لاقت رسالة «عائد من المجهول» فى بريد الجمعة الماضى، ردود فعل قوية لدى القراء،وهى الرسالة التى يعترف فيها شاب بأخطائه، ويتناول المآسى التى تعرض لها، نتيجة عدم طاعته والديه وانجرافه فى تيار أصدقاء السوء، ويعض نواجذ الندم على ضياع مستقبله، ويحذر كل الشباب من الانسياق وراء أهوائهم، وعدم طاعة آبائهم وأمهاتهم، ومن بين التعليقات التى تلقيتها ما يلى:
> فاطمة محمد المصرى مدرس مساعد بقسم الصحة النفسية بتربية حلوان: أتفق معكم فى ردكم على صاحب مشكلة «عائد من المجهول»، وأضيف إليه عاملاً مهما قد يغفل عنه كثيرون من الآباء فى علاقاتهم بأبنائهم، وهو الضغوط التى يمارسونها عليهم وحرصهم الدائم على وصولهم إلى درجة الكمال، وعدم قبول أى خطأ أو تقصير منهم والإسراف والمتابعة المفرطة لسلوك أبنائهم، فهذه الضغوط هى التى أدت بصاحب المشكلة إلى نتيجة عكسية مخالفة تماماً لتوقعات والديه فبدلاً من حرصه على الحفاظ على تفوقه، فإنه خالف تعليماتهما، وهناك خطأ المقارنة المستمرة بين الأبناء والتفرقة بين الولد والبنت، إذ كان الأب دائم القول لإبنه «أنت الولد» مما جعله أكثر عنادا، ولا يعنى ذلك أنى أعفى الإبن من أخطائه، وإنما أحاول تبصير الآباء بأهمية تشجيع الأبناء وفق قدراتهم دون الضغط المتزايد عليهم الذى يأتى بنتائج عكسية.
> د. عوض حنا سعد ـ الإسكندرية: فى رسالة بريد الجمعة «عائد من المجهول»، يحمل رد أ. أحمد البرى بين طياته عظة قيمة لكل الأسر والبيوت، عبر خبرته المتأصلة، وتحليله العميق لواحدة من أهم وأخطر الآفات الاجتماعية، وهى «التدليل المفرط» فى تربية الأبناء، والذى يؤدى إلى تدهور سلوكياتهم ويعصف بحياتهم، ويوقعهم فى دوامة الإنحراف والفشل الزريع. ولعل ما يجب أن يعرفه الأباء، هو أن صنع القائد لا يتحقق إلا بالتربية القائمة على مبدأ تربية النسور الحانية القاسية إذا أرادوا لأبنائهم أن يحلقوا عاليا، إذ تبنى النسور أعشاشها على قمم الجبال الشاهقة حيث العواصف والثلوج والأمطار، وتضع داخل الأعشاش مجموعة من الحصى والقطع الزجاجية الحادة، وتغطيها بالريش الناعم المريح، وعندما يحل وقت مجئ فراخ النسور الصغيرة، تقدم لهم الأم كل الرعاية والاهتمام، وبعد أن تبدأ الفراخ فى النمو، ويكون لديها الاستعداد والقابلية للاعتماد على النفس تزيد الأم تدريجيا مستوى قسوة الحياة فى العش، فتبعد الريش الناعم، ولا تترك سوى الصخور والحصى والزجاج، فتتسلق الصغار جوانب العش الضخم هربا من هذه القسوة، فتصعد إلى قمة العش، وهنا تدفع الأم واحدا منها ليهوى بسرعة شديدة إلى أسفل حيث الصخور المدببة، والزجاج الحاد، وفى اللحظة المناسبة تندفع وراءه، وتحمله على ظهرها، وتكرر هذه العملية، إلى أن يتعلم كل الصغار الطيران، وفى الحقيقة كم نحن فى حاجة لتربية أبنائنا كما تربى النسور صغارها، ففى أحيان كثيرة يتحتم على أبنائنا تذوق مرارة الحب القاسى حتى يكونوا جاهزين للاعتماد على أنفسهم، وتحمل المسئولية، وهذا هو الأسلوب الأمثل لتربية أجيال من الشباب، فيعتمد كل منهم على نفسه، وتكون لديه الإرادة القوية والشخصية القديرة.
رابط دائم: