رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بين اللعبة الإعلانية والرسالة الإعلامية
برامـج التــوك شــو

تقرير ــ فاطمــة شــعراوى
ظل الإعلام التليفزيونى فى مصر ثابتا إلى حد كبير خلال فترة طويلة وتحديدا فى فترة الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات إلى أن بدأت ظاهرة الفضائيات المشفرة والمفتوحة فى الدخول لعالم المشاهد العربى وتغيرت استراتيجيات الإعلام والأهداف

المراد الوصول بها إلى وعى المتفرج وقد دخل الإعلام الحكومى مجال التوك شو حينما اقتنع وزير الإعلام الأسبق ممدوح البلتاجى وقتها بعمل برنامج توك شو كبير على غرار الظاهرة التى تتنامى فى الفضائيات فجاء التفكير فى برنامج «البيت بيتك»

فى هذه الآونة بدأت العلاقات الوثيقة بين الوكالات الإعلانية وبرامج التوك شو، وكان سوق الإعلان التليفزيونى فى مصر إيراداته نحو مليار و٢٠٠ مليون جنيه، أغلبها ينفق خلال شهر رمضان ويتوزع بين إعلانات على المسلسلات الدرامية وبرامج التوك شو.

وبعد ثورة ٢٥ يناير جرت فى النهر مياه كثيرة لكن الإعلام الفضائى شهد رواجا كبيرا وتم إنشاء عدة قنوات فضائية استأثرت باهتمام الجمهور, وبدأ الصراع بين القنوات على كعكة الإعلانات ونسب المشاهدة وشهدت السنوات الأربع الماضية مساجلات كثيرة بين ملاك القنوات الفضائية خاصة المصرية بين وكالة أبحاث دولية اشتهر عنها انتشار تقاريرها عن نسب مشاهدة البرامج والقنوات وكثيراً ما شكك ملاك قنوات خاصة فى مصداقية تلك الشبكة واتهموها بأن تقاريرها غير دقيقة وأنها تخرج تلك التقارير لمصلحة من يدفع أكثر من القنوات عملائها.

لكن الأمر صعب على التصديق وينقصه الكثير من التأكيدات من إدارات الإعلان فى الشركات الكبرى خاصة الدولية منها، للتعرف على كيفية توجيه إنفاق حملاتهم الإعلانية لهذه القناة أو تلك أو إلى هذا البرنامج أو ذاك، لأنه ليست هناك دراسة علمية عن ذلك لكن المؤكد أننا عندما نشاهد برنامجا تليفزيونيا يتمتع بحجم إعلانات كبير فهذا ربط مباشر بمدى نجاح هذا البرنامج ومدى استمرارية مذيعه على الشاشة، والعكس صحيح فهناك من اختفي أو توقف أو قام بتغيير طبيعة ما يقدمه.

ربما من المهم أن نوضح للقارئ، أن جزءا كبيرا من القنوات الخاصة فى مصر تمويلها الرئيسى من الإعلانات وبالتالي تعيد القناة النظر فى كل برامجها كل دورة برامجية حسب العرف التليفزيونى، ومن يدعون أن هناك أسبابا أخرى لخروجهم من الشاشة غير انصراف الإعلانات عنهم، لماذا لا يتجهون للعمل بمحطات غير مصرية مثل دبي أو الحرة أو إم بى سى مصر مثلما حدث مع غيرهم.

ولذا لا يمكن أن نصدق ما يروج له بعض المذيعين من أن هناك أسبابا خارجية لوقف برامجهم فمن الطبيعى ألا يعترفوا بانخفاض نسبة الإعلانات على برامجهم لانه اعتراف ضمنى بالتراجع لكنه سلوك مفهوم لمن يدافع عن وجوده ومهنته، والمطالبة بوجود إعلام وطنى حقيقى ليس انحيازا لقطاع حكومى ضد قطاع خاص بل هو فهم لوظيفة الإعلام كخدمة عامة ولوظيفة التوك شو، فإعلام الـ بى بى سى فى لندن يسمى إعلام الخدمة العامة الذى لا يرتبط بحسابات السوق وبورصة الإعلانات كمؤشر للجودة أو وصول الرسالة الاعلامية لأهدافها المرجوة النبيلة ولا يمكن أن يكون الإعلام المرتبط بالإعلان هو النموذج الذى نتمنى الوصول إليه فى مصر حتى لو كان هذا هو السائد الآن.

لابد أن يكون الإعلام التليفزيونى خاصة التوك شو مستندا إلى أسس موضوعية ومهنية حتى فى أمريكا التى يضرب بها المثل فيما يسمى الحرية الإعلامية أو فى ارتباط الإعلام بالإعلان، فهناك لا ينفرد مذيع التوك شو بالشاشة ليقوم بالاسترسال فى الكلام لما يزيد على الساعة أحيانا يعتصر فيها أذهان المتفرجين ويوجههم لأفكاره الشخصية ونظرته للأمور ويؤكد ويعيد ويزيد وكأنه برنامج تنويم مغناطيسي.

أما دور مذيع التوك شو فى العالم كله فهو عمل مقدمة قصيرة وفتح باب الحوار بين أصحاب رؤى مختلفة وعمل فواصل ثم ختام البرنامج.. هذا هو الإعلام المهنى كما هو موجود فى الكتب وكما يمارس فى العالم المتحضر، فهل ينفرد لارى كينج أو كريستيان أمان بور أشهر المذيعين بالشاشة ويعرضان مشاعرهم وتقلباتهم ويصرخون ويبكون ويستميلون الناس كما يفعل بعض نجوم التوك شو الآن وهم نجوم وأسماء فى عالم برامج التوك شو.. فمن أين جاءوا بهذا ومن يقول إن من ينسبون لأنفسهم انتماءهم لمرحلة ما انهم هم من صنعوا تلك المرحلة أو أنجحوها .. هم مجرد عنصر من عناصر المجتمع التى شاركت فى حدث ما، أى إعلامى وأى فنان له كل التقدير على ما يؤديه ولكن لا يصح أن يزايد على أبناء شعبه بما يفعله ويتصور أنه هو من صنع الحدث التاريخى.. التاريخ ليس مدينا لأحد..مصر ليست مدينة لأحد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق