ما بعد محادثات آستانة..البحث عن الحل الدائم للأزمة السورية
السفير رخا أحمد حسن : دور مهم للأمم المتحدة فى التفاوض على تشكيل الحكومة

ويوضح السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق أبعاد الأزمة السورية وواقعها الحالى من جميع جوانبها والأطر المختلفة للتعاطى معها من خلال التحركات الدولية والأقليمية ومنها أخيرا محادثات آستانة وما تمخض عنها من نتائج. وأوضح ان الأزمة السورية لها أبعاد كثيرة لانها بمنزلة صراع داخلى إقليمى دولى وقد أخذت الأزمة السورية منحنى مختلفا لمصلحة النظام السورى بالتدخل الروسى 30سبتمبر 2015حيث وضع هذا التاريخ حدا فاصلا ما بين الرغبة فى إسقاط النظام والتفاوض بين النظام والمعارضة، معتبرا انه بهذا التدخل تراجعت تماما مسألة إسقاط النظام مما أدى الى عدة نتائج منها تغير تدريجى واقعى فى الموقف التركى على ضوء الصعوبات التى تواجهها تركيا مع الأكراد الأتراك او الوضع الاقتصادى الداخلى وحالة الاحتقان التى كانت موجودة بين حزب التنمية والعدالة وتنظيم الخدمة التابع لجولن ومنها كان هناك تراجع فى الموقف التركى فى الوقت الذى ظل فيه الموقف السعودى متشددا الى ان احرز النظام السورى نوعا من التقدم الملحوظ فى مناطق كان قد فقدها واستردها وبدأ يقوى ولا يفقد أى منطقة يستردها الا فيما ندر .

وحول الموقف الأمريكى يوضح انه فى آخر فترة حكم أوباما بدأ يقترب من الموقف التركى وتم اتفاق بين وزير خارجية أمريكا السابق جون كيرى ووزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف على ان يتم التفاوض وانهاء هذه الأزمة بأسرع ما يمكن ولكن الأتراك والسعوديين والايرانيين لم يكونوا موافقين على ذلك واعلنت تركيا قبولها التعامل مع الرئيس بشار الأسد وفرنسا قالت انه من غير الواقعى ان يتم التحدث عن تسوية سلمية للازمة دون الرئيس الأسد على اعتبار انه رمز للجيش لان الجيش عقائدى. وهنا بدأت تركيا تتحدث نيابة عن الولايات المتحدة الامريكية والسعودية باعتبارها عضوا فى حلف الناتو وبحكم التحالف الاستراتيجى بينها وبين السعوديه وتبنت روسيا وجهة نظر النظام وإيران لكن كان هناك تفاوت فى الموقف الإيرانى عن الموقف الروسى نظرا لان الموقف الإيرانى كان له أهداف أبعد عن الموقف الروسى الذى يعتمد على القواعد وعلى الوجود العسكرى والتسليح وان ذلك كان بمنزلة تحد بين موسكو والولايات المتحدة الأمريكية والدول التقليديه فى المنطقة .

ثم جاءت مرحلة انتقالية، وكان لابد من عدم ترك الأمور على ما هى عليه لانه من الصعب التوصل الى حل عسكرى بسبب عدم وجود طرف يسلم بالهزيمة، فالفصائل المدعومة عسكريا سواء من دول الخليج أو الولايات المتحدة أو تركيا من ناحية وفصائل المعارضة المستقلة او التي ليس لديها مانع فى التفاوض مع النظام من ناحية اخرى والنظام السورى وروسيا وإيران وحزب الله فبدأ التفكير فى حل لان قرار مجلس الأمن الصادر فى أواخر 2015 ورقمه 2254 والذى يضع الإطار العام لحل الأزمة السورية سلميا لدرجة انه يتحدث عن اعادة التعمير والانتخابات ومراقبة الانتخابات وكانت نقطة الضعف به هى عملية وقف اطلاق . ومن هنا كان لابد من صيغه لضبط وقف القتال أو العدائيات فكان التفكير الروسى لعقد مؤتمر للاطراف السوريه سواء المعارضة او تقوم بالتنسيق مع الحكومه والايرانيين واختارت الآستانة باعتبار انها من ناحيه دولة اسلامية وبعيدة عن الدول الكبرى وكذلك أرض صديقة لروسيا من اجل هدف أساسى هو ضبط وقف القتال وضمان التزام الأطراف به ومراقبة الانتهاكات والعمل على توصيل المساعدات للمحاصرين وفك حصارهم وكان هذا الهدف الرئيسى لمحادثات آستانة 1 ليصل الى هذه الصيغة استعدادا لجنيف 4التى كان محددا لها فبراير الحالي. وبالنسبة للولايات المتحدة الامريكية فكانت فى حالة ارتباك داخلى بشأن اختيار الوزراء وتأخر اعتماد وزير الخارجية الامريكى الجديد فرئى ان يؤجل جنيف 4الى 20فبراير الحالى حتى يكون هناك حضور أمريكى لما له من تأثير على بعض الدول حيث اعتبرت بعض القوى ان وقف اطلاق النار وصل الى 90% فكان التفكير لم لا يعقد محادثات آستانة 2 بما يمهد أكثر لمؤتمر جنيف 4 وقد أكدت محادثات أستانة 2 على نفس النقاط من خلال تنفيذ آلية من الدول الثلاث الضامنة وهى روسيا وتركيا وإيران لضمان وقف اطلاق النار من كل الأطراف ما عدا داعش وجبهة فتح الشام او النصرة ورصد الخروقات وبدأ ضبط اطلاق النار والعمل على توصيل المساعدات للمحاصرين والنازحين . من جانب آخر، جدد النظام السورى العفو الى 30يونيو القادم بحيث يتم العفو عن كل من يسلم المناطق الموجود بها دون شروط او دية او قتال و من يرغب فى الانضمام للجيش يتم ضمه ومن ناحية اخرى قامت روسيا بعمل مشروع دستور لسوريا استعدادا لجنيف 4 وعارضته أطراف واكد وزير الخارجية الروسى اننا لا نفرض دستورا وان ذلك مجرد اقتراح وفِى نفس الوقت بدأ يظهر الاختلاف بين ايران وروسيا حيث طلبت ايران ان تتم إخلاء المناطق التى يتم السيطرة عليها وإعادة من يريدون عودتهم او توزيعهم ورفضت ذلك روسيا لأنها ليس لها أهداف عقائدية مثل ايران وقد ظهر مستجد ان الأطراف رأت ان الاْردن لابد وان يدخل فى المفاوضات باعتبار انها دولة حدود وسبق انه بعد صدور قرار مجلس الأمن 2254 ان الاْردن عهد لها بتحديد وفرز الجماعات الارهابيه لكن أطرافا لم تقبلها كما ان الاْردن لديها مجموعات كبيرة من اللاجئين السوريين وبالتالى فهى دولة مهمة وسيكون لها دور فى عملية التسوية وقامت الاْردن بعملية عسكرية ضد داعش فى احد المواقع كما شاركت بوفد فى آستانة 2 .

ما بعد محادثات آستانة

يشير السفير رخا احمد حسن إلى ان المرحلة التالية بعد آستانة 2 ان يطلب السكرتير العام للامم المتحدة من مبعوثه الخاص الى الأزمة السورية ستيفان ديمستورا ان يقوم بتحضير برنامج للحل والتفاوض على تشكيل الحكومة حيث وفرت محادثات آستانة وقتا طويلا فى عملية وقف اطلاق النار وأصبح هناك اقتراب من بنود قرار مجلس الأمن وهو تشكيل حكومة انتقالية وسلطاتها ودور الرئيس بشار الأسد وعودة النازحين واللاجئين وضمانات إعادتهم وتتولى الامم المتحده مع الدول المانحة المساعده فى العوده واقرار دستور جديد .

ثوابت الموقف المصرى

يتأسس الموقف المصرى على قناعة بالحاجة الملحة للتوصل لحل سياسى يوقف العمليات العسكرية والتدخلات الخارجية ويحقن دماء الشعب السورى ويحقق المطالب المشروعة لهذا الشعب فى دولة ديمقراطية و قد انخرطت مصر عبر أدواتها الدبلوماسية فى كلِ الجهود الرامية إلى التوصلِ لحل سياسى يسطر نهاية لهذه الأزمة ويحفظ وحدة وسلامة سوريا ويحقق تطلعات الشعب السورى المشروعة.