رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الترجمة إلى العربية .. أين و إلى أين ؟!

تحقيق: رانيا رفاعي
بنظرة سريعة على أرفف المكتبات لمطالعة عناوين أحدث الاصدارات تجد أننا نعانى عجزا شديدا في الأعمال المترجمة إلى العربية ، وذلك فى كل فروع العلم و المعرفة و الابداع بوجه عام .. و المتابع لسوق الكتاب فى مصر سيدرك جيدا أن هذه الظاهرة عمرها سنوات .. الظاهرة فى حد ذاتها كفيلة بإثارة العديد من الأسئلة شديدة الأهمية وهى : حركة الترجمة فى مصر أين و إلى أين ؟ و ما هى الجهود المبذولة لتدارك الأزمة؟ و لماذا تراجع دور المترجمين فى مصر مقارنة بالعديد من الدول العربية؟ .. الأهرام توجهت بكل هذه الأسئلة على المعنيين بشأن الترجمة فى مصر…

بداية، يعترف الدكتور محمد عنانى أستاذ الأدب الانجليزى و شيخ مشايخ المترجمين فى مصر و العالم العربى إننا بالفعل فى أزمة فى هذا الصدد و بحاجة ماسة لقرار من الدولة للخروج منها.

وأوضح أن الصعوبة فى الحصول على حقوق الترجمة والنشر تتمثل فى موافقة البنك المركزى على تحويل المبلغ المالى الذى تطلبه دار النشر الأجنبية مقابل الموافقة على ترجمة كتاب ما ، حيث ترى وزارة المالية صعوبة فى خروج العملة الصعبة من البلاد فى ظل أزمة الدولار الحالية.

و يرى الدكتور عنانى أن هذه المشكلة كارثية بالنسبة لأى مترجم من المفترض أن يكون بلا قيود .. و أشار إلى أنه هو شخصيا وقع تحت الضغط نفسه و اضطر لترجمة الأعمال الكلاسيكية التى لن يطالب أحد بحقوق النشر فيها مثل مسرحيات شيكسبير و الفردوس المفقود و أعمال هارولد بينتر المتوفى فى عام 2005 .. و منذ هذا العام تحديدا بدأت دور النشر تطالب بحقوقها عن كل ترجمة تصدر لأى عمل صدر من خلالها.

و أشار الدكتور عنانى إلى أن المركز القومى للترجمة أخذ حقوق النشر الخاصة بموسوعة الهرمينوطيقا و هى موسوعة معنية بعلم التأويل و التفسير و تهم قطاعات كبيرة وواسعة من أصحاب العلوم المختلفة سواء الإنسانية أو الطبيعية . و قال إن الموسوعة طبعت فى عام 2015 و تم الانتهاء من ترجمتها بالكامل فى عام 2016 مع العلم أنها تقع فى 1500 صفحة مقسمة على ثلاثة أجزاء ، لكنها حتى الآن لم تخرج إلى النور بسبب رفض البنك المركزى تحويل 1000 دولار قيمة حقوق النشر الخاصة بها.

و عبر الدكتور عنانى عن أمله فى أن تنظر الدولة بعين أكثر اهتماما للشأن الثقافى فى البلاد و أهميته فى بناء مستقبلها. و ألا تترك العقبات تفرض فى طريق نور العلم الذى تمثل الترجمة أهم شرايينه... و قالها صراحة : إن الدولة تتعامل مع أمور الثقافة و الفكر على أنها كماليات فى حين أن الباب عادة ما يكون مفتوحا فى الاستيراد أمام أشياء أقل أهمية بكثير مثل التليفونات المحمولة و الاكسسوارات أو أى شيء آخر.

أما دور النشر الخاصة ، فهى عادة لا تغامر و تقدم على نشر أعمال تدفع أموالا بالعملة الصعبة فى سبيل الحصول عليها و لا تضمن أن العائد سيغطى تكاليف هذه العملية أم لا.

مغيث … المنحنى فى صعود

و من جانبه يرى الدكتور أنور مغيث رئيس المركز القومى للترجمة أن الوضع ليس متأزما كما يتخيل البعض ، لأن حركة الترجمة فى مصر ماضية قدما و إن وقفت فى طريقها بعض التحديات تجعلها أقل من المأمول أو من المفترض أن تكون عليها فى دولة مثل مصر بثقلها الثقافى و الحضاري. لكن مقارنة بالثمانينات و التسعينيات من القرن الماضى سنجد أن المنحنى فى صعود . هذا بالإضافة إلى أن لدينا مجموعة من المترجمين الكبار مثل الدكتور محمد عنانى و الدكتور شوقى جلال الذين لا يقدمان للمركز القومى للترجمة أقل من 4 أو 5 كتب سنويا .

لكن فى الوقت نفسه، علينا أن نعترف بأن حركة الترجمة فى مصر ليست قادرة بعد على مواكبة الاصدارات العالمية من اللغات المختلفة .. و عن المركز وحده يصدر 300 كتاب و هذا ليس رقما مرضيا.

وأضاف أن الحصول على حقوق النشر بالفعل مشكلة كبيرة تواجه حركة الترجمة فى مصر يضاف إليها عدم وجود مترجمين محترفين فى هذا المجال . وأوضح أنه على الرغم من وجود مئات الخريجين سنويا من كليات اللغات والترجمة فى مصر فى عدة لغات إلا أنهم فى الحقيقة فى حاجة مستمرة إلى التدريب حتى يصبحوا على مستوى لائق لتقديم أعمال مترجمة باحترافية. هذا بالإضافة إلى أن مهنة الترجمة غير مجزية و أجرها غير ثابت بالنسبة لأى مترجم و هذا أمر معروف. و نوه إلى أن المركز القومى للترجمة يبذل فى هذا الصدد جهودا لتدريب و تكوين هؤلاء الشباب من خلال تنظيم دورات تدريبية عالية الكفاءة لشباب المترجمين . وأشار إلى أنه بات من الضرورى الارتقاء بأحوال المترجمين فى مصر وضمان حقوقهم و رفع أجورهم و تشكيل نقابة خاصة بهم.

و بسؤاله عن إمكانية توسعة حركة التسويق لاصدارات و نشاطات المركز أكد الدكتور مغيث أن المركز من جانبه يسعى بقوة لتسويق اصداراته بين مختلف قطاعات الشباب فى الجامعات فى جميع محافظات مصر من خلال فتح معارض خاصة لهم يكون لهم عليها خصومات تصل إلى 50% للطلاب و الاعلاميين و أساتذة الجامعة . هذا بالاضافة إلى أن الهيئة العامة للكتاب فتحت منافذ محدودة فى معارضها , وأعرب عن أمله فى أن تكون هناك معارض دائمة للمركز . و قال إن الأمل الأكبر الذى يسعى إليه الآن للارتقاء بتسويق اصدارات المركز هو طرق باب التسويق الاليكترونى . و الذى سيساعد كثيرا فى رفع نسبة المبيعات بسهولة أكبر و بتكاليف أقل . وأشار إلى أن هناك بالفعل مطالبات من القراء لوجود كتب إليكترونية .

و قال إن ثمة اتجاها لتقديم الثقافة العلمية للشباب ، مشيرا إلى أنه سيصدر قريبا 10 كتب علمية بالاشتراك مع دار العلم .

المصادفة … العشوائية و اهدار طاقات المترجمين

أما الدكتورة سهير المصادفة فتشرح المسألة بنظرة أشمل ، و تقول إن الكتاب العربى كله فى مأزق، و هو ما يطول الترجمة بشكل أو بآخر. فوفقًا للإحصائيات العالمية فمعدلات الترجمة فى مصر والعالم العربى ما زالت متدنية، وما زال يشوبها العشوائية وإهدار طاقات المترجمين محدودى العدد لا توجد ببليوجرافيا شاملة تنير الطريق أمام مراكز الترجمة. و قالت إنه لا توجد مجلة للترجمة محترمة فى العالم العربى كله يتكيء عليها المترجم ليسترشد بها، ولم يتم بعد دراسة المكتبة العربية لتحديد ما تحتاج إليه ومواطن النقص فيها كما أن الجامعات المصرية لا توجد بها منظومة تستفيد من جهد دارسى اللغات وتعمل على إقامة جسور بينهم وبين مراكز الترجمة المختلفة .

والمحصلة كما نري: ما زال أمامنا الكثير لوضع أسس نهضة كبرى لمواجهة مهمة كبرى من موجات الترجمة بعد الموجتين الهائلتين اللتين شهدتهما الحضارة العربية، الموجة الأولى كانت إبان الدولة العباسية والموجة الثانية كانت لمحمد علي.

*و عن ترجمة الفكر العربى إلى لغات أخري، تقول الدكتورة سهير إن الكتب العربية التى تمت ترجمتها مثلاً لم توزع فى الغرب ولم يعتمدها الغرب ولم تتقبلها المكتبة الغربية، وكأن الغرب يقول لنا: أنا أترجم ما أحتاج إليه، وأظن أن المكتبة الغربية تعرف ماذا تريد منا، ولن نستطيع إجبارها على ترجمة ما نراه نحن مهمًا ومعبرًا عن حالتنا الثقافية والأدبية والفكرية.

و أشارت إليً أن الغرب يحتفى بالمشهد الأدبى فى أمريكا اللاتينية وفى الهند والصين وحتى المشهد الأدبى فى إفريقيا السوداء، ولكن ذائقته كانت شديدة الإنتقائية فيما يخص المشهد الأدبى العربي، وهنا يتحمل المسئولية كلا الجانبين.

وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات، فقد حققت مصر فى الآونة الأخيرة معدلات مقبولة فى الترجمة، تحديدًا من خلال وزارة الثقافة حيث حصد المركز القومى للترجمة جائزة كبرى فى إسبانيا نظير معدلات ترجمته الكبرى فى الأعوام السابقة، وحيث تحقق سلسلة الجوائز التى شرفت بالمشاركة فى تأسيسها بالهيئة المصرية العامة للكتاب معدلات انتشار وتوزيع غير مسبوقة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق