رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قوانين «ترويض» الإنترنت حق للدول والمجتمعات

إعداد ــ قسم الشئون الخارجية
عندما تحدث بعض نواب البرلمان فى مصر عن مشروعات قوانين لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها فيسبوك، ومعها يوتيوب وتويتر، لم يكن هؤلاء يتحدثون عن «بدعة» أو اختراع جديد يستدعى تأفف بعض المعارضين والنشطاء والإعلام الأجنبي، فهؤلاء كانوا يطالبون بسن قوانين واتخاذ إجراءات اتخذتها دول أخرى بالفعل،

فى السر أو فى العلن، أو تستعد لتبنيها، بهدف منع انتشار الأفكار المتطرفة والترويج للتنظيمات الإرهابية والحركات الفوضوية، وكذلك السب والقذف، ونشر الشائعات، عبر الإنترنت، وهو حق لكل دولة، متقدمة كانت أو من دول العالم الثالث.

لن نتحدث هنا فقط عن دول قمعية أو منغلقة تماما تفرض حظرا حديديا كاملا على استخدام الإنترنت بصفة عامة، أو جزئيا على فتح بعض المواقع، وبعض المحتويات، وعلى تحميل بعض المواد، فالدول المتقدمة لها أيضا قوانينها التى ازدادت أهميتها بعد تنامى ظاهرة الإرهاب.

ففى الولايات المتحدة، بدأت شركات الإنترنت الكبرى مع نهاية عام 2016 قبول مبدأ «التعاون» مع السلطات الأمنية لمنع المحتوى المتطرف عبر مواقع التواصل الرئيسية، مع استمرار الجدل حول «تعاون» مماثل فى مجال تزويد السلطات المختصة ببيانات المستخدمين وقت الضرورة وفى حالة صدور حكم قضائي، إذ أن مختلف الشواهد والأحداث تؤكد أن هذه الإجراءات سارية بالفعل منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 رغم ما يقال عن إصرار مسئولى مواقع وشركات الإنترنت الكبرى على حماية «خصوصية» عملائهم.

وفى بريطانيا، قلعة الحريات فى العالم، أقر البرلمان البريطانى هذا العام قانونا يمنح جهاز المخابرات والسلطات الأمنية صلاحية مراقبة بيانات وتحركات مستخدمى الهواتف والإنترنت فى إطار الإجراءات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والجرائم الإليكترونية.

ويمنح القانون صلاحيات أكبر للمؤسسات الأمنية والمخابراتية لمراقبة الأشخاص الذين يشكلون خطرا أمنيا أو إرهابيا على البلاد، كما يلزم شركات الاتصالات والإنترنت بتسجيل تفاصيل التطبيقات والخدمات والمواقع التى يزورها المستخدمون على مدى 12 شهرا وتقديم المعلومات اللازمة للحكومة البريطانية فى حالة طلبها، بل وينص القانون أيضا على إمكانية تصفح بيانات قديمة حذفها المستخدمون!

وعلى الرغم من أن وسائل إعلام بريطانية وصفت القانون بأنه «حكم بالإعدام للصحافة الاستقصائية»، فإن الحكومة البريطانية لم تصغ لأى من هذه الأصوات، واعتبرت أن أمن البريطانيين أهم من أى شيء آخر، بل ووصفت القانون بأنه يمكن أن يكون «رائدا» على مستوى العالم!

وفى تركيا، التى تدعى الديمقراطية وتسعى للانضمام للاتحاد الأوروبي، سنجد أنها أكثر دول العالم رقابة على مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت بصفة عامة، أكد مستخدمو الإنترنت أن السلطات الأمنية اعتادت على قطع «النت» مع وقوع كل حادث إرهابي، وقد حدث هذا بالفعل بعد حادث مقتل السفير الروسى فى أنقرة، وشمل هذا الانقطاع خدمات فيسبوك وواتس آب وتويتر.

وعلى الرغم من أن مستخدمى الإنترنت فى تركيا ضاقوا ذرعا من هذه الإجراءات، ورغم الانتقادات الأوروبية والدولية الموجهة إلى سجل تركيا فى قمع الحريات الإعلامية، فإن السلطات الأمنية هناك لا تتهاون فى تطبيق ما تراه مناسبا لترويض الإنترنت، بخاصة مواقع التواصل الاجتماعى بين الحين والآخر.

وفى الصين، اكتشفوا سريعا جدا، بل وتأكدوا، من أن مواقع التواصل الاجتماعى المستخدمة على نطاق واسع حول العالم ما هى إلا وسائل للتجسس ونشر المفاهيم الغربية التى لا تتناسب مع مجتمعهم ذى الخصوصية، فقرروا التخلى عن هذه المواقع نهائيا، وابتكروا مكانها مواقع تواصل «صينية» يفوق عدد مستخدميها مستخدمى جوجل وفيسبوك وتويتر، فهناك «بايدو» بدلا من جوجل، و»ويبو» بديلا لتويتر، و»واى تشات» و»كوم 51» بديلان لفيسبوك، والأخيران منتشران للغاية فى الصين وكل أنحاء آسيا. كما أعطت السلطات الصينية لنفسها الحق فى توجيه نتائج البحث عن معلومات ذات طابع حساس مثل «ميدان السلام السماوي» أو «تايوان»، لتصل إلى محتويات محددة أقرتها الجهات الرسمية.

وتجند الصين ما يزيد على 400 ألف «مراقب إليكتروني» يتابعون ويحظرون ويحذفون المحتوى الذى لا تقبله السلطات، ويشمل ذلك بالمناسبة المواقع الإباحية.

وعبثا يحاول مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك هذه الأيام تطوير موقعه ليستطيع الدخول إلى الأسواق الصينية.

ولن نتحدث هنا عن إيران التى تلزم المدونين بتسجيل بياناتهم أولا فى وزارة الثقافة، ولا عن كوبا التى يقتصر استخدام الإنترنت فيها على مسئولى الحكومة، كما لن نتحدث عن النماذج العربية التى تحظر الدخول على مواقع بأكملها، مثل النموذج المطبق فى قطر، والذى يتضمن قوانين صارمة لرقابة الإنترنت تشمل السجن والغرامات للمخالفين المتورطين فى نشر أخبار تهدد الأمن أو النظام العام للدولة أو القيم الوطنية!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق