وكأن الجهات المسئولة استيقظت فجأة فوجدت مئات بل آلاف الكافيهات المخالفة بدون ترخيص بعد مقتل «محمود بيومي» بأحد تلك الكافيهات بمصر الجديدة فتحولت جميع اجهزتها إلى وحش كاسر يحطمها يمينا ويسارا
واذا كانت تلك الجريمة التى أدمت قلوب المصريين جميعا بمنزلة ناقوس خطر دق عالم الكافيهات والملف الاسود للفساد فإذا كان هؤلاء المخالفون قد حاولوا التربح بالمخالفة للقانون الا ان المسئولين عن تنفيذ هذا القانون اشد جرما منهم و هم من سمحوا لهم بدهس القانون بعدما وضعوا ضمائرهم قبل القانون مطية لجشع هؤلاء.
فحالة التواطؤ واضحة بين الجهات المنوط بها ضبط الشارع وإزالة إشغالات الأرصفة وبين أصحاب تلك المقاهى حيث أسفر غياب الأجهزة الرقابية عن أن يقوم المخالفون بمخالفة القانون غير مهتمين بحق المواطن فى المرور أمام المقاهى الذى أصبح شبه مستحيل وأصبح أصحابها لا يخشون القانون ويفرضون سياسة وضع اليد والبلطجة
من المفترض أن تخضع المقاهى لرقابة المجالس المحلية وشرطة المرافق و جهاز البيئة و مباحث المصنفات التابعة لوزارة الثفافةو الحماية المدنية ووزارة الصحة متمثلة فى هيئة السلامة والصحة المهنية رغم تعدد تلك الجهات فإن أياً منها لم يستطع ردع فوضى المقاهى التى تتعدد الإجراءات اللازمة من أجل السماح بتراخيصها ويلجأ بعض أصحاب المقاهى عادة الى التحايل على القانون ببيع المأكولات لإيهام المسئولين بأن نشاط المحل مطعم للهروب من الغرامات.
وطبقا للتقديرات غير الرسمية يصل عدد المقاهى والكافيهات على مستوى محافظات مصر فى المتوسط إلى 1.5 مليون مقهى تقريبا وقد أثبتت أبحاث أجراها المركز المصرى لأبحاث مكافحة التدخين أن أكثر الأماكن العامة ضررا بالصحة هى المقاهى حيث وصلت نسبة الجزيئات العالقة بالجو إلى 775 ميكروجراما لكل متر مكعب وهى نسبة شديدة الخطورة
وقد أعلنت محافظة القاهرة أن المحافظة تضم 100 ألف مقهى 20 ألفا فقط منها مرخص وعدد المقاهى تضاعف 10 مرات منذ عام 2007 وفتح مقهى بأى منطقة دون إذن أو تصريح فإن كل ما هو مطلوب أن تتقدم لرئيس الحى بطلب فتح كافيه سياحى أو مقهى وعندما يأتى إليك أى مسئول تؤكد له أنك فى طريقك لاستخراج رخصة وهو ما فتح عالم الكافيهات والكافيتريات التى تطورت وانتشرت فى الفترة الاخيرة بشكل كبير بمباركة الجهات المسئولة والمتعددة والاخطر من كون عدد كبير منها دون تراخيص هو العالم الخفى لتلك الكافيهات والذى يحكمه البودى جاردات وقانونهم الخاص ..
وتشهد عدد من تلك الكافيهات ملتقى لفتيات الليل وراغبى المتعة لعقد صفقات الحرام بمباركة مسئولى بعض تلك الكافيهات المشبوهة وكان آخر تلك الوقائع سقوط سيدة تلقب بالكبيرة بأحد الكافيتريات الشهيرة فى العمرانية يوم الخميس الماضى تعتبر اشهر قوادة بمناطق الهرم وفيصل والعمرانية تستقطب الساقطات وراغبى المتعة وتعقد اتفاقاتها بتلك الكافيتريا وضبط بصحبتها سيدتان ورجل اعمال من راغبى المتعة وعلى الرغم من هذا العدد الضخم من الكافيهات المخالفة والتى تعمل اناء الليل والنهار امام اعين جميع المسئولين فالكافيهات ليست قطعة مخدرات يتم اخفاؤها وانما هى محال ومبان ان لم يتمكن منفذ القانون من رصدها فإنه تقصير يجب أن يحاسبوا عليه وان رصدوها ولم ينفذوا القانون بغلقها فانهم شركاء فيما الت اليه احوالها حتى وقع حادث مقتل «محمود بيومي» عقب انتهاء مباراة مصر والكاميرون فى نهائى كاس الامم الافريقية داخل احد هذه الكافيهات ليفتح الملف الاسود لهذه الكافيهات فبدأت الاجهزة المعنية حملات امنية مكبرة لغلق وازالة الكافيهات المخالفة ليطرح ذلك تساؤلات كثيرة فى اذهان الناس هل المسئولون لم يتنبهوا لتلك الظاهرة الا بعد الحادث؟ وهل الاجراءات الصارمة التى يتم اتخاذها والحملات المكبرة سوف تستمر ام انها عاصفة و تعود الاوضاع إلى اسوأ مما كانت عليه؟ وهل القانون كائن حى يستيقظ وينام بمنبهات واجراس انذار؟ ملف شائك يحتاج لحل حقيقى وعلاج نهائى دون مسكنات.
رابط دائم: