أجلت لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بمجلس النواب مناقشة مشروع قانون «الإيجارات القديمة» بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية، وجعلت الأولوية لقانونى «التصالح مع المخالفات» و«البناء الموحد»،
وكأن الأزمة الاقتصادية طالت المستأجرين دون الملاك! إنه قرار مثير للدهشة لدى قطاع كبير من المصريين هم أبناء وأحفاد ملاك العقارات القديمة! فرغم مرور أكثر من ستين عاما على ظلم يعانيه أصحاب تلك العقارات الذين يتقاضون إيجارات باتت فى حكم قيمة الملاليم التى لا تكفى بشراء «عيش حاف»، مازال الانحياز قائما لمستأجرى العقارات القديمة الذين زادت دخولهم أضعافا مضاعفة على مدار عشرات السنين، فمن الظلم وضع مصلحة المستأجرين وحدهم نصب الأعين مراعاة لظروفهم المعيشية، فى حين نغمض أعيننا عن الملاك، وهو ما يعد بمثابة تمييز سلبى بين المواطنين فى تعارض واضح مع ما نص عليه الدستور من المساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات بين جميع المصريين، فضلا عن حق المرء الشرعى والدستورى فى حرية التصرف فى أملاكه الخاصة، ثم فى أى بلد فى العالم يتحمل قطاع من الشعب دعم قطاع آخر تنحاز إليه الدولة، فتعلى مصلحته فى الوقت الذى تنكر فيه بشكل صارخ مصلحة القطاع الآخر من الملاك؟!
وإذا كانت الدولة ترى فى إنصاف ملاك العقارات القديمة مشكلة وصعوبة حالية، برغم ما يعنى استمرار هذا الوضع من مضاعفة الظلم، فما حجتها فى استمرار تفشى هذا الظلم على ملاك العقارات غير السكنية؟!، وما هو المبرر الاجتماعى والإنسانى أن تظل الشقق التى يستأجرها أطباء ومهندسون ومحامون على نفس قيمة الايجارات القديمة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، رغم دخولهم المالية الكبيرة والمتزايدة بإطراء؟! وهو ما يسرى أيضا على المحلات والمتاجر بأنواعها!
وما هو نفس المبرر للشركات الحكومية والاستثمارية والخاصة التى تقطن تلك العقارات، رغم أن بعضها يمتلك مقار خاصة بها فى المدن الجديدة، وبعضها الآخر يمتلك من الامكانات المادية الكبيرة ما يمكنها من استئجار مقار أخرى بالقيمة الحالية للايجارات، أو رفع قيمة ايجارات ما تستأجره فى العقارات القديمة؟! أو تحرير العلاقة الايجارية بين الملاك والمستأجرين.
إذا كانت الحكومة لم تعد قادرة على تحمل «دعم المواطن» فهل يتحمل مواطنون فى ظل هذا الغلاء الفاحش دعم مواطنين آخرين؟!! هل هذا منطق؟! وهل هذا الوضع يمثل مقدار ذرة من عدل؟!
محمد سعيد عز
رابط دائم: