ثورة 30 يوينو هى الشرارة الثانية لثورة 25 يناير واستكمال لها ، وذلك عندما شعر المصريون بأن النظام الديمقراطى الذى كانوا يسعون إليه لم يتحقق فى عهد جماعة الإخوان الارهابية التى كرست لحكم الجماعة من خلال رئيسهم محمد مرسى الذى كان يتلقى تعليماته من مرشد الجماعة محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر ، ولكن الشعب المصرى أثبت للعالم أنه لن يكون ورقة فى يد مرسى وجماعته يتلاعبون بها من أجل مصالح الجماعة وليس من أجل الوطن.
أتفق رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب على خارطة مستقبل تضمنت خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصى أحدًا من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام التى خلقها نظام الإخوان ، وكان من أبرز بنود هذه الخارطة ، تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت ، وأن يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلى منصور اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة ، و إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب «رئيس جديد، وإجراء الانتخابات البرلمانية. وتشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية، وتشكيل لجنة تضم جميع الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتا، ومناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية، ووضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، واتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكاً فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
وقد بدأ تنفيذ الاستحقاق الأول من خارطة الطريق بتشكيل لجنة وطنية برئاسة عمرو موسى لتعديل الدستور ، وتم اجراء استفتاء بعد أن وافقت عليه لجنة الخمسين فى 2 ديسمبر 2013.
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات، المشرفة على إدارة عملية الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد أن أكثر من 19 مليون ناخب صوتوا بـ «نعم» فى الاستفتاء على الدستور، أى بنسبة 98.%
وتبع الدستور الانتخابات الرئاسية وهى ثانى استحقاق انتخابى ضمن خارطة الطريق ، وأ جريت عام 2014، وحددت اللجنة العليا للانتخابات مواعيد كانت فى الفترة من 15 إلى 18 مايو وتم مدها يوما ثالا لاقتراع المصريين فى الخارج، ويومى 26 و27 مايو وتم مدها لـ 28 لإجراء الانتخابات فى الداخل.
شهدت الانتخابات منافسة بين الرئيس الحالي، عبدالفتاح السيسى والمرشح الخاسر حمدين صباحي، وأعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات نتيجة تصويت المصريين بالخارج وبلغ عدد المصوتين 318 ألفا.
وفى يوم 3 يونيو أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسة بفوز المشير عبدالفتاح السيسى رئيسا لمصر بنسبة 96.94%.
ثم جاءت الانتخابات البرلمانية ، وهى ثالث استحقاق انتخابى شهدته خارطة الطريق وبمشاركة شعبية انهى الشعب المصرى خريطة الطريق التى أقرها بآخر استحقاق انتخابي، فأعلنت اللجنة العليا للانتخابات فتح باب الترشح لانتخابات مجلس النواب من 1 حتى 12 سبتمبر، على ان تجرى الانتخابات على مرحلتين الأولى يومى 18 ، 19 أكتوبر والثانية يومى 22 و23 نوفمبر.
دخل 60 شابا نائبا منتخبا البرلمان تحت سن الـ 35 سنة، و125 نائبا تتراوح سنهم بين 36 إلى 45 عاما، ليصبح إجمالى عدد الشباب تحت القبة 185 نائبا بنسبة 32.6% من إجمالى عدد النواب، ونسبة تمثيل المرأة بلغت 89 نائبة منهن 75 منتخبات و14 معينات.
وكان الشارع المصرى قد انتفض فى 30 يونيو رافضا حكم جماعة ارتدت ثياب الأطهار وكانت أفعالها غير ذلك وكان الجيش كما هى الحال دائما المجيب لنداء الشعب وبالفعل استجاب للملايين التى احتشدت فى الشوارع والميادي-ن بكل ربوع مصر وكانت الضربة القاسمة لجماعة الاخوان الإرهابية وعزل رئيسهم ، وكان البيان الاشهر فى التاريخ ، وبكلمات ثابتة اصدر المشير عبد الفتاح السيسى القائد الاعلى للقوات المسلحة فى ذلك الوقت بيان القوات المسلحة معلنا خارطة الطريق وكان اولها أن يكون المستشار عدلى منصور رئيسا مؤقتا للبلاد ، وفى ظل غياب البرلمان أصدر عددا من القرارات بقوانين بلغ عددها مايقرب من 95 قانونا كان ابرزها قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
وبعد مطالبات شعبية استجاب الرئيس عبد الفتاح السيسى وترشح لمنصب رئيس الجمهورية ليحصد أغلبية اصوات المصريين وعقب توليه منصب الرئيس أصدر ما يزيد على 90 قانونًا معظمها يغطى شتى مجالات حياة المصريين، منها وضع حد أقصى لدخول العاملين بأجهزة الدولة ، وقرار تشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس النواب، وقانون تقسيم الدوائر، وقانون شهادات استثمار وتنمية مشروع قناة السويس الجديدة، ومكافحة الإرهاب.
وفور انتخاب مجلس النواب اخذ على عاتقه تطبيق الدستور وتصدى لاقرار نحو 340 قانونا صدرت فى غيبة البرلمان وفقدان مصر للحياة النيابية ، وكان الانجاز فى اقرار مجلس النواب تلك القوانين قبل انتهاء 15 يوما اقرها الدستور والا يحل البرلمان ، ولكن كان لقانون الخدمة المدنية النصيب الاكبر من المناقشات حيث رفضه مجلس النواب فى بادئ الامر ثم وافق عليه بعد ذلك بعد ان تم تعديل المواد الخلافيه بالقانون والتى اعتبرها النواب قاصمة لظهر الموظف .
ومن المهم أن نذكر قرار الاتحاد البرلمانى الدولى بإسقاط عضوية مصر فيه، عقب ثورة 25 يناير وأرجع الاتحاد البرلمانى الدولى أسباب اتخاذه هذا القرار، لعدم وجود مؤسسة تشريعية عاملة فى مصر، مرورا بفترة حكم الإخوان وبرلمانهم الذى فشل فى العودة إلى الاتحاد البرلمانى الدولي.
جاءت مشاركة وفد البرلمان المصرى برئاسة الدكتور على عبد العال وعودة مصر رسميا لعضويتها للاتحاد البرلمانى الدولي، ورفع العلم المصري فى موقعه التاريخى على مبنى الاتحاد حيث ان مصر عضو الاتحاد منذ عام 1924.
بالعودة إلى برلمان 2010 الذى أسقطته ثورة يناير نستدعى الوصف الذى أطلقه رئيسه الدكتور فتحى سرور «لن اكون رئيسا لنواب مزورين وسيتم احالة كل الطعون للمحكمه» قبل اندلاع الاحتجاجات بأيام بعد ان زادت حدة الانتقادات و الاتهامات للعملية الانتخابية و التى فاز فيها الحزب الحاكم بنسبة 97% من عدد مقاعد البرلمان .
قاد حزب الوفد و بعض الأحزاب و الشخصيات المستقله وقتها الاحتجاجات و فتح مقره ليكون بديلا لعقد جلسات المعارضة لتكون نواة لمعركة قانونية لتقديم الطعون حول نتائج الانتخابات ، الا أن احتجاجات الشارع سبقت كل هذا الحراك و اندلعت الثورة و لم يستمر نظر هذه الطعون أمام القضاء و تم حل البرلمان .
اعتقد الحزب الحاكم وقتها أن مشاركة المعارضة فى التشريع يعد انتقاصا من قدرها وفشلا أمام الرئيس مبارك ، فعمل الحزب على ترشيح أعضائه على جميع الدوائر، بل وصل الأمر للدفع بأكثر من مرشح من نفس الحزب على نفس المقعد و ذلك لتفتيت الأصوات أمام أى منافس من قوى المعارضة او من جماعة الاخوان التى حصلت على 88 مقعدا فى برلمان 2005 .
حاول الحزب الوطنى تبرير نجاحه وإخفاق المعارضة بأن الشارع كشف زيف المعارضين وأن المواطن يثق فى الحزب الحاكم و لكن سريعا و بعد مرور أقل من شهر من عقد المجلس لجلساته كانت ثورة يناير ردا على ادعاءات النظام وقتها .
وداخل برلمان 2010 كان توزيع المناصب يقتصر فقط على نواب الحزب الوطنى فلم يكن هناك لجنة واحدة يرأسها أو ولا أحد وكيليها أو أمين السر فيها إلا نائبا عن الحزب الوطنى فلم يستطع نائب مستقل واحد أو معارض أن يكون ضمن هيئة مكتب أى من لجان المجلس او حتى ضمن بعثاته الخارجية التى تقود الدبلوماسية البرلمانية، فالصوت الواحد والرأى الواحد هو ما كان سائدا فى برلمان 2010 .
وعقب تلك الفترة اتاحت التعديلات الدستورية للاخوان الاستحواذ على أكثر من ثلثى مقاعد البرلمان وفقا لنظمى القائمة الفردى فى ذلك الوقت فانهالت الطعون لدى الدستورية العليا بسبب عدم التوازن بين القائمة والفردى واستمر نظر القضية أمام الدستورية العليا 4 أشهر ، مارست فيها جماعة الإخوان داخل البرلمان كل أشكال المغالبة والإقصاء ، وتحدث نواب الحرية والعدالة بلغة العدد ومن لديه مقاعد أكثر فاستحوذت الحرية والعدالة على انتخابات اللجان النوعية بالبرلمان من رؤساء لجان ووكلاء وأمناء سر ومنحوا النور السلفى حصة من هذه «التورتة» ولم يكن لدى التيارات الليبرالية واليسارية أى نصيب من هذه الانتخابات ، وإن فاز حزب الوفد بأحد مقاعد وكالة البرلمان وهو محمد عبد العليم داود.
وبدأت إرهاصات السيطرة من حجم التشريعات ونوعيتها ، حيث تقدم أكثر من نائب بمشروع قانون حول السلطة القضائية ، وعدد من التشريعات الأخرى المهمة ، بالإضافة إلى صراع كبير مع الداخلية وخاصة من التيارات والأحزاب الليبرالية وحول ما كان يقع من أحداث بمحيط مجلس الوزراء ووزارة الداخلية .
لم يستمر هذا البرلمان أكثر من 4 أشهر فقد حكمت الدستورية ببطلان هذا البرلمان لنظامه الانتخابى غير الدستورى وتم اغلاقه وهو ما أثار نواب الإخوان وحاولوا دخول البرلمان بعد التظاهر أمامه ولكنهم فشلوا ، تمكنوا من الاستفادة من هذا البرلمان عندما حصلوا على توكيلات لمحمد مرسى ليدفعوا به للترشح فى الانتخابات الرئاسية خلفا لمرشحهم خيرت الشاطر لأنهم استشعروا بعدم قبول أوراق ترشح خيرت ، وباقتراب حل البرلمان بموجب حكم الدستورية فهرولوا مسرعين للحصول على توكيلات ليترشح محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية ، وذلك وفقا لما أكده احد كوادرهم صبحى صالح الذى قال اننا أتقنا اللعبة واستفدنا من أخطائنا التى ارتكبناها بعد ثورة 23 يوليو 1952 .. وحتى يزحفوا على حلمهم القديم وهو اعتلاء السلطة ، وفاز محمد مرسى بالرئاسة لندخل مرحلة مهمة
فمنذ اليوم الأول لتولى محمد مرسى حكم البلاد فى 30 يونيو 2012 سارع لنقل سلطة التشريع لمجلس الشورى الاخوانى برئاسة الدكتور أحمد فهمي، وذلك لمواجهة حكم المحكمة الدستورية العليا فى 14 يونيو 2012 بحل مجلس الشعب بسبب عدم دستورية القانون الذى أجريت على أساسه الانتخابات ، وذلك بعد أن باءت محاولاته ومكتب إرشاده بالفشل فى مواجهة الحكم والاصرار على استمرار مجلس الشعب رغما عن القانون.
رابط دائم: