زمان.. كانت المرأة تلجأ الى جميع الطرق والحيل للحفاظ على زوجها وبيتها من الانهيار، حتى لو كلفها ذلك اللجوء الى السحرة والدجالين. وكانت الثقافة السائدة لدى جميع الفتيات، والتى تربت عليها فى بيت العيلة أنها متى تزوجت فان زواجها أصبح زواجاً كاثوليكياً، و«مفيش طلاق إلا بالخناق». بينما فى الوقت الحاضر، تستسهل المرأة اللجوء لمحاكم الأسرة طلباً للطلاق حتى تتخلص من زوجها.
وحسب ما أعلنته تلك المحاكم طبقاً للعديد من المواقع الاخبارية، هناك 240 حالة طلاق تقع يومياً، بمعدل حالة طلاق كل 6 دقائق، وكشفت أيضاً احصائيات مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء التابع لمجلس الوزراء ارتفاع نسب الطلاق ليصل اجمالى المطلقات أخيرا الى ثلاثة ملايين مطلقة.
عموماً، وأياً كانت الأسباب فى الانفصال، فاننا نحاول فى هذا الموضوع التركيز على آراء المتخصصين للحفاظ على هذا الكيان، وهو الأسرة.
تقول د. هدى زكريا أستاذة علم الاجتماع: إن انتشار ظاهرة الطلاق وارتفاع نسبتها فى المجتمع المصرى إلى حالة كل ست دقائق ـ والأغلب منها من الشباب بما يقرب من 44% من حالات الزواج ـ سببها الأساسى ضعف ثقافة الزواج والتى تعنى العلاقة الأبدية شديدة الخصوصية، وترجع أيضاً الى الضغوط النفسية والعصبية التى تقع على عاتق الرجل والمرأة، وهى ضغوط قد تدفع الجميع للعنف ومن ثم استحالة العشرة وتنتهى بالطلاق والانفصال. والمرأة المصرية قد تشعر بالاضطهاد ونتيجة لتكوينها النفسى قد تصل الى مرحلة الكبت فتنفجر فى زوجها، وقد يحدث ذلك للزوج أيضاً، فتنشب المنازعات ويتدخل الوسطاء وغالباً لا تنجح جهودهم، ولو سلم الزوجان أذنيهما للآخرين فتصل المشكلة الى طريق مسدود ينتهى حتماً بالطلاق.
وتضيف د. هدى أن الحل هو الحكمة والتعقل فى حل المشكلات الزوجية وابتعاد الأهل والأقارب عن التدخل حتى يستطيع الزوجان احتواء مشكلاتهما بأنفسهما، فالظروف الاقتصادية والنفسية يمكن تحملها بين الزوجين لاستمرار الحياة وتربية الأبناء، لكن ما لا يمكن تحمله هو شعور كل منهما بالإهانة والحط من الكرامة والاحساس بأن الآخر يريد فرض إرادته، وهو ما يفاقم الخلافات ويجهض محاولات حلها لأنها تترك غصة وأثراً سيئاً فى النفس يتراكم مع الوقت، ويسبب الكبت ومن ثم الانفجار الذى يؤدى للطلاق.
ويرى د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهرالشريف أن الرجل يقع عليه العبء الأكبر فى الحفاظ على البيت وإسعاد زوجته، ويقول ان الكلمة الطيبة مفقودة بين الزوجين، فلماذا نرى أزواجاً غلاظاً فى بيوتهم أرقاء خارجها، على عكس ما روى البخارى حيث قالت واحدة ممن جلسن يتحدثن عن أزواجهن بصدق ( زوجى اذا دخل فهد، واذا خرج أسد) أى انه يكون فى خارج البيت وحشاً يواجه ضغوط الحياة ومشكلاتها، لكنه اذا دخل البيت سار مخلوقاً ناعماً لاقسوة فيه ولا جفاء، ذلك لمن علم أن بيته كهف الرحمة وأنه دخله ليلوذ اليه فيلتمس أطياف النور ويتحسس الرحمة حقيقة لا وهماً وواقعاً لا خيالاً، وما عسى أن يكون هذا الكهف إلا بيته وما عسى أن تكون تلك الرحمة إلا زوجته.
وليس غريباً على أهل الأدب الذين يهتمون بقصص الشعراء أن يبثوا فى المجتمعات أن الشاعر الذى قال أجمل قصيدة فى معشوقته لو تزوجها ما قال فيها بيتاً واحداًمن الشعر، وهذا قول النبى صلى الله عليه وسلم فى أم المؤمنين خديجة (آمنت بى اذ كفر الناس، وصدقتنى اذ كذبنى الناس) وظل يذكرها حتى مات لا حتى ماتت هى، وحين قالت له عائشة رضى الله عنها (ماكانت إلا عجوز أبدلك الله خيراً منها)، قال فيما رواه البخارى( والله ماعوضنى خيراً منها أبدا).. وكانت هذه الكلمة اعلاناً للدنيا، فعلى المرء أن يذكر زوجته بكل خير، فقد سأل فتى أباه فى الزمن القديم عن حاله مع أمه كيف كان فقال فى عبارة موجزة (كانت الدنيا بغيرها مقابر صماء لا صوت فيها ولا حراك، كنت أسأل عن أمك فان وجدتها داخل البيت دخلت وان لم أجدها أحسست بأن البيت كهف مهجور لم تبث فيه حياة الا بوجودها، فقد كانت أمك جمالاً وانا بدونها قبح أعيش حياة ذليلة).
رابط دائم: