السؤال الذى سيطر على المهتمين بقرار الرئيس دونالد ترامب منع دخول مواطنى ست دول عربية وإيران إلى الولايات المتحدة، هو: هل يؤدى هذا القرار إلى خفض تهديد الإرهاب فى أمريكا؟. والقرار الذى وقعه ترامب ينص على حماية البلاد من دخول إرهابيين أجانب.
أكثر من جهة متخصصة فى قضايا مراقبة الحوادث الإرهابية اهتمت بعمل دراسات عاجلة لمحاولة الإجابة على هذا السؤال، مثلا دانيال بنجامين، المسئول السابق عن مكافحة الإرهاب فى وزارة الخارجية والمحاضر بكلية دارت موث، قال «فى تقديرى أن هذا القرار هو خطأ كبير فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، فأنا لم أفهم لماذا يكون علينا أن نغضب العراقيين بينما هم الآن قوة تقاتل ميدانيا ضد داعش، ثم إنه سوف يتأكد داخل الولايات المتحدة أن قرار ترامب لن يسفر عن نتائج إيجابية، لأن تهديد الإرهابيين فى الولايات المتحدة قد تحول بقدر كبير إلى خطر ينمو داخل بلادنا».
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن القرار يطلب من وزارة الأمن الداخلى تقديم تقرير خلال 180 يوما، يتضمن إحصائيات دقيقة عن الأجانب الذين يرتكبون أعمال عنف وإرهاب، وقد أعد الباحثون قائمة تفصيلية بالبيانات المطلوبة، ومنها على سبيل المثال أنه منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، لم يقتل شخص واحد داخل الولايات المتحدة فى هجوم إرهابى على يد أى فرد يكون قد هاجر هو أو أى من والديه من الدول السبع التى ذكرها الأمر الصادر من ترامب، وهى سوريا والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن وإيران.
وهذه المعلومات جاءت بناء على دراسة للبروفسور تشارلز كيرزمان أستاذ علم الإجتماع بجامعة نورث كارولينا، والذى قال أيضا إن المسلمين الأمريكيين الذين تورطوا فى أى شكل من التطرف من أى نوع، مثل التآمر لارتكاب عمل إرهابى أو دعم جماعة إرهابية، يمثلون نسبة 23 % فقط من عائلات تنتمى إلى الدول التى حددها قرار ترامب، وأن 123 شخصا قتلوا فى الولايات المتحدة على يد إرهابيين مسلمين منذ أحداث سبتمبر 2001، من بين عدد إجمالى يزيد على 230 ألف شخص، قتلوا على يد عصابات الجريمة أو مهربى المخدرات أو المتعصبين البيض أو المخمورين.
وإذا حسبنا جرائم الإرهابيين من دول إسلامية بالمقارنة بهذا العدد من القتلى فسنجد، أن نسبتها تمثل حوالى 1 % من جرائم القتل بشكل عام فى الولايات المتحدة. وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن قائمة الدول السبع التى أعلنها ترامب لا تشمل دولا أوروبية تحولت فيها مجتمعات للمسلمين إلى موطن للتشدد، وهو ما أدى إلى الهجمات الأساسية التى وقعت فى باريس وبروكسل، تحت اسم دولة داعش الإسلامية. وتقول عمليات تقييم نتائج قرار ترامب، إن الثمن الذى يترتب على القرار لن يكون داخل الولايات المتحدة فقط، بل سيكون أيضا فى الدول الحليفة لها، ومنها دول مسلمة، خاصة ما يتعلق بإستفادة أمريكا من معلومات مخابرات هذه الدول فى مكافحة الإرهاب.
أما فى الداخل فالقرار يبعث برسالة خاطئة إلى المسلمين الأمريكيين بأنهم يواجهون حملة من التمييز والعزلة، وأنه يفيد ادعاءات منظمات الإرهاب من أن أمريكا فى حرب ضد الإسلام. وحسب تقدير جوناثان شينزر نائب رئيس إدارة الأبحاث فى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، قوله «أننا نواجه عددا من النزاعات الدموية المعقدة والمتشابكة مع بعضها، وأن من واجب الإدارة الأمريكية الجديدة أن تمارس السياسات التى تعالج هذه النزاعات، مع الإعتراف بأن ذلك ليس أمرا سهلا». وكما يبدو من هذا الرأى الأخير لجوناثان شينزر، فإن الرئيس دونالد ترامب قد تسرع بهذا القرار، الذى يجب أن يأتى من خلال دراسة دقيقة وشاملة للنزاعات المشتعلة فى الشرق الأوسط، والتى تقع مسئوليتها فى الأساس على قوى خارجية شاركت فى إيجاد منظمات الإرهاب وتمويلها، وهو ما أدى فى النهاية إلى ظهور تنظيم داعش وتوحشه وقدرته بعد ذلك على تفريخ عناصر إرهابية انتشرت فى دول الغرب ومن بينها الولايات المتحدة، وبالتالى فإن القضاء على الإرهاب يعد هدفا أكبر وأبعد مدى من منع دخول مواطنى سبع دول إلى الولايات المتحدة. لكن الأمر يبدأ بدراسة حقيقية عن بداية إيجاد هذا الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط، وتركه دون مواجهته إلى أن إستفحل خطره إلى هذه الدرجة التى نراها الآن.
رابط دائم: