رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تباشير الصباح‏

أنا عامل بسيط فى الخامسة والأربعين من عمرى، وقد بدأت قصتى مع الحياة الزوجية المستقرة منذ‏20‏ عاما عندما رشح لى والدى رحمه الله فتاة جميلة ورقيقة من أسرة تربطنا بها صلة قرابة، فأسرعت إلى اتمام اجراءات الزواج، وعشنا فى منزل والدى ومضت بنا سفينة الحياة فى هدوء‏.‏ وكان كل يوم يمر علينا يزيد تماسكنا وحبنا‏.‏ وبعد عام وضعت زوجتى ابنتنا الأولي‏,‏ وبعدها بعامين خرجت إلى الدنيا طفلتنا الثانية‏,‏ فأضافت الى بيتنا سعادة جديدة لم نعرفها من قبل وزاد إحساسى بالأمان والطمأنينة بعد أن أفاض الله سبحانه وتعالى على من رزقه مع قدومهما،

 وركزت كل جهدى لإسعاد أسرتى الصغيرة، ولا أنكر أننى كنت أتمنى أن يكون لدى ولد مثل كل الشباب الذين يراودهم هذا الأمل، وعندما حملت زوجتى للمرة الثالثة رحت أترقب ساعة الولادة فإذا بها تضع طفلة ثالثة، فعرفت أن هذا قدرى ورضيت به، وذات مرة سقطت ابنتى الكبرى على الأرض فنقلتها إلى المستشفي، وهناك علمت أنها مولودة بقصور فى الكلي, وأنها سوف تصاب بعد فترة بالفشل الكلوي، ومرت أيام كئيبة لم أذق فيها طعم الراحة, وأنا أنتظر المصير الذى ستؤول اليه, وحانت لحظة بدء جلسات الغسيل الدموى، وأنا أتجرع كأس الألم الذى تعانيه وهى الطفلة التى لم يبلغ عمرها بعد سبعة أعوام، وكانت المفاجأة الثانية أن ابنتى التى تليها فى العمر أصيبت بالمرض نفسه، وأصبحت هى الأخرى تخضع لجلسات الغسيل مع أختها، ولم يمض وقت طويل حتى لقيت ابنتى الكبرى وجه ربها، وارتاح جسدها الصغير من الآلام الرهيبة التى كانت تعانيها، وخيم الحزن على بيتنا، وعم فيه ظلام دامس وليل طويل وضاعف من أحزاننا أن ابنتى الثالثة دخلت دوامة هذا المرض، فأصابنى الذعر وسيطرت عليّ الهواجس فلا يغمض لى جفن وأصبحت أقضى معظم وقتى فى الانتقال بين المستشفيات للبحث عن علاج دون جدوي, وحذرنى الأطباء من الانجاب مرة أخرى لأن كل من سأنجبهم من زوجتى سيكونون مرضى بالفشل الكلوى بسبب صلة القرابة التى تربطنى بها.

لقد عجزت عن التفكير، ولا أدرى ماذا أفعل؟ إذ أخشى من المجهول وأتخيل لو أن لى ابنا يحمل اسمى ويكون لى سندا فى الحياة إذا امتد بى مشوار العمر، ولكن كيف ذلك وقد حكمت عليّ الأقدار بألا أنجب مرة أخرى من زوجتي, وإذا تزوجت غيرها فسوف تطلب منى الطلاق ويزداد بؤسى ومعاناتى فى الحياة.. لقد أمسكت بالورقة والقلم وكتبت إليك هذه الرسالة وكلى أمل فى أن يتبدد الليل الطويل وتظهر تباشير الصباح. فبماذا تشير عليّ؟

> ولكاتب هذه الرسالة أقول:

سوف يتبدد الظلام من حياتك، وتظهر تباشير الصباح التى تتطلع إليها من جديد. حين تدرك أننا لا نملك اقدارنا, وأن علينا أن نسعي، وليس علينا إدراك النجاح, ولقد وهبك الله زوجة صالحة تحملت معك متاعب الحياة وعشت معها أحلى سنوات الشباب يجمعكما الحب وتظللكما السعادة, ثم جاء لحظة الاختبار الإلهى الذى وضعك فى اختبار حقيقى يقيس مدى قدرتك على تحمل الشدائد, وبرغم صبرك فى البداية إلا أنك سرعان ما انهرت وتحولت سفينة حياتك الهادئة إلى ثور هائج يدفعك إلى الإطاحة بكل من حولك, فحتى زوجتك المحبة المخلصة لك, والتى ليس لها اى ذنب فيما ألم ببناتك من مرض تريد أن تضحى بها, وتتزوج من أخرى سعيا لإنجاب الولد الذى تقول انه سيكون لك سندا فى الحياة على حد تعبيرك!

والحق أنك سوف ترتكب خطأ ستندم عليه كثيرا إذا أقدمت على تجربة زواج جديدة, وذلك لاعتبارات عديدة أولها أنك سوف تهدم بيتك وتفقد زوجتك وحياتك المستقرة التى تعترف بأنها لم تشهد اى خلافات, وأنها خلت تماما حتى من المشاجرات البسيطة التى تحدث عادة بين الأزواج.. أما ثانى هذه الاعتبارات فهى أنك لا تضمن ان تنجب لك زوجتك الجديدة الولد الذى تتمناه, ولا تضمن إن رزقت به ان يكون سليما وخاليا من هذا المرض أو غيره من الأمراض الأشد ضراوة, والاعتبار الثالث هو أن ظروفك واحوالك المادية متدهورة إلى الحد الذى لا تستطيع به تغطية نفقات علاج ابنتيك، فما بالك بالوضع الذى ستكون عليه إذا أقدمت على زيجة ثانية، فانفض عنك غبار الهواجس الشيطانية التى تعتريك فى هذه المرحلة من حياتك, وتقرب إلى الله, وسوف يكتب الشفاء لطفلتيك حين يشاء, فامض فى مشوار علاجهما، وانتظر تباشير الصباح، فالفجر قادم ولو بعد حين, والله على كل شىء قدير.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 2
    ^^HR
    2017/02/24 09:54
    0-
    9+

    سماحا: رأى فى مشكلة "الناقوس الزجاجى" ولكم الشكر!
    ابدأ بالقول بأن الجناة كثر فى هذه المشكلة واتفق مع أ. البرى فيما يخص الاب الذى باع ابنته او السيدة التى اخذتها لتكيد ابناء زوجها ولكن اضيف لهما المجرمة الاكبر وهى الام التى هربت مع شخص تاركة فلذات اكبادها للضياع ولم يظهر لها اثرا بعد ذلك،،الحل فى رأيى يكمن فى العثور على شاب صالح مؤتمن ليتزوج من هذه الفتاة البريئة المتفوقة واجزم بأن مسألة التبنى والنسب سهلة ويمكن حلها لأنها ابنة زواج شرعى ومعروفة الابوين للكثيرين،،وفى تلك الجزئية فهناك واجب ومسئولية على الصديقة التى ارسلت المشكلة حيث يجب عدم اكتفائها بإرسال المشكلة بل تبحث لها عن عريس وحبذا لو كان من اقاربها شقيق او ابن عم او خال او معرفة وثيقة وذلك من خلال معرفتها وثقتها بأخلاقها وطباعها وهكذا تكون الصداقة الحقيقية
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 1
    ^^HR
    2017/02/24 09:16
    0-
    3+

    "من كان منكم في نعمة فليرعها"
    الى صاحب المشكلة : إرض بنصيبك وحافظ على زوجتك الوفية المخلصة التى احسنت عشرتك،،أنظر اليها كما تنظر الى نفسك وتحملا معا المعاناة،،فما ذنب هذه الزوجة وهل تضمن بعدها إنجاب الولد؟!...تذكر أن رسول الله لم يخلف ذكورا وتذكر أن من انجب صار فى طى النسيان لدى الاحفاد ومن يأتى بعدهم
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق