ملايين الفتيان والفتيات يعانون آفة مزمنة يسعى الكثيرون لإنكار وجودها وهى العنف داخل المدارس.. ذلك ما كشف عنه تقرير جديد لليونسكو ومعهد درء العنف المدرسى فى جامعة إيهوا فى سول عاصمة كوريا الجنوبية.
ويذكر التقرير أن 34% من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 13 عاماً تعرضوا بالفعل للمضايقات خلال شهر واحد، وأن 8% يتعرضون لهذه الممارسات بصورة يومية على مدى العام الدراسى، وذلك وفقاً للبيانات التى تم تجميعها من 19 بلداً من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، والتي أخذت بالاعتبار فى التقرير المعنون «التقرير المرحلى العالمى: العنف والمضايقات فى المدارس».
وتم تقديم التقرير بصفة رسمية خلال اجتماع دولى عقد فى مدينة سول، بعنوان : الندوة الدولية للعنف والمضايقات فى المدارس: من الأدلّة نحو العمل، والتى تهدف إلى دعم الجهود العالمية لضمان تمتع جميع الأطفال والمراهقين بحقهم الأساسى فى التعليم داخل بيئة دراسة آمنة. وقد نظّمت هذه الندوة بالتعاون بين كل من اليونسكو ومعهد درء العنف المدرسى فى جامعة إيهوا للإناث.
وبهذه المناسبة، صرحت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا قائلة : «يعتبر العنف والمضايقات فى الأوساط المدرسية انتهاكاً فادحاً للحق فى التعليم» وأضافت: «ويندرج كل من الندوة والتقرير فى إطار جهود اليونسكو للحفاظ على المدارس والبيئات التعليمية الأخرى آمنة للجميع».
وقد أثبت التقرير أن للعنف والمضايقات المدرسية مثل المضايقات الجسدية والنفسية والجنسية آثارا سلبية خطيرة على عملية تعلم الطلاب. وفى هذا السياق، أظهرت دراسة أجريت عام 2010 فى المملكة المتحدة على مجموعة من الأطفال فى سن السادسة عشرة أنه من المرجح أن يتضاعف احتمال تعرض الأطفال الذين يعانون العنف والمضايقات فى هذا العمر للتهميش الدائم فى مجالات التعليم والتدريب والتوظيف.
وأبرز التقرير أن العنف والمضايقات فى المدارس تؤثر تأثيرا مباشرا على الصحة البدنية والعقلية والعاطفية للطلاب وأن هذه الظاهرة تنتج عن وجود ديناميات قوى غير متكافئة غالبا ما تعززها المعايير والميول والصور النمطية وغيرها من العوامل التى تسهم فى زيادة التهميش، مثل الفقر والهوية العرقية واللغة.
كما أبرز انه فى عام 2016، جرى تنظيم استطلاع للرأى العام شارك فيه 100 ألف شاب من 18 بلدا بشأن قضية المضايقات فى المدارس. ووفقاً لهذا الاستطلاع، أفاد 25% من المشاركين أنهم تعرضوا للمضايقات فى المدارس بسبب مظهرهم الخارجى، فى حين أفاد 25% آخرون أنهم تعرضوا لهذا النوع من العنف بسبب ميولهم الجنسانية، كما قال 25% آخرون أن سبب تعرضهم لهذا العنف يعود لهويتهم ولأصولهم العرقية.
ويقدّم التقرير توصيات بشأن مجموعة من الأولويات الواجب اتخاذها من أجل معالجة قضايا العنف والمضايقات فى الأوساط المدرسية، ولا سيما تقوية الروح القيادية وزيادة الوعى وإقامة شراكات وإشراك الأطفال والمراهقين، وبناء قدرات الكوادر التعليمية، ووضع نظم إعداد التقارير وتحسين أساليب جمع البيانات والأدلة.
كانت هذه الندوة فرصة لمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2016 بشأن حماية الأطفال من المضايقات. ويذكر أنه ضمت الندوة أكثر من 250 مشاركاً من 70 بلدا مختلفا
واتفق المشاركون على وضع مجموعة من التوصيات بشأن محاربة العنف والمضايقات فى الأوساط المدرسية.
وفي هذا السياق، قالت البروفيسيرة يو كيونغ هان، مديرة معهد درء العنف المدرسى في جامعة إيهوا للإناث: «تتمثّل الخطوة الأولى لدرء العنف والمضايقات فى البيئات المدرسية فى فهم حجم وطبيعة المشكلة ولا سيما المعدلات المتزايدة لممارسات التنمر عبر الانترنت والتى تعود للنمو السريع لاستخدام الانترنت والتكنولوجيات الأخرى.» وواصلت كلامها مؤكدة أن «الأخطار المحدقة للعنف والمضايقات فى الأوساط المدرسية تشكل تحدياً فى مختلف البلدان، ولا بد من حشد الجهود العالمية لمعالجة هذه القضيّة».
رابط دائم: