رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

إشراف: أحمد البرى
غسل المخ

أحمد البرى;
أصبح عقل الإنسان معرضا لعدد لا يحصى من المؤثرات المباشرة وغير المباشرة، الواعية وغير الواعية، العامة والخاصة، الرسمية والشعبية بحيث يصعب القول إن الإنسان سيد موقفه، بل إن بعض المفكرين قد بلغ به التشاؤم حدا جعله يصرح بأن إرادة الفرد الحر قد أصبحت وهما لأن مخه يتم غسله أولا بأول من كل الأطراف المعنية،

وأن ما يتوهمه أن أفكاره وآراءه الأثيرة هى فى حقيقة الأمر أفكار وآراء صنعت خصيصا له، وتم شحن عقله بها وهو يتصور أنها من بنات أفكاره، حتى قيل إن القائمين بعملية «غسيل المخ» سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات هم بدورهم معرضون لغسل أمخاخهم من أطراف أخري، أى أن غسل المخ أصبح دائرة جهنمية أو سلسلة متصلة من الحلقات من التأثير والتأثر المتبادلين .

وفى كتابه القيم «غسيل المخ» أفاد الدكتور نبيل راغب بأن عمليات غسل المخ تنقسم إلى أربعة أنواع، الأول: غسله بالإيحاء حيث ينقسم العقل إلى عقلين، أحدهما ظاهر وواع، والآخر باطن وغير واع، وهو الذى يمارس فيه الإيحاء معظم أنشطته الفعالة، ويقبل المخ كل خبر أو إيحاء يوجه إليه باعتباره حقيقة، ولكن هل يستطيع الإيحاء السيطرة على أى إنسان؟.. هنا يتوقف الأمر على مدى يقظة العقل الواعى الذى يستطيع أن يفرز الصحيح من المزيف، والحقيقة من الباطل .

والثاني: غسل المخ بالتنويم المغناطيسى ذلك النوع الذى عرفته البشرية منذ حضارتها القديمة عندما كان أفراد القبائل البدائية يمارسون احتفالاتهم على أنغام الطبول التى تدق على وتيرة واحدة، فتنشيء الإثارة الحسية الطويلة حالة مرح انفعالى حاد يقرب من حالة النشوة والتجلى وأعراضها شبيهة بأعراض التنويم المغناطيسي، أما فى العصر الحديث فقد تأسس التنويم المغناطيسى على يد الدكتور «انطونى ميسمر» حيث كان يمرر يديه على المرضى فينامون فى وقت قصير، وعندئذ يصبحون أدوات فى يديه يحركهم كيف يشاء.

والثالث: غسل المخ بالهندسة الوراثية, وذلك حين أدرك مهندسو سلوك البشر أنه بالإمكان التأثير على سلوك البشر باستخدام المبتكرات العلمية, والتكنولوجية لتحويل الإنسان إلى عجينة سهلة التشكيل والصياغة والتغيير، ويستخدم هذا العلم المتقدم فى كل من أمريكا وروسيا، فما الذى يمنع من إنتاج أنواع من البشر للقتل والتدمير، فما يقوم به شباب داعش هو نوع من غسل المخ تعرضوا له بإحداث عمليات تغيير فسيولوجى بالمخ مما يفسر لنا جبروتهم فى القتل بدم بارد وبصورة همجية عنيفة لا مبرر لها سوى تنفيذ ما يطلب منهم مثلما نشاهد فى الأفلام الأمريكية.

والرابع: غسل المخ بالدعاية والإعلان، ولا يقتصر ذلك على الإرهابيين والمنحرفين، ولكن تتعرض له شريحة كبيرة من الناس، فالإعلانات التليفزيونية التى تتكرر بصورة مستمرة طوال اليوم, وعلى مدى أسابيع مما يجعلنا ندق ناقوس الخطر ونشير إلى أهمية وخطورة هذا الجهاز وقنواته الفضائية التى تبث كل غث وسطحى من برامجها مما يؤثر على العقل الجمعى, وخاصة فى مجتمع نصفه من البسطاء الأميين الذين يمكن السيطرة عليهم بكل سهولة ، وتنقسم الدعاية إلى شق إيجابى وآخر سلبى ويهدف الشق الإيجابى إلى تغيير فكر الموجه إليه وسلوكه بخصوص موضوع معين حتى ينتقل من موقف الرافض أو المتغاضى عنه إلى موقف المؤيد أو المتحمس، أى أنه نوع من غسل المخ الفكري.. أما الشق السلبى فيهدف إلى الحيلولة دون حدوث تغيير محتمل أو متوقع أى تحصين عقل الموجه إليه لكيلا يقع تحت سطوة هذا التغيير المحتمل، ومن المعروف أن هدف الدعاية يكمن فى إقناع أكبر عدد من الناس فى أقصر وقت ممكن، وبما أن قلة من الناس هم الذين يفضلون تحكيم العقل النقدى والرؤية التحليلية, وغير ذلك من أساليب التفكير التى تحتاج إلى وقت وجهد أكبر مما يحتاجه الانتقال الطارئ والعاطفة اللحظية، فإن خبراء الدعاية لا يعولون كثيرا على العقل المتأنى لأن خبرتهم أثبتت لهم أن أسلوب الإثارة العاطفية هو الأقدر والأسرع فى غسل مخ الجماهير، وهذا الأسلوب يتبعه الإرهابيون مع الشباب المغرر بهم، حيث يدخلون عليهم من باب العاطفة فيصورون لهم أنهم يعيشون فى مجتمع كافر، وأنه لابد من قطع شأفتهم وأنهم بذلك يخدمون الإسلام وينصرونه, ولهم بعد ذلك الجنة, وهى غاية المراد. إن المخ البشرى سلاح ذو حدين يمكن أن يشقى به الإنسان ويحيل حياته إلى جحيم قد يقضى عليها تماما، ويمكن أن تسعد به ويحقق وجوده بصفته أرقى وأسمى مخلوقات الله سبحانه وتعالى

محاسب ـ صلاح ترجم ـ حلوان

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق