة بلاده من اللاجئين بزعم أن قدرة برشلونة محدودة ولا يمكنها استيعاب سيل المهاجرين. غير أن منسق حملة «برشلونة مدينة اللاجئين» أجناسي كالبو أكد أنه تم وضع الاستعدادات اللازمة لإستقبال اللاجئين وتمت زيادة عدد الأماكن المخصصة لاستقبالهم في كتالونيا إضافة إلى فتح 50 مركزا إضافيا مستقبلا. كما عززت الحملة كذلك الخدمات الطبية والنفسية، وتقوم بتدريب البلديات في المنطقة على أفضل طرق للتعامل مع اللاجئين, ولكنه يري أن المشكلة الرئيسية هي أن الحكومة الأسبانية المركزية لا تزود الحملة بأية معلومات رغم أنه تم تخصيص قرابة 11 مليون يورو لهذه الخطة.

وعلى الرغم من أن القضية السورية تشغل العالم في الوقت الراهن، إلا أن تنظيم برنامج جيد لمساعدة اللاجئين السوريين في أسبانيا يبدو أمرا شبه مستحيل، ما يدفع باللاجئين للتساؤل عن المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة لهم في ذلك البلد، خصوصا أنها تدفع عن كل طالب لجوء في الإتحاد الأوروبي مبلغا محددا للدولة التي تدرس ملفه.

وحول هذا الموضوع يقول بعض اللاجئين أن دراسة ملف السوريين في أسبانيا قد يستغرق من عام إلى عام ونصف العام, وربما أكثر من ذلك، ففي عام 2012 تم منح اللجوء لشخص واحد فقط من بين 254 سوريا كانوا قد قدموا طلباتهم، حيث تؤخذ الطلبات وتُنسى بين أكوام الأوراق على المكاتب وبالطبع بدون بطاقة إقامة لا يستطيع اللاجئ الحصول على إقامة، كما لا يستطيع العمل في أي مكان، إضافة لمنعه من مغادرة الأراضي الأسبانية, أي ببساطة يجرد من لا يملك إقامة من أغلب حقوقه المدنية, فلا توجد إلى الآن استراتيجية واضحة، ولا يوجد قرار سياسي من الحكومة الأسبانية بما يختص بالتعاطي مع الّلاجئين السوريين. ويري البعض أن ما يحدث مع السوريين يصب في سياسة الحكومة الأسبانية اليمينية المتضامنة مع البنوك, فهي بدلا من أن تدفع المساعدات لمستحقيها، تضعها في البنوك لمنع انهيارها في ظل الأزمة الاقتصادية, وفي وضعٍ سيئ كهذا، يبقى السوريون عالقين في أسبانيا غير قادرين على تقديم طلبات لجوء إلى دول أوروبية أخرى، وليسوا قادرين على العودة إلى سوريا في ظل الوضع الدموي المسيطر فيها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق