واصل مؤتمر «فكر ١٥» فعالياته أمس لليوم الثانى فى أبوظبي، تحت عنوان: «التكامل العربى: مجلس التعاون ودولة الإمارات العربيّة المتّحدة»، وتضمنت الفعاليات أربع جلسات متخصّصة متوازية، شارك بها ممثّلون عن المنظمات والمؤسّسات والمجالس والهيئات والصناديق العربية المتخصصة فى الوطن العربي، حيث قدّموا أوراقهم البحثيّة ورؤيتهم حول أربعة موضوعات هي:التكامل الاقتصادى والتنموي، والتكامل الأمنيّ، والتكامل الثقافي، ومؤسّسات التكامل العربي.
ففى الجلسة الثقافية تم طرح عدة أسئلة، كان على رأسها كيف يُمكن للتّكامل الثقافيّ تعزيز ثقافة المواطنة والانفتاح والتسامح وقبول الآخر فى المجتمعات العربيّة؟ وهو السؤال الذى وجّهته مؤسّسة الفكر العربيّ إلى عدد من الهيئات والمؤسّسات العربيّة المتخصّصة، وهي: المجلس الأعلى للثقافة فى مصر، والمنظّمة العربيّة للتّربية والثقافة والعلوم، والنادى الثقافيّ العربيّ فى بيروت، والمركز الثقافيّ الملكيّ فى الأردن. وقد أدار الجلسة نبيل عبد الفتاح الباحث فى المركز الاستراتيجى بمؤسسة الاهرام، وتحدّث فيها الدكتور ماجد الصعيدى مُمثّلاً عن المجلس الأعلى للثقافة فى مصر عن مستويات التكامل الثقافيّ، ومن بينها القوميّ والوطنيّ. واعتبر أنّ التكامل الثقافيّ هو أحد الوسائل الفعّالة فى المشروع الحضاريّ العربيّ، مشدّداً على أهمّية اللّغة العربيّة ودور المثقّفين فى هذا السياق. ودعا إلى التعدديّة الثقافيّة والتعايش السلميّ مع الآخر، مؤكّداً دور الفنون فى إرساء التكامل الثقافيّ والنهوض بالمجتمعات العربيّة. كما عرض بعض الاقتراحات والتوصيات التى توصّل إليها المجلس الأعلى للثقافة، ومنها الاتّفاق على صياغة جديدة ومحدّدة لمفهوم الثقافة، وإقامة تعاون مشترك بين مجامع اللّغة العربيّة، وإنشاء مراكز قوميّة لتحقيق التراث ونشره، إضافة إلى وضع خطّة لرعاية الموهوبين العرب.
وجاءت جلسة التكامل الأمنيّ لتبلور اتفاق عدد من المشاركين على أهمّية دور مجلس وزراء الداخلية العرب، وضرورة تفعيل مجلس السلم والأمن العربيّ، فى ظلّ التّحديّات والمخاطر التى تواجه الدول العربيّة، وفى مقدّمتها جرائم التطرّف والإرهاب.
وتناول الدكتور عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، مهدّدات الأمن القوميّ العربيّ، وفى مقدّمتها القوى الإقليميّة الخارجيّة وتدخّلاتها فى الشأن العربيّ، وافتقاد الدول العربيّة للقوى الموحّدة القويّة القادرة على منع التّدخل والتّصدّى لأيّ محاولة تسعى إلى عرقلة تحقيق مصالح العرب، الأمر الذى يدفع ببعض الدول العربيّة إلى عقد تحالفات استراتيجيّة مع بعض القوى ذات النفوذ التوسعيّ. وأكّد أنّه لا مكان للحياد وقت الحديث عن تهديدات الأمن القوميّ العربيّ.
فيما اهتمّت ورقة الدكتور محمد على كومان، أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب، بكيفية بناء شبكة أمنيّة عربيّة تتصدّى للتهديدات المحيطة بالمنطقة، شارحاً هيكل المجلس الذى يتولّى أمانته ودوره، والآليات التى يعتمدها المجلس، مشيراً إلى إصدار الأمانة العامّة قائمة موحّدة للأشخاص والكيانات التى ترتكب الجرائم فى البلاد العربيّة.
وتحت عنوان «صياغة رؤية استراتيجيّة تنمويّة تستجيب لحاجة المواطنين والأجيال المُقبلة فى الوطن العربيّ»، عُقدت جلسة التّكامل الاقتصاديّ والتنمية، وترأسها رئيس الوزراء اللبنانيّ الأسبق فؤاد السنيورة، وتحدّث فيها عدد من الخبراء والباحثين، ناقشوا السؤال الذى طرحته المؤسّسة: «كيف تُسهم الحكومات العربيّة والقطاع الخاصّ ومؤسّسات التمويل العربيّة فى رسم استراتيجيّة للثقافة البشريّة وتنمية الاقتصاد؟». وتحدّث السنيورة عن حجم المشاكل التى تطفو على السطح العامّ فى المجتمع العربيّ، ويرتبط بعضها بالهويّات وبإدارة الشأن العامّ والصدامات الداخليّة العنيفة غير الديمقراطيّة، والتى أسهمت فيها أنظمة الاستبداد نتيجةً لتأثيراتٍ خارجيّة مُخرّبة للفكر العربيّ، والدولة، والدين، ومُدمّرة للإنسان والعُمران.
وعن جلسة التكامل العربي، أكد محمود عفيفى المتحدّث الإعلاميّ باسم الأمين العام لجامعة الدول العربيّة باستعارة عبارة قالها الأمين العامّ لدول مجلس التعاون الخليجيّة عبد اللطيف الزيّانى بأن «الوطن العربى لا تنقصه مؤسّسات التكامل العربيّ؛ بل الإرادة الحقيقيّة كى تعمل هذه المؤسّسات بشكل يربط ما بين الجهد المبذول واحتياجات المواطن العربيّ، على أن توضع رؤية لتحقيق الهدف الأسمى من ورائها، وهى الوصول إلى التكامل العربيّ.
وقدّمت المهندسة جميلة مطر مدير إدارة الطاقة فى جامعة الدول العربيّة، عرضاً مرئياً حول كيفيّة تحقيق رؤية للتكامل العربيّ فى قطاع الربط الكهربائيّ العربيّ الشّامل، وتناولت السياسات والأهداف الاستراتيجيّة والخطط، مركّزة على الهدف الأهمّ وهو تسريع الانتقال إلى سوق عربيّة مشتركة للكهرباء.
وشدّدت ندى العجيزى مديرة إدارة التنمية المُستدامة والتعاون الدولى بجامعة الدول العربيّة، على أهمّية التخطيط بين المجالس الوزاريّة المتخصّصة لتشمل أولويّات الأمن القوميّ العربيّ، ودعا فوزى الغويل مدير إدارة الأمانة الفنّية لمجلس وزراء الإعلام العرب، إلى الدخول فى خطوات تنفيذيّة وعمليّة للمشاريع العربيّة الكبرى، وإلى الاهتمام بالجوانب الإنسانية والثقافية جنباً إلى جنب مع العمل السياسيّ والاقتصاديّ
رابط دائم: