لى بعض التأملات فى أحوالنا الراهنة أوجزها فيما يلي:
- أخطر ما فى بعض الفضائيات المصرية الخاصة أنها تحولت إلى منصات لإطلاق قذائف طائشة فى كل حدب وصوب لكى يحقق أصحابها ومقدموا برامجها أكبر ربح ممكن، فى الوقت الذى يطالبون فيه المصريين بالصبر وتحمل ارتفاع الأسعار، ناهيك عن الملايين التى تدفع نظير استضافة نجوم الفن والرياضة العالميين لعدة دقائق.. فما الذى يعود على مصر من مثل هذه اللقاءات ولاسيما أن المصريين يعانون مصاعب اقتصادية جمة لا تخفى على أحد؟.
ـ فى زيارته الأخيرة للقاهرة، أعلن النائب العام السويسرى ميخائيل لوبير أنه قد تم رفع الحجز عن 180 مليون فرنك سويسرى لثمانية مصريين، ولكن مازال هناك 430 مليون فرنك سويسرى مجمدة تتعلق بنظام مبارك، وأشار إلى أن التحقيقات الجنائية مازالت جارية بشأن 6 أشخاص فقط من رجال مبارك من قائمة كانت تضم 14 شخصا فى عام 2011 بينهم أشخاص من أسرة مبارك نفسه رافضا الكشف عن أسمائهم، السؤال: متى تستعيد مصر هذه الأموال المنهوبة؟
ـ متى نتخلص نحن العرب من عقدة الخواجة؟، فلقد طلبت إحدى الدول العربية مجموعة من الخبراء الأمريكيين لحل مشكلة فنية، فجاءها وفد يضم ثلاثة خبراء فتم تخصيص مترجم لكل منهم ولكن أحدهم أبدى عدم احتياجه لمترجم لأنه يجيد العربية حيث أنه أمريكى من أصل مصري، وعند صرف المستحقات المالية أول شهر فوجيء هذا العضو بأن مكافأته تعادل نصف ما صرف لكل من زميليه.. هنا أصر العضوان الآخران على أن يحصل زميلهما على نفس ما حصل عليه كل منهما وإلا فإنهما سيغادران هذه الدولة فورا، فأذعنت الحكومة العربية لما طالب به الخبيران!
ـ فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى كان العرب يثمنون القومية العربية ويتطلعون إلى الأمة العربية من الخليج إلى المحيط ككيان واحد والآن يتمنى العرب ألا ينفرط عقد الدول الوطنية فى العالم العربى بعد أن تحول الربيع العربى إلى خريف عاصف يهدد بتقسيم سوريا والعراق وليبيا واليمن بعد أن نجح فى تقسيم السودان فى وقت سابق، وعلى مضض أذكر مقولة لموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق: «إن العرب لا يقرأون وإذا قرأوا فهم لا يفهمون وإذا فهموا لا يطبقون ما فهموه»، فهل وصل الهوان العربى إلى هذا الحد الذى جعل تحديد مصير سوريا فى يد ثلاث دول غير عربية هى روسيا، إيران، تركيا؟. أين جامعة الدول العربية؟ هل كتب العرب شهادة وفاتها دون أن يعلنوا عن ذلك؟
ـ طلبت إحدى الدول العربية مدرسين مصريين بمرتبات مغرية للغاية (ذكرها الإعلان ولأول مرة بالجنيه المصرى وليس بعملة الدولة العربية المعلنة). طبعا الفضل فى ذلك يرجع إلى تعويم الجنيه المصرى الذى فقد 48% من قيمته. متى يستعيد الجنيه المصرى بعض عافيته ولا نقول كرامته؟ لن يتأتى هذا إلا بالعمل والعمل والعمل، فنحن شعب لا يعمل، واستمرأ استيراد غذائه ودوائه ومعظم متطلبات حياته من الخارج.
ـ لم تترك يد الإرهاب الأسود شيئا فى مصر إلا وامتدت إليه غدرا وخسة ونذالة، فبعد استهداف البشر ودور العبادة، ها هو الإرهاب يحرق 35 سيارة نظافة بالجراج الخاص بالوحدة المحلية بمدينة العريش، ولم يتبق لشركة النظافة الخاصة أى سيارات لتباشر عملها، وهو الأمر الذى ينذر بكارثة بيئية محققة فى حالة عدم رفع القمامة من مدينة العريش كما صرح المسئولون.. وهذه الواقعة هى الثانية من نوعها، حيث حدث السيناريو نفسه فى العام الماضي.
ـ فى المجتمعات التى تحترم الذكاء والكفاءة، من المرجح أن يصل الأذكياء والأكفاء إلى المناصب المرموقة، أما فى المجتمعات المتأخرة فإن الفهلوة والنفاق والتربيطات تكون هى الباب الملكى فى الغالب للوصول إلى المناصب المرموقة وتحقيق الثراء.
ـ أعلنت نقابة الصيادلة عن تنظيم إضراب لمدة أسبوعين من خلال إغلاق الصيدليات لمدة 6 ساعات يوميا، الهدف المعلن من جانب النقابة وجود نقص واضح فى العديد من الأدوية وعدم حصول الصيادلة على الأرباح المناسبة.. أين الرحمة؟ ولماذا يصر البعض على تحقيق أكبر قدر من الأرباح حتى لو كان ذلك على حساب الأرواح؟!
د. محمد محمود يوسف ـ أستاذ بجامعة الإسكندرية
رابط دائم: