رئيس مجلس الادارة
أحمد السيد النجار
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
نعم الجهل الذى يتمخض عنه كل ما نعانيه من تردى أوضاعنا وتفاقم مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل والدينية، وأزماتنا الحياتية، إنه الآفة التى تتسلل لعقل الانسان، فتقضى على رصيده من العلم والإدراك حتى يصبح خاويا فتملؤه الخرافات والرذائل، ويتحول من إنسان استخلفه الله فى الأرض ليعمرها إلى مجرد كائن يعيش ليأكل ويشرب ويسعى وراء ملذاته الحسية! إذن فالقضية هنا محورها الإنسان الذى شيد الحضارات، وصنع التقدم، وأقام صروح النهضة العلمية والتكنولوجية، وأسس النظم السياسية والاقتصادية، وسن التشريعات والقوانين التى غيرت وجه الإنسانية، فخلع رداء ثقافة الغاب والكهوف، وارتدى رداء المدنية والتحضر. أؤمن كما يؤمن كل واع مخلص لهذا البلد أن المشروع القومى الأكبر لمصر الذى ينبغى أن نأخذ به اليوم هو «بناء الإنسان المصرى». فالمواطن المصرى المتعلم تعليما جيدا وحقيقيا، والمثقف الواعى، هو فقط المنوط به الخروج ببلدنا من عنق الزجاجة، الذى كدنا نخرج منه بعد ثورة يناير، حتى داهمتنا وتتابعت الأحداث والأزمات الجسام، فظللنا نجاهد حتى اليوم ضد موجات التعصب والتخلف،وافتقاد الوعى السياسى والثقافى والاجتماعى حتى تحول المصريون عن ضيق أفق إلى خصوم وأعداء، فى وقت تحتاج منا مصر إلى التكاتف لا الفرقة، وإلى الاصطاف لا التشرذم. بناء الإنسان المصرى هو مشروعنا القومى العملاق الذى ينبغى على الدولة والمسئولين وكل المؤسسات الوطنية والأهلية والنخبة المثقفة، ومؤسستى الأزهر والكنيسة، أن تبادر جميعها لوضع اللبنة الأولى له على طريق بناء العقل والوجدان المصريين. وبداية هذا البناء يتمثل فى إرساء الأساس الخرسانى المتين فى منظومة تعليمية متطورة نأخذ بها، فنمضى على درب الدول الرائدة فى هذا المجال، والأمر ليس مجرد تطوير بقدر ما هو بناء جديد على أسس علمية وحضارية حديثة. وتأتى منظومتا الإعلام والفن بمثابة جناحين لجسم طائرة التعليم، مما يشكلانه من طاقة فكرية ووجدانية هائلة لإنارة العقول، وبث الوعى الحضارى فى وجدان الشعب لكى يتحرر المواطن المصرى من أسر الجهل والتغييب الفكرى، وأعنى الإعلام والفن اللذين يتحليان بالمسئولية الوطنية والرقى الفكرى والأخلاقى والمهنى، لا إعلام وفن سوق الكانتو الذى أشاع الإسفاف والتفاهة والانحطاط الفكرى والأخلاقى فى المجتمع، فما نراه اليوم من انهيار أخلاقى وسلوكى فى المجتمع يوضح بجلاء المأزق الخطير الذى يهدد حياتنا ومستقبلنا.. إن الجهل هو السبب الرئيسى فى «تسونامى» الإرهاب الذى يمثل العائق الأكبر أمام تنمية وتقدم مصر. فالإرهاب هو المولود الشرعى للجهل حيث الفكر الخاطئ والعقيدة الفاسدة. التعليم ثم التعليم ثم التعليم ثم الفن الراقى المحترم لا فن الانحطاط والروبابيكيا، ثم الإعلام المهنى ذو الحس الوطنى والأخلاقى الذى يدرك قيمة رسالته التنويرية وأثرها البالغ فى نهضة وبناء الإنسان. تقول إيرينا بوكوفا مديرة منظمة اليونسكو إن البلد الذى لا يضع التعليم أولوية عنده ـ اهتماما وإنفاقا ـ هو بلد بلا مستقبل، ويقول جيم يونج كيم رئيس البنك الدولى إن سبب وجود بلاده (كوريا الجنوبية) الآن بين دول العالم المتقدم يتلخص فى كلمة واحدة: التعليم! المهم.. أن تتوافر الإرادة السياسية لخلق منظومة تعليمية حديثة متطورة تعد الشرط الأول والأهم لنهضة هذا الوطن. محمد سعيد عز