وضع الله الجنه تحت اقدام الامهات وجميع الكتب والاديان السماوية اوصت الابناء والازواج علي الام وقال عنها رسولنا الكريم انه الاحق بصحبة ابنائها قبل الاب ثلاث مرات ووصفها شاعرنا العظيم احمد شوقي انها مدرسة لإعداد شعب طيب الاعراق وغني لها كبار المطربين.
ولكن السؤال من هي تلك الام التي تستحق تلك المكانة الإلهية والانسانية، هل هي التي تحفظ وترعي ابناءها وتخشي عليهم من لفح انفاسها، ام هي الام التي تلد وتلقي بجنينها في الشارع تنهش الكلاب الضالة لحمه وعظامه؟ ذلك ماحدث في محافظة جنوب سيناء عندما تنصلت ام من كل مشاعر الرحمة والانسانية والقت بجنينها حديث الولاده بجوار احد العقارات لعل برودة الجو القارسة في المدينة الساحلية تزهق روحه أو ينزل عليه كلب مسعور يلتهم جسده البريء او تدهسه سيارة او يحمله عامل القمامة فالمهم عندها ان تتخلص من هذا الملاك .
ايقظت اصوات صراخه سكان العقارات بحي السلام وكأنه كان يرسل استغاثه لاصحاب القلوب الرحيمة ان ينقذوه من برودة الجو وان يجرعوه حتي ولو رشفة مياه دافئة لتذيب الثلوج المتراكمة داخل احشائه وتتبع اصحاب العقارات مصدر الصوت حتي وصلوا الي البريء وعثروا عليه ملفوفا داخل بطانية ملطخة بالدماء مما يؤكد انه لم يمر علي ولادته سوي ايام قليلة وبمجرد ان شعر البريء بالعشرات يلتفون نحوه راح ينظر الي كل الوجوه وكأنه يتوسل اليهم ان يعيدوه الي تلك الام الملعونة ليرضع من لبنها ويستدفئ باحضانها ثم كف عن البكاء وكأنه ينتظر مصيره وانكفأت عليه سيدة عجوز وضمته بين ضلوعها وانهار من الدموع انسابت علي وجنتيها وهي تقبل كل ذرة من جسده وتدعو علي تلك الام التي هان عليه رضيعها حتي وان كانت قد حملت فيه سفاحا، فهو قطعة من جسدها وطلبت من الجيران ان يشتروا له علبة لبن وافترشت العجوز الارض ولفت البريء بملابسها وراحت تسكب اللبن في فمه حتي استغرق في النوم العميق وبيده البريئة كان يمسك بجلبابها وكأنه يتوسل اليها ألا تتركه فهو محتاج الي ذلك الحضن الدافيء .
ساعات مرت والاهالي ملتفون حول الصغير حتي قام احدهم بابلاغ قوات الشرطة بالعثور علي رضيع بجوار العقار رقم 16 بحي السلام وجاءت القوات وبتفتيش البطانية الملفوف بها الرضيع تم العثور علي مبلغ مائتي جنيه يرجح ان الام الملعونة وضعتها في جسد ابنها مقابل تكاليف نقله الي احدي دور الرعاية او شراء الكفن له في حاله وفاته وقامت العجوز التي اطعمت الطفل بتسليمه الي رجال الشرطة لايداعه احدي دور الرعاية وهي تتوسل اليهم ان يحموه من برودة الجو ولايسأموا من بكائه فهو لم يرتكب اثما سوي انه ابن لام ملعونة هان عليها ضناها والقته في الشارع وتحول الحشد الي مشهد جنائزي حيث راحت كل امهات حي السلام يبكين علي الصغير وهو يركب سيارة الشرطة ويضمه مجند في حضنه وذهب الرضيع ليواجه مصيره في رحلة حياة محفوفة بالوحدة فهو لايعلم ماذا سيكون اسمه واسم امه وابيه وماذا سيكون مصيره وماذا سيكتب في بطاقته الشخصية عندما يكبر.. هل سيكتب كلمة لقيط ام مجهول الهوية .
رابط دائم: