مما لاشك فيه أن الشغل الشاغل للدول المتقدمة هى قضية التعليم، فالتعليم يعنى المستقبل باستمرار التقدم العلمى والقوة الاقتصادية والحربية من جيل إلى جيل، والتعثر فيه يعنى الانحدار إلى الأسفل والعودة للوراء.
والمعادلة التعليمية الحالية فى بلادنا تسير مثل شكل الدلتا، كل فرع من فرعيها فى اتجاه مخالف للآخر «مثل رقم7» ومن الواقع العملى التقيت منذ سنوات أستاذا جامعيا، وتجاذبنا أطراف الحديث، فذكر لى أنه ذات يوم تعثر فى حل معادلة رياضية على السبورة فى المدرج، فتقدم طالب واستأذنه فى محاولة حلها، وبالفعل حلها فى دقائق معدودة مما أثار غضب الأستاذ وسبه وقال له: «غلط يا حمار يا غبى، وركله بقدمه فى ساقه، وطرده من المحاضرة مهددا إياه، ومتوعدا بعدم السماح له لحضور محاضراته حتى نهاية العام الدراسى، فاندهشت وسألته: لماذا؟ فقال لى: للمحافظة على مصداقيتى أمام الطلبة والطالبات، لأننى لو اعترفت بصحة حل الطالب المسألة، سوف يتشكك الطلبة، وتحدث لهم بلبلة عند أى مسألة احلها فيما بعد، وهذا كان الفرع الأول من فرعى التعليم.
أما الثانى فعندما كنت وكيلا لمدرسة ثانوية صناعية للبنات، حضر إلينا مدير عام الإدارة التعليمية، والذى يعد الشخصية الثانية فى التعليم بالمحافظة، وكان جديدا فى الوظيفة، لكن له شخصية كاريزمية وشعبية كبيرة، وفى الاحتفال به قال كلمة قص علينا فيها إنه عندما كان مدرسا للرياضيات بالثانوية العامة «بنات»، حل مسألة رياضية فى نحو 10أسطر أو خطوات، فاستأذنت طالبة بحلها، ولكن بطريقة أخرى، وتقدمت للسبورة وحلتها فى سطرين أو خطوتين فقط! فما كان منه إلا أن هنأها ورحب بها وشجعها.
لكن للأسف «الحلو ما يكملش» فقد كان وكيل الوزارة وقتها شخصية سيكوباتية غيورة حتى إنه فرغ بعض العاملين من أعمالهم لملاحقة هذا المدير العام لاصطياد أى أخطاء له، وظلوا شهورا فى متابعته حتى اصطادوا خطأ له، ولم يتركوه حتى تم ابعاده من وظيفته بالمحافظة إلى الوظيفة نفسها، ولكن فى محافظة أخرى!، لكن حفيدتى فى الحضانة لخصت المعادلة التعليمية فى مصر، حيث تعطينى اختبارات فى الأرقام، وفى التلوين ثم تعطينى درجتى شفويا وهى تضحك: «صفر»!.
كمال شفيق مترى ـ المنصورة
رابط دائم: