لا تزال كوارث المزلقانات تتكرر بشكل يدمى القلوب، فمرة بسبب رعونة سائق يقتحم المزلقان، ومرة بسبب غياب العامل المختص، وثالثة بسبب عدم وجود مزلقان الكترونى إلى آخره، فالحوادث تتكرر والإهمال والعشوائية مسببات لها، والموتى والمصابون ينضمون إلى طابور طويل من ضحايا حوادث القطارات ،
وآخرها حادث العياط الذى وقع صباح أمس، بعدما شهد اقتحام سيارة للمزلقان المغلق، مما أدى لاصطدامها بقطار الركاب رقم 974 المتوجه من القاهرة إلى أسيوط، وأسفر الحادث عن مصرع شخصين، وهكذا يعيش أهالى مدينة العياط على حافة الخطر يوميا ، أثناء عبور المزلقان الوحيد ، الذى يوصل أطراف المدينة ببعضها البعض .
المشهد يتكرر يوميا: تنطلق الصفارات منذرة بقدوم القطار ، ويقوم عامل المزلقان مسرعاً بإنزال الحواجز الحديدية ، وينفخ فى صفارته متوقعاً أن تحذر الأهالى من خطر المرور وقت عبور القطار الذى يقترب من المزلقان ويستمر المارة فى العبور غير مبالين.
التاريخ البعيد والقريب يقول: كوارث متعددة شهدها هذا المزلقان ، وفى كل مرة يكون الفاعل «مجهولا» ، يشتكى الجميع من الحال المتهالكة للمزلقان ولمحطة التحويل ، ومن عامل التحويلة الوحيد الذى لا يجد متسعا من الوقت للذهاب إلى الحمام أو إعداد كوب من الشاى، الى الباعة الجائلين الذين يفترشون قضبان السكك الحديدية، إلى رعونة سائقين لا يبالون بما يحملون من أرواح، وهكذا يفرض الإهمال نفسه على مزلقان العياط ، وتستمر العشوائية تتسبب من وقت لآخر فى كوارث عديدة اشتهرت بها العياط وغيرها من المدن من حوادث القطارات.
يشخص المأساة أحد عمال المزلقان - طلب عدم ذكر اسمه - قائلاً نحاول منع الناس من المرور و«نغلق الجنازير»، لكن الناس يقومون بالمرور والفوضى كثيرة ، والمزلقان يحتاج لتطوير كبير وأن يكون إلكترونيا».
ويطالب المسئولين بأن يفتتحوا المزلقان الجديد بدلا من الموجود فى مساكن العياط بجوار مدرسة صلاح سالم ، حيث إنه مغلق دون مبرر .
المشهد لا يوصف، يلخصه بقوله: إن عمال المزلقان يواجهون أزمة كبيرة فى يوم الأحد من كل أسبوع حيث تقام سوق فى قلب مدينة العياط وتزدحم بشدة فى منطقة المزلقان ، وتتكدس بها التكاتك والسيارات وعربات الكارو والباعة بما يشكل خطورة كبيرة لحظة مرور القطارات لما يحتاجه العامل من وقت طويل لافساح المجال أمام القطار للمرور ، كما ان هناك قطارات تأتى مسرعة ويكون الوقت ضيقا أمام العامل لإبعاد الباعة والتكاتك من المزلقان الذى غالبا ما يكون مسدودا بهم ،مطالبا بتحويل المزلقان لنظام أوتوماتيكى بما يسهم كثيرا فى تجنب الحوادث.
وبخلاف أزمة المزلقان، الذى يعمل بشكل يدوى، والذى يُعد المنفذ الوحيد للمرور بالعياط، هناك مجتمع آخر ينتشر حول المزلقان، مجتمع من الباعة، الذين لم يجدوا مكاناً لكسب الرزق، فكان المزلقان ملجأهم الوحيد، يواجهون خطرا يوميا حقيقيا ، فما نسمعه عن حوادث القطارات وبشاعتها ، هو أمر واقع يعيشه هؤلاء الباعة يومياً.
يسحب أحدهم «فرشته» من على قضبان القطار، وينتظر مروره ليبسطها مرة أخرى، حتى يأتى الرزق المحاط بالخوف ، فعلى جنبات القضبان ينتشر باعة الأسماك والخضراوات والملابس، وهم معرضون كل دقيقة لقطار يأتى فيبتلع كل من يقف أمامه.
تقول أم أحمد ، بائعة خضراوات، «لنا سنين هنا ، وتعودنا على صوت القطر، مبيقناش نخاف منه»، .
ويضيف إسلام عبد المنعم «كلنا هنا معانا شهادات عليا ومتوسطة وقلة الحيلة هى التى جعلتنا نقف هنا ، وبسؤاله عن تخصيص مكان لهم يرد «المجلس المحلى أخد المكان الخلفى للسكة الحديدية وقال إنها لنا ، لكننا فوجئنا ببيعها» ، ويضيف : «طالبنا مرات كثيرة بتوفير أماكن لكن لم يستجب لنا أحد».
ويقول محمود ناصر - أحد المواطنين - إننا نطالب المسئولين بعمل سوق حضارية للمدينة وموقف للميكروباصات والتكاتك، كما نريد مزيدا من الرقابة على المحال التى تحتل الشوارع الرئيسية مما يعيق المرور وغلق المزلقان أوتوماتيكيا أسوة بباقى مزلقانات القرى الأخرى لتفادى الحوادث المتكررة على هذا المزلقان ولا يتحرك أحد لتطويره حفاظا على أرواح الأفراد.
فى المقابل أكد العميد أمير محمد الأمير رئيس مجلس محلى مدينة العياط أنه توصل لحل نهائى لمشكلة مزلقان العياط ، وهى مشكلة مزمنة نتج عنها الكثير من حوادث القطارات ، والبعض كانوا يقترحون الحل الاسهل وهو مطاردة الباعة الجائلين الذين يحتلون المزلقان عن طريق شرطة المرافق ، ولكن هذا الحل مؤقت فضلاً عن أنه غير إنسانى ولهذا فإنه فور دراسة المشكلة قررت حلاً نهائياً لهذه المشكلة من خلال ايجاد بديل مناسب لهؤلاء الباعة من خلال السور الذى يجرى بناؤه بالمنطقة عبر السكة الحديد بطول 700 متر حيث سيتم توفير أماكن بديلة ومناسبة لهؤلاء الباعة وإخلاء المزلقان بصورة نهائية ، وحل هذه المشكلة المزمنة بصورة نهائية ، مشيراً إلى أنه سيسعى لحلول نهائية للمشكلات والأزمات المزمنة بمدينة العياط وسيبتعد تماماً عن سياسة المسكنات والحلول المؤقتة.
رابط دائم: