رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فى ندوة منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية:سوريا.. الأزمة والخطر والحل المنتظر

> طارق الشيخ
تشهد مدينة جنيف بعد أيام انطلاق جولة جديدة من محادثات السلام بشأن الأزمة السورية. وقد عقدت منظمة تضامن الشعوب الافريقية الآسيوية ندوة حول «تطورات الأزمة السورية وتداعياتها» فى ضوء مستجدات اجتماعات آستانة بكازاخستان.

وناقش المشاركون موقف مصر الثابت من الأزمة وسبل وإمكانيات التوصل إلى حل سياسى للأزمة السورية فى المستقبل وإنقاذ الشعب السورى من براثن التفتت. وقد شارك فى الندوة الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين سابقا، والسفير الدكتور حسين السحرتى نائب مساعد وزير الخارجية لشئون المشرق العربي، وفراس الخالدى عضو الوفد المفاوض ومؤتمر المتابعة بمجموعة القاهرة، وأدار أعمال الندوة الدكتور حلمى الحديدى رئيس المنظمة.

وقد ركز مكرم محمد أحمد حديثه على مجموعة من النقاط الكاشفة لطبيعة الأزمة السورية وما آلت إليه ووجه الشكر للدولة والدبلوماسية المصرية على موقفهما المتميز من القضية السورية وتحملهما جميع الصعوبات الناجمة عن التمسك بهذا الموقف الصحيح. فصلب الأزمة الفعلى من وجهة نظره يتمثل فى وجود «مؤامرة الخريف العربي» أو «الربيع الكاذب» التى تسعى إلى تفتيت العالم العربى والمفتت يزداد تفتيتا وهو ما أضر بمصالح مصر. ويقول لنا التاريخ القديم والجديد إن الأمن السورى والأمن المصرى لا بد وأن يتوافقا. لأن الدفاع عن مصر يبدأ من وراء حدود غزة وبالتالى فعندما يقع توافق إستراتيجى مصرى سورى فإن الأمن العربى يكون بخير.

وأكد مكرم أن الأزمة السورية ولدت انقساما شديدا لدى العرب وكانت السبب فى فجوة بين «قوى رئيسية» فى العالم العربي. ولوكانت قد سقطت الدولة السورية فمن المؤكد أيضا أن الشرق الأوسط بأكمله «كان سيضيع». ومن المؤسف أن العرب لم يدركوا بشكل كامل أن سوريا تحولت إلى «مفرخة» لجماعات الإرهاب حيث تظهر الجماعة تلو الأخرى والعقل العربى الذى غيبته أحقاد الثأر لا يدرك خطورة ما يحدث فى سوريا.

ونبه مكرم إلى أن التنافس الروسى الأمريكى خاصة فى أوكرانيا ـ يحول دون وصولهما إلى توافق ينهى الأزمة السورية. وثبت فشل أردوغان فى تركيا وعدم إمكانية قيامه بدور البديل لمصر فيما يتعلق بحماية الخليج.

وهناك تفاؤل نسبى بأن تدخل المشكلة السورية مرحلة «بداية التسوية» التى لايتوقع أن تحدث بين ليلية وضحاها. وأعرب عن اعتقاده بأن مؤتمر جنيف فى فبراير 2017 ينعقد فى ظروف مختلفة تحبذ إمكانية السلام. ولكن فى النهاية يظهر أن التوافق الدولى الأوسع يقول بأن يترك أمر بشار فى يد السوريين ليقرروا مصيره عبر انتخابات «حرة نزيهة» بمشاركة كافة السوريين المهاجرين فى الخارج تحت إشراف الأمم المتحدة. وهذا المشهد يمكن أن يمثل الخاتمة السعيدة. لقد أصبح من الواضح أن هناك خطرا غير مقبول يهدد سوريا وهنا طرح عدة تساؤلات مهمة : هل سنسمح كعرب بتجريد سوريا من هويتها العربية مثلما فعل بريمر عقب الغزو الأمريكى للعراق؟ إن سوريا ركيزة من ركائز الأمن القومى العربى وفقدان سوريا يعنى أننا لسنا على الطريق الصحيح. واليوم أمام العرب الخيار فهل يمكن إنقاذ سوريا بشكل آخر غير الحرب؟

وعن الدبلوماسية المصرية تحدث السفير الدكتور حسين السحرتى موضحا الموقف المصرى الرسمى من القضية السورية. فقد أشار إلى أن الدبلوماسية المصرية عمدت منذ البداية إلى تجاهل أى أجندات مطروحة وكان الهدف الوحيد المطروح هو تحقيق طموح الشعب السورى بكافة أطيافه والوصول به إلى ما يرتضيه. وأكد وجود معايير وثوابت للموقف المصرى ومن أبرزها: أنه من غير الممكن أن يتم حل القضية السورية عسكريا. وأن هناك حاجة للتوصل إلى حل سياسى لوقف العمليات العسكرية والتدخلات الخارجية، ويحقق المطالب المشروعة للشعب السوري. وشددت مصر منذ البداية على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى السورية فى حدودها الدولية المعترف بها نظرا لما يمكن أن يؤدى إليه التشابك والوضع المستمر إلى الآن من تفكك الدولة السورية. وفيما يتعلق بالمؤسسات السورية لم تظهر مصر فى أى وقت من الأوقات دفاعا عن نظام الرئيس السورى بشار الأسد أوغيره انطلاقا من أن هذا الأمر «لايخصنا تماما» وإنما هو أمر يخص الشعب السورى لأنه الوحيد الذى له الحق فى تحديد من يحكمه وبالأسلوب الذى يختاره الشعب. وجاء التعامل المصرى مع الأزمة ليتخذ مسارين. الأول منهما مسار سياسى ويهدف إلى وضع حد للأعمال العسكرية فى سوريا بالشكل الذى يؤدى فى النهاية إلى الحفاظ على وحدة الأراضى السورية والمؤسسات الوطنية فى إطار نظام تعددى يؤمن بالعملية الديمقراطية ويعبر عن كافة مكونات نسيج المجتمع السوري. أما المسار الثانى فهو المسار الإنسانى فهناك ما يقرب من نصف مليون سورى فى مصر وتعتبرهم الحكومة المصرية ليسوا من اللاجئين وإنما منحتهم كافة الحقوق والمزايا التى يتمتع بها المواطن المصرى من تعليم وصحة وذلك بناء على تعليمات صادرة من رئيس الجمهورية بأن تتم معاملة السوريين فى مصر ذات معاملة المصرى فى كل شىء. والموقف المصرى ثابت من الأزمة السورية ولم ولن يتغير على مدى السنوات الماضية على الرغم من بعض الإنتقادات التى وجهت إلى مصر، وبمرور الوقت ثبتت صحة موقف مصر من القضية السورية واتجهت الدول لتكون أكثر براجماتية فى تعاملها مع «الواقع». ونبه السحرتى إلى أنه قد عقد فى القاهرة اجتماعان للمعارضة السورية المعتدلة فى شهرى يناير ويونيو عام 2015. ولم تتدخل مصر فيهما وإنما كانت مجرد الحاضنة لمثل هذه الاجتماعات التى حضرها ما يقرب من 180 شخصية مثلت المعارضة السورية بكافة أطيافها ولم يستثن أى أحد، وتوصل المجتمعون إلى وثائق نراها ذات أهمية لرسم المستقبل السوري.

وتحدث الصوت السورى ممثلا فى فراس الخالدى عضو الوفد المفاوض ومؤتمر المتابعة بمجموعة القاهرة الذى نبه إلى تدويل الملف وخروجه من الأيدى العربية إلى الأيادى الإقليمية ثم الدولية ومن هنا ظهرت الأيادى الأجنبية. وهو يرى أن المصالحة تأتى من خلال الحل السياسى المبنى على خطوات واضحة .

وطرح المتحدث عدة أسئلة قائلا : «هل يمكن أن نجد آلية للدعم لحل فى سوريا؟ وهذا الدعم يجب أن يكون عربيا. فأين بصمة العالم العربي؟ وأين المشهد العربى على الصعيد الإنساني؟ غياب الدور العربى كارثي. علينا تبنى مشروع عربى حقيقى بمبادرة منا ونجد نفسنا فيه». وختم حديثه بالتأكيد على أن الحكومة المصرية لاتقف مع بشار الأسد وإنما تقف مع الشعب السوري. وحذر الدكتور حلمى الحديدى رئيس المنظمة من أن العرب أصبحوا فى وضع لايتيح لهم أن يسمحوا أو لايسمحوا. وأصبح الوضع صعبا. فالرؤية السورية المطروحة ليست رؤية فصائل وإنما رؤية شعب كامل. وهذا الشعب الآن منقسم ومفتت.

وقدم رؤيته للحل الذى يتطلب كخطوة أولى : وحدة الشعب السورى باختلاف مكوناته وبكافة فصائله، وثانيا : وقف التدخلات الخارجية بكل صورها. وثالثا : مساعدة الشعب للحفاظ على كيانه بكل الوسائل الممكنة. فاليوم ليس من المناسب أن ينصب الحديث على المشكلة الكردية أو التوزيع الطائفي. «ففى الأصل والبداية يجب رفع شعار «أنا سوري». فبدون وجود شعب موحد لاتكون هناك قضية. فقضيتنا هى توحيد الشعب السوري». كل ما سبق مضافا إليه التركيز و «ألا نضع الشروط منذ البداية» فالشروط المسبقة تولد خلافات شديدة وتضيع أهم مطلب وهو الوحدة. ومازال هناك أمل فى ان تعود جامعة الدول العربية إلى ممارسة دورها الحقيقى وتفرض كلمتها فى كل المفاوضات التى تجرى بشأن سوريا. وأشار نورى عبد الرزاق حسين سكرتير عام منظمة تضامن الشعوب الافريقية الآسيوية إلى أن سوريا لن ترجع كما كانت عام 2011، ولا العراق سيعود إلى ما كان عليه قبل عام 2003 ولا العالم العربى سيعود لما كان عليه من قبل. وهكذا لم يبق سوى الترقب والانتظار لما ستسفر عنه الجولة القادمة من المباحثات فإما السلام والاستقرار وإما الحرب والدمار والمزيد من المعاناة التى سيتحملها الشعب السورى المظلوم وحده منذ البداية وحتى النهاية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق