هذه ثالث المجموعات القصصية للدكتور عادل وديع فلسطين، وكان قد سبق أن أصدر مجموعتين سابقتين هما: «رحلة مع الله والإنسان»، و «ثورة الطيور» كما نشر دراستين مهمتين هما «الجذور التاريخية للصراعات المعاصرة مع عرض لأحداث التوراة» ( مكتبة مدبولى، 2009)، «يوميات حرب أكتوبر» (الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2010). لكن د. عادل أبى إلا أن ينضم إلى أسلافه من الأدباء الأطباء ..فنشر مجموعتيه القصصيتين، وها هو ينشر هذه المجموعة الثالثة ، التى تبرهن على إصراره الإبداعى من ناحية ، وتطوره الإبداعى الأنضج من ناحية أخرى.
فالمجموعة تتكون من اثنتين وعشرين قصة تعتبر تشكيلة قصصية حيث أتاحت لى أن أعيش مع مخلوقات المبدع الدءوب د.عادل مابين معارف وجيران وأصدقاء من مختلف طبقات مجتمعنا المصرى فى العشرينيات الأولى من قرننا الحادى والعشرين فأحاطوه بالمودة وأعلنوا عرفانهم بجميله لإبداعهم مستجمعا ثقافته وخبراته وتطور خطواته الإبداعية السابقة.
ولعل أهم ماتتسم به قصص هذه المجموعة هو بساطة الأسلوب وبساطة الموضوع وتحقًق عنصر التشويق مما يجعلها أقرب إلى الحدوتة ، فهو أسلوب سلس يكون أحياناً أقرب إلى الشعر وأحياناً مشحوناً بالتشبيهات والاستعارات الموظفة وبعضها مستوحى من واقع حياتى للدكتور عادل يسفر أحياناً عن مثال القصة التى جعل عنوانها عنوان المجموعة «» لقاء لم يتم «»حيث يذكر ضمير المتكلم صراحة اسم شخصيتها المحورية الشاعر الراحل حلمى سالم لحظة وفاته.. دون لقاء أخير معه.
وتتميز لغة الحوار بتنوعها بسبب تلقائية ناطقها مابين اللغة التى نسمعها من فلاحى مصر«حوار قصة» «يغور التليفزيون» مثالاً» ومايجمع بين الفصحى والعامية كما فى قصة «ثورة الجياع».
ومن أبعاد الشخصيات التى تميزها أسماؤها التى تدل على طبقاتها مثل: بسطاوى، عزوز شيال المحطة ، وصالح سيد الصالحين فى قصة «ثورة الجياع».
وبعض قصص المجموعة يربط بين ما تطورت إليه حياتنا الشعبية من القرن العشرين إلى القرن الحادى والعشرين مثل قصة «مسحراتى منتدب» التى ذكرتنى بقصة الكاتب الفرنسى «ألفونس دوديه» حول تحول طحين الغلال من طواحين الهواء إلى الطواحين التى تدار بالبخار ، فبعد أن كان إيقاظ صائمى شهر رمضان بطبلة المسحراتى قام التليفزيون بمهمته.
وتعتبر قصة «زهرة الخريف» الرومانسية كأنها استراحة لالتقاط الأنفاس وسط حشد قصص المآسى التى تتسم بالسمة النقدية التى تسود معظم قصص المجموعة فقصص هذه المجموعة تقدم لنا مصر فى بداية القرن الحادى والعشرين وما تعانيه من قضايا بحيث يمكن اعتبارها تأريخاً فنياً لتلك الفترة الزمنية المشحونة بالقضايا الحيوية ، وبلغة الطب الذى ينتمى إليه مبدعها فهى تشخيص لأعراضنا الصحية والمرضية.
رابط دائم: