رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

من الادب الصينى
المراة ام القصيدة

تشوهاى ليانغ ترجمة د. نجاح عبداللطيف
كان شاعرا فقيرا محبطا يرى أن ساحة الشعر تدين له بجائزة كبرى، وما كان لجائزة كبرى أن تغير من حاله البائس غير أنه كان يرى أنه إذا ما حمل الجائزة وضمها إلى صدره سيكون أكثر شبها بالشعراء أو سيصبح لديه مبرر أقوى كي يستمر في كتابة الشعر.


ذات يوم شرب الشاعر ثم راح في النوم، وحين استيقظ رأي في غرفة مكتبته امرأة ترتدي ثوبا مزركشا وقد جمعت شعرها في كعكة. كانت المرأة مطرقة برأسها تنظر ليديها ولا تنظر للشاعر. لم يخف الشاعر من المرأة وإنما شعر بالدهشة، سألها: من أنت؟ فأجابته: أنا قصيدة من قصائدك. فعاد يسألها: أي قصيدة تلك؟ فأجابته: وكيف لي أن أعرف، لست أدري. سألها: كيف لا تعرفين؟ فردت عليه قائلة: وهل تعرف أنت ما كان قبل مولدك؟

فتح الشاعر حاسوبه فاكتشف أن قصيدة من قصائده قد اختفت، وفتح دفتر أشعاره فوجد القصائد فيه تنقصها قصيدة، ولما فتح ديوان شعره الوحيد وجده هو أيضا قد ضاعت منه قصيدة، من المؤكد أنها نفس القصيدة، تلك التي تجسدت امرأة وهو نائم. كان خيال الشاعر جامحا، لكنه لم يخطر بباله قط أن شيئا كهذا يمكن أن يحدث

سبق للشاعر أن أهدى ديوان شعره لبعض من أصدقائه، دواوين الأصدقاء بالمثل ضاعت منها قصيدة.

لا شك أن تلك المرأة هي قصيدته المفقودة.

راح الشاعر يسترجع أشعاره لعله يعرف أي القصائد تكون، لكنه عجز تماما عن تذكر القصيدة المفقودة. على كل حال ما دامت تلك القصيدة قد تحولت لامرأة فهذا يعني أن كل ما فيها صار جزءا من تلك المرأة الماثلة أمامه، اللغة والصور الشعرية والحقيقة والوهم والمشاعر. لهذا لم يعد مهما أي قصيدة تكون، المهم أن قصيدة قد تحولت لامرأة وأن هذه المرأة صارت تلازمه ليل نهار.

لا يزال الشاعر فقيرا معدما لكنه على الأقل لديه الآن امرأة تحبه. صار الشاعر سعيدا، سعيدا لأنه لم يعد يكتب الشعر، ففي كتابة الشعر ألم ليس كمثله ألم، فليس الفقر وحده ما يؤلم الشعراء.

وجد الشاعر لنفسه عملا وصار يذهب للعمل ويعود منه في مواعيد منتظمة، عرفت حياته الاستقرار وصار يعطي المرأة كل ما يكسب من نقود، نقودٌ تتحول للبن وخضراوات وفاكهة وأرز ثم تصير في النهاية أطباقا شهية على مائدته. لم تكن المرأة جميلة ومثيرة فحسب بل كانت طاهية بارعة أيضا.

لم يكن في المرأة شيء يعيبها لذا لم يقو الشاعر على فراقها، أكثر من مرة، ما يكاد الشاعر يخرج من الباب وقبل أن يغلقه وراءه يجد نفسه قد التفت وعاد أدراجه فإذا ما سألته عما عاد به قال لها افتقدتك، كان يقبلها بحرارة ورقة وهو يحسب نفسه أسعد رجل على ظهر الأرض.

ويظل الشاعر شاعرا حتى وان توقف عن كتابة الشعر، المرأة تشكلت من شعره وهذه هي قيمة الشاعر، تمنى الشاعر لو أن كل شعراء العالم تتحول إحدى قصائدهم إلى امرأة فيسعدون كما يسعد. ولكن أي قصيدة هي؟ كثيرا ما كان الشاعر يحدق في امرأته، يضمها إلى صدره، يقبلها يتمنى لو يجد خيطا يرشده. ومع ذلك بقي كل شيء حول هذه القصيدة مبهما.كل ما عرفه الشاعر أنها لابد وأن تكون قصيدة رائعة بل لعلها أفضل القصائد التي كتبها على الإطلاق، وأكثر القصائد التي تجلت فيها مواهبه الشعرية. حدق الشاعر في ديوانه الناقص وهو يدرك أن ديوانا ينقصه قصيدة لا معنى له.

كان الشاعر يرى أنه إذا خُير بين قصيدة رائعة وامرأة رائعة سيختار المرأة.

وفجأة تنامى إلى سمع الشاعر أن لجنة منظمة لمسابقة ما قد رشحت ديوانه وأن أعضاء اللجنة قد أشادوا بشعره كثيرا، لكن الديوان تنقصه قصيدة لذا لم يعد ديوانا وفقد أهليته لدخول المسابقة. فرصة قد اقتربت كثيرا من الشاعر فلما راحت حزن حزنا شديدا.

أحست المرأة بالشاعر يتعذب وقالت له: يبدو أنني السبب في خسرانك الجائزة. فأجابها الشاعر قائلا: لو خُيرت بينك وبين الجائزة لاخترتك. قالت له المرأة وبسببي أيضا سيظل ديوان شعرك إلى الأبد تنقصه قصيدة. قال الشاعر، لم أعد شاعرا. قالت له المرأة بل أنت شاعر. قال لا لست شاعرا. قالت المرأة، من أجل امرأة ستخسر جائزة كبرى إلى الأبد، لكنك لو فزت بها يمكنك أن تمتلك امرأة أخرى. قال الشاعر لا أريد امرأة سواكِ. قالت المرأة أنت شاعر, قال لها أنا لست بشاعر فأصرت قائلة بل أنت كذلك.

في تلك الليلة شرب الشاعر وأفرط في الشراب ثم راح في نوم عميق ولما أفاق لم يجد المرأة. فتح حاسوبه فوجد القصائد وقد زادت واحدة ففتح دفتره فوجد القصائد فيه وقد زادت واحدة أيضا وفتح ديوانه الوحيد فوجده كاملا في غير نقصان. كان شعره بديعا كاملا، لقد عادت المرأة قصيدة كما كانت.

ظل الشاعر طوال الليل يبكي ويتحسس تلك القصيدة ويتلوها في سره وعيناه تذرفان دما من الحزن. وفي الصباح حمل ديوانه وذهب إلى اللجنة المنظمة للمسابقة.

ما حدث بعد ذلك ليس مهما ولا يعنينا ذكره.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق