رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

سوريا فى الإعلام الغربى:أكاذيب كثيرة.. والمسكوت عنه أكثر

> لندن ــ منال لطفى
وقف طفل سوري يرتدي معطفا بنيا ثقيلا ومتسخا في «حى الشعار» في شرق مدينة حلب أمام طاولة صغيرة عليها علب سجائر وقداحات للبيع. كان وراءه محل مغلق مكتوب على بابه باللغة الانجليزية «ليس هناك ألغام» كتبها فريق مكافحة الألغام الروسي الذي طهر مناطق عدة في شرق حلب من الألغام التي زرعها عناصر «النصرة» و«أحرار الشام» و»جيش الفتح» و«نور الدين زنكى» وغيرهم بعدما اجبروا على مغادرة المدينة.

الصورة تحمل خبرين لم تتناقلهما وسائل الاعلام الغربية في تغطيتها حول سوريا في الأيام الماضية. الخبر الأول أن عشرات الآلاف من سكان شرق حلب الذين غادروها بعد سيطرة الفصائل الجهادية المسلحة عليها 2012، بدأوا بالفعل في العودة للمدينة منذ طرد الجيش السوري لتلك التنظيمات في ديسمبر الماضي. الخبر الثاني أن عودة المدنيين سبقها تنظيف المدينة من الألغام التي زرعها كإجراء انتقامي لعناصر التنظيمات الجهادية المسلحة قبل طردهم من المدينة.

ففي تغطية الحرب في سوريا «المسكوت عنه» اعلاميا أكثر كثيرا جدا من «المنقول». وباستثناء عددا قليلا من الصحفيين الدوليين المستقلين الذين يحاولون نقل «المسكوت عنه» سواء عبر الصور أو تقارير الفيديو التي تحمل على الإنترنت، لا تتحدث وسائل الاعلام الغربية الكبيرة عن زرع المعارضة المسلحة للألغام في المدن والقرى التي تجبر على مغادرتها. فالروس مثلا بعدما طردوا «داعش» من مدينة تدمر أرسلوا فريقا لإزالة الألغام التي زرعت حول المدينة، ونفس الشيء حدث خلال الأيام الماضية في شرق حلب، وقبل ذلك في ريف حمص، وضواحي دمشق المليئة بالألغام.

ونادرا ما تحدثت وسائل الاعلام الغربية عن استخدام المعارضة المدنيين كدروع بشرية، وسرقة المعونات والأدوية والطعام، والإستيلاء على المستشفيات والمنازل والمدارس لاستخدامها للاعتقال والتعذيب وإخفاء الأسلحة.

وفيما كان كل تركيز وسائل الاعلام الغربية على حصار شرق حلب، لم تذكر أى شىء تقريبا عن حصار عناصر «النصرة» و»أحرار الشام» لقرى مثل نبل والزهراء في ريف حلب منذ يوليو 2012، وحصار بلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب، حيث منعت قوات المعارضة أهالي تلك القرى من التزود بالمؤن والغذاء والدواء، واختطفوا المدنيين لمقايضتهم بمسلحين معتقلين لدى الحكومة السورية.

كما لم تذكر الغالبية العظمي من وسائل الإعلام الغربية منع فصائل المعارضة المسلحة للمدنيين في شرق حلب من مغادرة المدينة مع احتدام القصف لاستخدامهم كدروعا بشرية. (وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة حول سوريا هذه الإتهامات للمعارضة لكنها لم ترد مثلا في تغطية سكاي وبي بي سي والجارديان ونيويورك تايمز أو غيرهم).

ولم تذكر الغالبية العظمي من وسائل الإعلام، ما أكده المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان روبرت كولفيل من قيام «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا) وكتائب «ابوعمارة» بإعدام المدنيين الذين حاولوا الفرار من أحياء شرق حلب التي كانت ما زالت بيد مسلحي المعارضة قبل إستعادة الجيش السوري لها.

وتقول الصحفية الكندية المستقلة ايفا بارتليت، التي أدلت بشهادة أمام الأمم المتحدة منتصف ديسمبر الماضي حول أكاذيب الإعلام الغربي في سوريا لـ«الأهرام» إن وسائل الاعلام الغربية الكبرى تعبر عن الأزمة السورية «من وجه نظر المعارضة المسلحة فقط. وهي بالتالي تلغي أصوات باقي السوريين وتنزع عنهم الإنسانية وحق العالم في الإستماع لهم». وتتابع:»ما تسمعونه في وسائل الأعلام الغربية، مثل بي بي سي، الجارديان، ونيويورك تايمز وغيرهم حول حلب أكاذيب وعكس الحقيقة تماما».

وتوضح بارتليت، التي زارت سوريا 6 مرات منذ 2014 كان أخرها في نوفمبر الماضي، أن غرب مدينة حلب، الذي يقع تحت سيادة الحكومة السورية، كان يسقط فيه يوميا مئات الضحايا بين قتلى ومصابين جراء القصف الصاروخي من المعارضة المسلحة على المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، لكن هذا نادرا ما تناقلته وسائل الإعلام الغربية.

وأمام ذلك القصور والانحياز في التغطية لم يجد مجموعة من الصحفيين المستقلين مثل بارتليت، وفينسيا بيلي، وتيم اندرسون، وشارمين نارواني، والصحفية الإستقصائية الأمريكية من أصل لبناني سيرنا شيم التي قتلت في حادث سير غامض في تركيا بعدما اتهمتها أنقرة بالتجسس لنشرها تحقيقا عن استخدام الحكومة التركية قافلات المساعدات الإنسانية لنقل أسلحة وذخائر لمقاتلي «داعش»، لم يجد هؤلاء الصحفيين وغيرهم بديلا سوى محاولة نقل المسكوت عنه وذلك ببث تقارير صحفية مستقلة من على الأرض، وإجراء مقابلات مع مدنيين وليس معارضين مسلحين متخفين في صورة مدنيين، ونشر أكبر قدر ممكن من الصور الفوتوغرافية على الأرض. فالصور تقول ما لا تقوله الكلمات.

وكما تظهر هذه الصور والفيديوهات الكثير من الحقائق على الأرض والمسكوت عنه والذي نادرا ما يظهر في وسائل الإعلام الغربية، فإنها لم تظهر أشياء كان يفترض أن تكون موجودة.

ففي حلب الآن نحو 60 مراقبا دوليا موجودون منذ أكثر منذ أسبوعين. لكن أين مذبحة الـ82؟، الذين أعدمهم الجيش السوري في شرق حلب بعد إستعادتها من «النصرة» و«أحرار الشام» وهي المذبحة التي «نقلتها» وسائل الاعلام الغربية «نقلا» عن الأمم المتحدة «نقلا» عن ناشطين سوريين، دون حتي إرفاقها بتحذير المبعوث الدولي للأزمة السورية ستيفان دي ميتسورا من إنه «ليس هناك أدلة على اعدامات أو قتل للمدنيين في شرق حلب».

فوجود المراقبين الدوليين على الأرض كان أحد أهدافه الرئيسية التحقق من تلك التقارير. لكن رغم وجودهم على الارض ووجود صحفيين دوليين مستقليين لم ترد تقارير تؤكد حدوث تلك المذبحة، أو الإعدامات الجماعية، أو الجثث الملقاة على الأرض، أو الإختفاء الجماعي لآلاف الشباب والرجال، أو السوريات اللواتي «فضلن الإنتحار على الوقوع سبايا للنظام» وغير ذلك من الأخبار التي تزايدت وتيرتها وشكلت اوركسترا متلاحقة من التحذيرات من مذابح جماعية وقتل عشوائي قبل أيام من استعادة الجيش السوري السيطرة على شرق حلب.

ومع أن الإعلام الغربي نقل بكثافة خلال الأيام الأخيرة من حرب حلب تلك التقارير المفزعة، إلا انه لم ينقل في الأيام القليلة الماضية أى تقارير من المراقبين الدوليين تشير إلى عدم وجود أدلة تثبت حدوث هذه الجرائم.

وتقول بارتليت إن تغطية الحرب السورية أسوأ حتي من تغطية الحرب على العراق 2003. فمنذ العام الأول للأزمة السورية بدأت أعداد الصحفيين على الأرض تقل تدريجيا بسبب المخاطر، وبدءا من العام الثاني وحتي اليوم بات نحو 90% مما ينقل عن سوريا في الاعلام الغربي يتم عبر مصادر «ثانوية» لديها انحيازات ايديولوجية واضحة.

وبينما كانت كلمات مثل «تحرير» «حماية» و»اخلاء» هي الأكثر ترددا مع الأخبار عن الموصل في العراق، كانت كلمات مثل «مذبحة» و»جروزني» و»جرائم حرب» و»سيبرنيتشا» هي الأكثر ترديدا في تغطية سوريا.

الحرب في سوريا ستدخل عامها السابع في مارس المقبل، ومع مقتل نحو 400 ألف شخص، بينهم نحو 150 ألف من الجيش السوري، من المستحيل الحديث عن «ملائكة» و»شياطين» في تلك الحرب الدموية. لكن الاعلام الغربي لم يخذل نفسه فقط لمستويات قياسية، بل ولطخ يده بالدماء أيضا بإصراره على نقل جانب واحد مما يحدث على الأرض في سوريا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    ابو العز
    2017/01/14 08:48
    0-
    0+

    من يقاتل من جيوش الأجنبي في سوريا والعراق
    هو جيش محتل .. ولن يستطيع تغيير هذه الحقيقة احد ...
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق