«ستبقى الحرب فى سوريا وما خلفته خطراً يهدد لبنان» بهذه العبارة يستقبل اللبنانيون - حالياً - الحديث عن تداعيات الأزمة السورية وما خلفته من آثار سلبية على الداخل اللبناني،
من مشاهد قصف ودمار للبنية التحتية للبلاد وتوقف لحركة التجارة والسياحة للبنان، بل وزاد الموقف تعقيداً لجوء ما يقرب من مليون ونصف المليون سورى فارين من الحرب الدائرة فى بلادهم الى لبنان سواء بطرق شرعية أو غير شرعية، أى ما يزيد على ربع تعداد سكان لبنان المقدَّر بـِ 4.3 مليون نسمة، وفقاً للإحصاءات الرسمية، بالإضافة الى الفلسطينيين المقيمين فى لبنان والبالغ عددهم من المسجلين لدى «الأونروا» بنحو 483 ألف لاجئ، بينهم 210 آلاف لاجئ يقيمون داخل المخيمات، بينما يعيش 273 ألفًا فى 58 تجمعًا او مناطق متفرقة خارج المخيمات.
فى لبنان التقينا عددا من الأسر فى منطقة البقاع الغربي، فى محاولة للتعرف منهم عن حجم المعاناة الحالية التى يعانونها جراء الأزمة فى بلادهم، حيث تعتبر أزمة اللاجئين السوريين واحدة من أكبر وأطول وأعقد حالات الطوارئ الإنسانية فى العصر الحديث، حيث يعانى قطاع كبير منهم مشاكل كثيرة لم تستطع الدولة حلها، حيث يعيشون فى مساكن قديمة أو مخيمات لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف، فضلاً عن نقص إمدادات المواد الغذائية والمساعدات الإغاثية.
لكن وكعادة العرب انقسمت الآراء بين مؤيد لما سموه الثورة السورية؛ وأن التهجير كان قصرياً بسبب قصف قوات النظام السورى لبلداتهم، وبين معارض لها مستشهداً بالأيام الخوالى التى عاشها فى دياره، كما وجد فريق ثالث من الأزمة حلولاً له اعتماداً على المعونات الدولية التى تصرف لأسرته عبر البنوك الوطنية اللبنانية من الأمم المتحدة ومنظماتها، وهنا باتت الأزمة أكثر تعقيداً فيما يتعلق بالأمور الحياتية للمواطن اللبنانى خاصة بسبب عدة عوامل من أبرزها: أولا، زيادة معدل البطالة بسبب استبدال العمالة اللبنانية بأخرى سورية، فحسب إحصائيات البنك الدولى للعام الفائت فإنه قبل ظهور الأزمة السوريّة، كان هناك 11% من القوى العاملة عاطلة عن العمل فى لبنان، ما يجعل من متوسط فترة البطالة طويل نسبياً، ويبلغ 13 شهراً للرجال و10 أشهر للنساء، بينما تبلغ معدّلات البطالة الخاصّة بالنساء نسبة 18% ومعدّلات البطالة الخاصّة بالشباب نسبة 34%.. ثانيا، الاقتصاد غير المنظم حيث يرى البعض من اللبنانيين أن هناك تدهورا فى اقتصاد دولتهم بالإضافة الى العجز الكبير فى ميزان المدفوعات الذى بلغ مطلع عام 2015 نحو مليار وربع المليار دولار، ويضاف إليه تراجع حركة الصادرات والتجارة الخارجية وحركة البناء وركود فى الاقتصاد، حيث لم تحقق معدلات النمو 2% فى السنتين الماضيتين فى أفضل الأحوال. ثالثا، العجز الدولى فى تلبية احتياجات اللاجئين حيث إن هناك تراجعا ملحوظا فى التمويل الذى تقدمه الجهات المانحة، والمساعدات غير المدروسة من قبل المؤسسات الإغاثيّة حول العالم. رابعا، هروب رءوس الأموال سحب الإستثمارات الخليجية من لبنان بسبب مواقف بعض الأطراف اللبنانية الداعمة للنظام فى سوريا، فأضحت احتمالات إيجاد فرص عمل أصعب بكثير من ذى قبل. خامسا، هاجس التوطين كجزء من مشروع دولى يراد فرضه على لبنان؛ رغم أنه لا يوجد أى نص أو مبدأ فى القانون الدولى يلزم أى دولة بإعطاء الجنسية للاجئ، بما فى ذلك اتفاقية 1951.
رابط دائم: