رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد اهتمام الدولة بالمنظومة الصحية
جراحة عاجلة لتطوير المستشفيات الحكومية

تحقيق ــ سيد صالح

◙  8 مليارات جنيه لإصلاح وتطوير المستشفيات والمنشآت الطبية الحكومية خلال عامين  الانتهاء من تطوير 1041
◙ وحدة للرعاية الصحية  فى القرى والمحافظات  

◙ التعاقد مع استشاريين فى التخصصات غير المتوافرة ..وتطوير نظم مكافحة العدوى قاعدة بيانات لأسرّة الرعاية المركزة الشاغرة وربطها بسيارات الإسعاف لتوجيه المريض إليها مباشرة

◙ مطلوب زيادة ميزانية «الصحة» إلى 60 مليار جنيه ..والتمويل والتدريب ونقص الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية أبرز التحديات

 

كم من مرضى لقوا حتفهم بسبب نقص العلاج، أو تدنى الخدمة الطبية بالمستشفيات الحكومية؟.. كم من مرضى ماتوا بسبب الإهمال الطبى الجسيم؟.. كم من مرضى تأخرت حالتهم لأنهم لم يتلقوا العلاج المناسب فى الوقت المناسب؟..

كم من قوائم انتظار راح ضحيتها المرضى؟.. كم من مستشفيات تعانى من تدهور حالة الأجهزة الطبية أو نقصها؟.. وكم من مرضى لفظوا أنفاسهم بسبب علاج خاطئ أو تشخيص غير دقيق لحالتهم المرضية؟.. وكم من أطباء تركوا مواقع عملهم بالمستشفيات وتفرغوا لإدارة عياداتهم الخاصة.. صحيح أن ميزانية الصحة هزيلة.. وأن العديد من المستشفيات الحكومية تؤدى دورها فى ضوء الإمكانات المتاحة لها، ومن ثم فقد أصبح تطوير تلك المستشفيات أمرا حتميا لا مفر منه.

الآن.. وبعد سنوات طويلة من الإهمال، والقصور ، والفوضى، وتدنى مستويات الرعاية الصحية، وغياب الخدمات الطبية اللائقة، حان وقت تطوير المستشفيات الحكومية - تلك الخطوة التى تأخرت كثيرا- حتى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي، موجها رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، ووزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين بضرورة بذل مزيد من الجهد لتطوير الخدمات الطبية فى مصر، ورفع كفاءة العنصر البشرى العامل فى القطاع الطبى ، مع الاستمرار فى تحديث المنشآت والإمكانات الطبية، وبما يسهم فى الارتقاء بالخدمة الطبية المقدمة للمواطنين وتحسين مستوى الرعاية الصحية التى يتلقونها، مشدداً على ضرورة امتداد جهود التطوير الجارية لتشمل سيناء ومحافظات الصعيد والمناطق النائية، وكذلك ضرورة الاستمرار فى تعزيز المعروض من الأدوية بالأسواق، موجها بقيام الدولة بتوفير الأدوية المستوردة التى ليس لها بدائل محلية، وضمان توفر مختلف أنواع الأدوية بأسعار مناسبة مع توفير الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ ذلك ، وكذلك تطوير صناعة الدواء المحلية وتحسين تنافسيتها، والعمل على جذب استثمارات جديدة فى مجال صناعة الدواء، فضلاً عن نقل التكنولوجيا المتقدمة فى هذا المجال إلى مصر.

وقبل أيام، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء ، والدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة والسكان، حيث قدم الوزير تقريرا للرئيس السيسى حول جهود تطوير المستشفيات الحكومية والمراكز العلاجية فى مختلف أنحاء الجمهورية، وتخصيص ما يزيد على 8 مليارات جنيه، لإصلاح وتطوير المستشفيات والمنشآت الطبية الحكومية التى تحتاج إلى تطوير خلال العامين المقبلين، وذلك من واقع الزيارات الميدانية التى قام بها الوزير فى عدد من المحافظات، كما اطلع السيد الرئيس على الجهود المبذولة لتطوير منظومة الصحة فى مصر.

وأشار الوزير- عقب اجتماعه مع الرئيس إلى تخصيص ما يزيد على 8 مليارات جنيه لإصلاح وتطوير المستشفيات والمنشآت الطبية الحكومية التى تحتاج إلى تطوير خلال العامين المقبلين، وذلك من واقع الزيارات الميدانية التى قام بها لعدد من المحافظات.




►فاتورة التطوير

وفى سبيل تطوير المستشفيات الحكومية، وعلاج أوجه القصور بها، وضعت وزارة الصحة وفقا لما أعلنه الدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة والسكان أمام مجلس النواب أخيرا - خطة تتضمن 12 محورا ، بتكلفة تصل إلى 8 مليارات و271 مليون جنيه، مشيرا إلى أنه تم حصر جميع المستشفيات بمحافظات الجمهورية، وسيتم الانتهاء من تطوير 160 مستشفى بنهاية عام 2017، وأنه تم الانتهاء من تطوير 2022مستشفى، وسيجرى تطوير 2258 مستشفى بتكلفة خمسة مليارات جنيه، وأن هناك 5314 وحدة للرعاية الصحية فى القرى والمحافظات ، تم تطوير 1041 وحدة منها، بالاستفادة من قرض لوزارة الصحة عام 2008 بلغ 78 مليون دولار، فى محافظات الصعيد، فضلا عن الانتهاء من تطوير 78 وحدة للرعاية الصحية بمنحة إماراتية، وسيتم تطوير باقى الوحدات خلال فترة تتراوح ما بين 2 إلى 3 سنوات، وهناك 10 آلاف سرير للرعاية المركزة فى المستشفيات ، وهناك عجز يقدر بنحو 3 آلاف سرير على مستوى المحافظات، كما تم إطلاق منظومة جديدة لإنشاء قاعدة بيانات حول أسرة الرعاية المركزة الشاغرة، وربطها بسيارات الإسعاف، حتى يمكن توجيه المريض إليها مباشرة ، فضلا عن خدمة 137 الخاصة بالاتصال التى يمكن للمواطن من خلالها- التعرف على أسرة الرعاية المتاحة، والتوجه إليها مباشرة، وينبغى زيادة ميزانية وزارة الصحة من 47 مليارا إلى 60 مليار جنيه لاستكمال مشروعات تطوير المستشفيات، ووحدات الرعاية الصحية الأولية، ومنظومة الرعاية المركزة، وإجراء مسح إحصائى لاحتياجات المستشفيات على أرض الواقع من خلال الجولات الميدانية للوزير، فضلا عن التعاقد مع استشاريين على مستوى متقدم خاصة فى التخصصات غير المتوافرة بمستشفيات الوزارة، مثل المخ والأعصاب، وجراحات التجميل، ودعم المستشفيات بأجهزة الأشعة المقطعية متعددة الشرائح، وأجهزة الرنين، وتغيير نظم مكافحة العدوى بالمستشفيات.

► أسباب عديدة

وبشكل عام، فإن واقع المنظومة الصحية فى مصر لا يسر عدوا ولا حبيبا، ، حيث تعانى تلك المنظومة من انتكاسة حقيقية فى المجالات العلاجية والوقائية، الأمر الذى ألقى بظلاله على مستوى الصحة العامة، وتتضمن تلك الأسباب كما يقول الدكتور محمد على عز العرب استشارى الكبد ورئيس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد -سوء الإدارة الطبية، وعدم وجود رؤية محددة الملامح والأولويات وغياب الخطط واضحة الاستراتيجيات، والتى لا تتغير بتغير الوزراء، أضف إلى ذلك سوء توزيع القوى البشرية، وكذلك سوء توزيع أطباء الريف، إلى جانب تدنى التنمية البشرية للعاملين فى المجال الصحي، وعدم كفاية التدريب وإعادة التدريب، ما أدى لزيادة الأخطاء البشرية، وكذلك تدنى مستوى الإنفاق على الصحة فى الموازنة العامة للدولة ، ما أثر سلبيا على توفير الأساسيات من التجهيزات الطبية ، والأدوية، والمستلزمات الطبية، والخدمات الوقائية، كما أدى لتدهور مستوى العلاج بالمستشفيات العامة، والمراكز الحكومية، ونقص واضح فى بعض التخصصصات مثل جراحات المخ والأعصاب والتخدير والعلاج بالأشعة التدخلية فى معظم المحافظات، وخدمات الطوارئ، وانتشار الأخطاء الطبية وعدوى المستشفيات وقصور واضح فى تحديث الأجهزة الطبية، وعقود الصيانة اللازمة لها، وهناك تدهور واضح فى الجانبين الوقائى والأبحاث الصحية ، لغياب سياسة صحية واضحة المعالم، والمدة الزمنية ، فضلا عن تدنى التوعية والتثقيف الصحي.




► إعادة هيكلة المستشفيات

يضاف إلى ذلك ضرورة التفعيل العملى للمجلس الأعلى للصحة، وإنشاء مجلس أعلى للتخصصات الطبية، وتفعيل الزيادة السنوية للإنفاق على الصحة حسب الدستور لتصل إلى 15% من الموازنة خلال 5 سنوات، ما سينعكس إيجابيا على الخدمات الصحية المقدمة، ولابد من إعداد خطة عاجلة لإعادة هيكلة المستشفيات العامة ( أكثر من 400 مستشفى) وحصولها على درجة الاعتماد، ودعم مراكز الرعاية الصحية الأولية كمستوى أولى للخدمات الصحية للمواطنين، وربطها بنظام تحويل بالمستشفيات العامة كمستوى ثان، وصولا للمستوى الثالث وهو المستشفيات والمراكز التخصصية، وربط جميع مراكز الطوارئ وخدمة 137 لمعالجة الخلل الحادث حاليا، والتطبيق الفورى للجودة لمكافحة العدوى، وتنفيذ نظام التأمين الصحى الاجتماعى الشامل بدلا من العلاج على نفقة الدولة وقصر دوره على العلاج بالخارج كما كان سابقا، والبدء بالمحافظات المحرومة خاصة الصعيد ، ووضع سياسة عادلة لتوزيع القوى البشرية المدربة على كل الوحدات وحسب الاحتياج الفعلي، وإعداد خطة عاجلة لتدريب العاملين فى القطاع الصحى داخليا وخارجيا، وزيادة فرص الابتعاث الخارجي، وزيادة مخصصات البحث العلمي، وإنشاء مصنع للمواد الخام الأولية، لتوفير أدوية بسعر مناسب للمريض المصري.


► تدريب الأطباء

وإذا أردنا ضمان خدمة طبية متميزة، فلابد من الاهتمام بالعنصر البشري، فهويمثل أحد أركان المنظومة الصحية ، ويضم الأطباء والتمريض، والاثنان يعانيان مشكلات عديدة من أبرزها تدنى الأجور، ونقص التدريب، الذى يحتاج إلى مكان، ومدربين، وأجهزة « سيميلتور» للتدريب عليها، وهى أجهزة تشبه جسم المريض الطبيعي، لكنها صناعية، ويستلزم توفير كل ذلك تدبير مبالغ مالية للانفاق على عمليات التدريب، الأمر الذى لا يمكن تلبيته فى ظل تدنى الميزانية المخصصة للصحة.

► التمويل هو الحل

ويرجع تدهور المنظومة الصحية كما يقول الدكتور فهيم بسيونى أستاذ الجراحة بكلية طب قصر العيني- لعقود من الإهمال، وغياب التخطيط، وقصور الميزانيات، وتراكم الأخطاء، إذ لا يستطيع أى وزير للصحة، مهما يكن أن ينهض بالمنظومة الصحية دون توفير التمويل المالى اللازم، لتنفيذ الخطط والاستراتيجيات قصيرة وبعيدة المدى، وإذا لم نوفر الميزانيات اللازمة لتطويرالقطاع الصحي، فلا جدوى من أى خطط للتطوير، مشيرا إلى أن الخدمة الطبية تقوم على عنصرين أساسيين، هما الإمكانات المتاحة، والعنصر البشري، وأى قصور فيهما يؤدى لتدهور مستوى الخدمة، ناهيك عن سوء توزيع الخدمات الطبية، فهناك مناطق لا توجد بها تخصصات بسيطة، كما أن العديد من المستشفيات لا توجد بها أجهزة طبية كالمناظير الجراحية، وأخرى لا يوجد بها طبيب تخدير، بالإضافة إلى ضعف وقلة فرص التدريب، فالحصول على الماجسيتر أو الدكتوراه، لا يؤهل الطبيب لتقديم خدمة طبية كفؤة ومتميزة، ما لم يحصل على التدريب الكافي، يضاف إلى ذلك غياب الرقابة والمتابعة، ونقص الأجهزة الطبية، وعدم وجود معاييرللخدمة الطبية كما فى الدول المتقدمة ، حيث يستطيع المريض الحصول على الخدمة الطبية فى أى مستشفى بمعايير محددة، تضمن جودة الخدمة المقدمة للمريض، باستثناء تخصصات محددة.

► التعليم الطبى المستمر

وعطفا على ذلك، يحذر الدكتور حسين خالد وزير التعليم العالى والبحث العلمى الأسبق، ورئيس لجنة القطاع الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات- من غياب المتابعة ونقص التعليم الطبى المستمر، وكذلك فى ظل غياب التقييم المستمر لمستوى الأداء الطبى على المستوى الحكومى أو الخاص، وفى ظروف كهذه ، فإنه من المتوقع حدوث أخطاء، ومن ثم فإن التعليم الطبى يحتاج ثورة شاملة، ولابد من بذل جهود كبيرة للتصدى للظواهر السلبية فى القطاع الطبي، وبطبيعة الحال هناك مشكلات مزمنة، منها نقص الميزانيات اللازمة للتعليم والتطوير والتدريب الطبي، فضلا عن القوانين العتيقة التى تحكم الممارسة الطبية.

► مشكلات بالجملة

الدكتور إبراهيم عبد النبى رئيس وحدة جراحات مناظيرالجهاز الهضمى بكلية طب عين شمس- يثيرقضية أخرى فى غاية الأهمية، وتتعلق بنقص الميزانيات المخصصة لمستشفيات وزارة الصحة، وغيرها من المستشفيات كالجامعية، والمستشفيات التابعة للمؤسسات العلاجية، وكذلك مستشفيات التأمين الصحي، وقد أدى نقص التمويل إلى تدهور حالة الأجهزة المستخدمة فيها كالمناظير، وأجهزة الأشعة، وطاولات العمليات، إما لقدمها، أو لغياب الصيانة ، ولا يمكن إلقاء اللوم على وزارة الصحة فهي»معذورة«، لأنها تتحرك فى ضوء الامكانات المالية المتاحة، والتى تأتى على حساب الخدمة الطبية، وتؤدى إلى انهيارها .

وعند الحديث عن سبل تطوير المنظومة الصحية، يقول الدكتور إبراهيم عبد النبى لا يكفى حصول الطبيب على شهادات علمية كالماجستير والدكتوراه، بل يجب عليه اجتياز دورات وبرامج تدريبية فى التخصص الذى يعمل به، لكى يؤدى الخدمة الطبية بكفاءة، مشيرا إلى أن مشكلات المنظومة الصحية يمكن حلها من خلال توفير الميزانيات اللازمة للنهوض بهذا القطاع الحيوي، مؤكدا أن منظومة الصحة تعانى مشكلة فى الإدارة، والتدريب، ونقص التمويل اللازم لشراء الأجهزة الطبية، وصيانتها، وتوفير العلاج للمرضى، وكلها مشكلات يمكن التغلب عليها إذا توافرت الميزانية اللازمة لذلك.


[email protected]

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق