رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

183 مشكاة فى الرفاعى مجهولة المصير

تحقيق ــ خـالد مبـارك

لصوص مشكاوات «الرفاعى».. محترفون!

خبيرة مصرية بلندن : مطلوب محاصرة المسروقات وإبلاغ المنافذ المصرية والإنتربول والمتاحف وصالات المزادات العالمية

 

مع بشائر 2017 تم الكشف عن عملية جديدة لسرقة المشكاوات المصرية الإسلامية النادرة، حيث تمت سرقة 6 مشكاوات من مسجد الرفاعي، تم اكتشاف ذلك بالمصادفة البحتة ، حيث تمت السرقة بـ«حرفية شديدة» بوضع مشكاوات مقلدة بدلاً من الأصلية ، وبنفس الطريقة التي سرقت بها من قبل 4 مشكاوات ترجع لعصر السلطان برقوق والسلحدار وغيرها من متحف الحضارة بعد أن تم نقلها من المتحف الإسلامي، وبعدها سرقة دورق « قوص الأثري»، وغيرها.

وكل تلك السرقات السابقة لم تكتشف من داخل مصر، بل للأسف تم اكتشافها من خارج الحدود وتحديدا من لندن بواسطة مواطنة مصرية حيث رفضت أن تشاهد كنوز وتراث وطنها تباع أمام عينيها وتلتزم الصمت كغيرها، وقاومت بل حاصرت عمليات البيع والسماسرة والمحترفين وحدها في العاصمة البريطانية، وهي: البروفيسور دوريس أبو سيف العالمة والخبيرة العالمية والأستاذ بجامعة سواس بلندن، وكشفت علي صفحات جريدة «الأهرام» عن كل التفاصيل، وفي الوقت الذي أنكر فيه بعض المسئولين وأكدوا أن المشكاوات الأصلية موجودة بالمتحف وما يتم بالخارج هو المقلد، أثبتت دوريس أن العكس هو الصحيح وتحدتهم علي الملأ، وأجبرت الجميع علي الاعتراف بأن هناك عملية سرقة قد تمت، وبدأت إجراءات الاسترداد وتم استعادة (دورق قوص الأثري) قبل تهريبه خارج أرض الوطن، وبذلت مصر جهودا مضنية لوزارتي الآثار والخارجية والإنتربول المصري والدولي وسفاراتها في الخارج لاسترداد المشكاوات الأربع علي مدي ثلاث سنوات ونجحت في استرداد مشكاة من لندن، واثنتين من الخليج العربي، وتتم الآن مفاوضات استرداد المشكاة الرابعة ونأمل أن تسترد قريباً .




ألغاز السرقة

لقد أصبحت عملية سرقة المشكاوات الإسلامية النادرة تمثل ظاهرة تحمل في طياتها الكثير من الألغاز وليس لغزا واحدا، فالدلائل تؤكد أنها تجارة رائجة جدا لوجود سوق رائجة روادها أثرياء من هواة جمع ومقتني التحف والآثار الإسلامية النادرة وتحديداً المشكاوات التي أصبح ثمن الواحدة منها يتراوح بين 15ألفا إلى 25 ألف جنيه استرلينى، والأثريون ينبهون الي أنها تراث مصري فريد لا يقدر بثمن، وهناك ثغرات لعمليات السرقة فمن يسرقون ويبدلون ويهربون ليسوا هواة بل محترفون عتيدون، فنحن أمام كتيبة من المحترفين علي علم بكل كبيرة وصغيرة بما يقومون به ، وطريقة التنفيذ وآلياته وكيفية الابتعاد عن العيون والرقابة .. فمن هؤلاء؟

أفوكاتو التراث

بأسي وحزن تحدثت (عبر الهاتف من لندن) العالمة المصرية البروفيسور دوريس أبو سيف أستاذ الحضارة بجامعة سواس بلندن وقالت : بقدر فرحتي الشديدة بعودة المشكاوات الثلاث وبشائر عودة الرابعة والتي قدنا معركة شرسة وحملة كبيرة لاستعادتها بمساعدة جريدة «الأهرام « بقدر حزني العميق علي فقدان 6 مشكاوات جديدة دفعة واحدة من مسجد الرفاعي في الأيام الأخيرة وكأننا لا نتعظ بالماضي، هكذا السرقة تتم علنا من مسجد كبير وعريق ومشهور في القاهرة، وهذا من مسجد واحد ومن موقع واحدة فكم من السرقات تتم في البقية ؟ نعم هو الإهمال بأم عينيه، ولا أعتقد أن من يقوم بذلك شخصيات عادية بل لها ثقلها في التفكير والتنفيذ وتفهم جيدا ما تفعله، ولديها خبرات كبيرة تستطيع أن تنزع وتستبدل وتصنع مشكاوات مقلدة شبيهة بما تقع عليها أعينهم لاستبدالها ، وهذا يستغرق وقتا طويلا مما يدل أن التخطيط مسبق وبفترة كافية وكل الموقع مرصود وفي مرمي أبصارهم ، والصيد ثمين ، مع اختيار الوقت المناسب لإتمام عملية الاستبدال ، ثم عملية التهريب خارج البلاد لوحدها - إن تمت من أي طريق - تحتاج لأفراد لهم طبيعة خاصة لتسهيل الخروج، كل ذلك وكما قلت من قبل لا يحتاج لشخص واحد بل مجموعة كبيرة وكالعادة كل واحد يحفظ دوره جيداً ويؤديه بمهارة فائقة تنتهي بالنجاح كما حدث من قبل، وأتمني ألا تكون المشكاوات قد تم تهريبها بالفعل خارج مصر حتي لا يصعب أمر استردادها مرة أخري، والخسارة فادحة لأننا نتحدث عن ست مشكاوات دفعة واحدة ولا ندري أين هي الآن .؟

محاصرة البيع!

وتضيف: أطالب بمحاصرة عملية بيع المشكاوات الست الأخيرة أو اقتنائها في جميع دول العالم بتوزيع صورها رسميا من خلال السفارات المصرية، ومخاطبة جميع صالات وقاعات المزادات في العالم ، وإحكام السيطرة علي كل المنافذ البرية والبحرية والجوية وكل المعابر والطرق الحدودية لتضييق الخناق علي المهربين، وبالنسبة لدول الجوار والوجهاء والأثرياء من رعاياهم نتمني ألا يكون لأي منهم دور في إتمام تلك العمليات التي تتم لسرقة تراث مصر الحضاري والتاريخي من الآثار المسروقة، ونتمني وجود خطط تأمين شاملة لكافة المساجد والمواقع الإسلامية بل والمعابد والمتاحف والأماكن التي تحتضن مثل هذا التراث النادر، والذي يسهل سرقته أو استبداله وتهريبه وبيعه ، والتأمين هنا يجب أن يعتمد علي أحدث تكنولوجيات العصر من كاميرات مراقبة حديثة ودقيقة للغاية ، ولا أعتقد أن تراثنا العظيم لا يستحق منا أن نبخل عليه بوسائل تأمين حديثة تدحض محاولة سرقته أو النيل منه .

عيون مصر

وطالبت المسئولين بأن يكون هناك تعاون مع الجاليات المصرية في جميع دول العالم لتكون عيون مصر الساهرة خارج الحدود ترصد عن كثب حركات بيع الآثار والتحف والمقتنيات الأثرية داخل صالات وقاعات المزادات في تلك الدول وإبلاغ السفارات والمسئولين عن أي معروضات خاصة بمصر لها أثريتها .

مطرقة السلطان حسن

وتستكمل البروفيسور دوريس أبو سيف : هناك الكثير من التحف والآثار الإسلامية النادرة تحدثنا عنها من قبل ولم أجد إجابة عليها من المسئولين عن الآثار في مصر ، ومنها مطرقة بوابة مسجد السلطان حسن ، فقد اختفت مطرقتان كلتاهما عبارة عن تحفة أثرية رائعة ونادرة ، وبالسؤال كانت الإجابة فقدت واحدة والثانية موجودة في عهدة حارس المسجد في الداخل ، فهل مكانها الطبيعي في حوزته ؟ والثانية أين هي ؟ كذلك الحال بالنسبة لجزء من واجهة الباب عليه كتابة بالفضة عبارة عن تحفة فنية رائعة اختفت ولم يتم العثور عليها، فهل الأمور بهذه البساطة .

ماذا بعد السرقة ؟

وعن الإجراءات التي تمت حيال سرقة المشكاوات الست من مسجد الرفاعي يقول شعبان عبد الجواد مدير عام إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار : تم اتخاذ إجراءات مباشرة بمخاطبة رئيس قطاع الآثار الإسلامية بوزارة الآثار لموافاتنا بالصور والبيانات الخاصة بكل مشكاة علي حدة ، وجار إبلاغ الانتربول المصري والدولي بتفاصيلها ، ومتابعة صالات المزادات والقاعات العالمية المتخصصة في التحف والآثار لرصدها ، وإبلاغ المنافذ البرية والبحرية والجوية لمحاصرة عملية خروجها ، ونقوم بجرد وحصر كل المشكاوات والمقتنيات الثرية داخل المسجد بدقة بواسطة لجان وخبرات متخصصة للتأكد من سلامتها وعدم استبدالها أو سرقتها.

وأكد أهمية وجود اتفاقيات بين مصر والدول الأخري لمحاصرة عمليات التهريب والبيع للآثار المصرية والإسلامية ، وأضاف : نسعي جاهدين لإبرام اتفاقيات مع الدول الأجنبية ، ومن المهم هنا دول الجوار التي تبدأ بها عمليات التهريب وكذلك الدول المشهورة كأسواق رائجة لتلك الآثار وبها صالات وقاعات مزادات شهيرة، وهناك دول تساعدنا من خلال قوانينها الداخلية التي تجرم عمليات التداول والاتجار في الآثار المسروقة أو مجهولة المصدر ، فقد وقعنا اتفاقيتين مع السعودية والأردن ، وجار تكثيف العمل لعقد اتفاقيات ثنائية مع كل دول الخليج العربي ، والتفاوض علي اتفاقية مع السودان، ومع ليبيا عند استقرار الأوضاع الأمنية بها ، ووقعنا أول ديسمبر الماضي اتفاقية مع الولايات المتحدة وأهمية تلك الاتفاقية أن أمريكا تعد أكبر سوق للآثار في العالم، وبموجب تلك الاتفاقية تم وضع قيود صارمة علي استيراد وتصدير الآثار المصرية إلي الولايات المتحدة بهدف غلق كل الأبواب أمام عصابات التهريب .

الثغرة

يقول الدكتور علي أحمد علي مدير عام المضبوطات الأثرية والخبير في استرداد الآثار: وقفية مسجد الرفاعي المسجلة 300 مشكاة نادرة جدا ولا تقدر بثمن وبالفعل تم تسليم 117 مشكاة فقط وباقي 183مشكاة لا يعلم عنها أحد شيئا ، وقد طالبت عام 2013بضرورة جرد وتوثيق كل المقتنيات الأثرية داخل المساجد والتي في حوزة الأوقاف وبالفعل صدر قرار أمين المجلس الأعلي للآثار بذلك ، ويتم الآن التنفيذ، لأن هناك إشكالية كبيرة هي بمثابة الثغرة التي تحصل في ظلها السرقات وهي التداخل بين وزارة الآثار وهيئة الأوقاف وندرجها تحت عبارة (المنقول داخل الأثر الثابت) وتعني الآثار التي يمكن نقلها وتبديلها مثل المشكاوات وغيرها من التحف التي توجد بالمساجد ، وهذا يبرر السرقة الأخيرة من مسجد الرفاعي وغيره من السرقات الكثيرة التي تمت من قبل.

غسيل الآثار

ويتطرق علي أحمد لعملية تداول المشكاوات فيقول : القطعة التي تخرج من مصر لابد من وجود شرعية لها للدخول في الأسواق العالمية ، ومن هنا يلجأ المهربون للتحايل بإجراء ما يسمي بعملية «غسيل الآثار» بخروج القطعة الأثرية من مصر بطريقة غير شرعية إلي دولة مجاورة أو أي دولة بالمنطقة ومنها تخرج للأسواق العالمية بشهادة تصدير جديدة كونها «مقتني شخصيا» لأحد رعايا هذه الدولة، أو أن تجد القطعة أو المشكاة المسروقة طريقها إلي مجموعة خاصة لأحد هواة جمع التحف من الأثرياء وتظل حبيسة الأدراج سنوات طويلة ثم يتم عرضها للبيع بعد ذلك وبعد ارتفاع ثمنها، أو بعد نسيان دولة المصدر لهذه القطعة .

سوق رائجة

وعن رواج سوق المشكاوات والتحف الإسلامية خلال السنوات الأخيرة يقول علي أحمد : هناك طلب كبير علي الآثار الإسلامية في الأسواق العالمية بدليل عملية البيع التي كانت بإحدي صالات المزادات الشهيرة في لندن للحشوات الخشبية التي تم انتزاعها وسرقتها من قبة الخلفاء العباسيين بالسيدة نفيسة ، وقمنا باستردادها بعد جهود مضنية ووصلت مصر فعلاً.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق