رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

أسيوط «بوابة» الكنز المدفون
القوصية بنيت على أنقاض أضخم مدينة فرعونية

أسيوط ـ حمادة السعيد ووائل سمير
كشف الأثريون بأسيوط عن واقع جديد لمقومات السياحة بالمحافظة التى سوف تحدث تغيرا جوهريا فى الخريطة السياحية للمحافظة لما تمتلكه من مقومات سياحية وأثرية باحتوائها على خمسة أقاليم فرعونية على مدى تاريخ الدولة القديمة والوسطى والحديثة واحتضانها لأقدم حضارتين عرفتهما البشرية بقريتى الهمامية بالبدارى ودير تاسا بساحل سليم ، هذا بجانب اقدم محكمة فى تاريخ البشرية.

ويؤكد ذلك ويدلل عليه عمليات النهب المستمرة لآثار أسيوط من خلال الحفر المستمر وخاصة أسفل المنازل فى مناطق غرب أسيوط ودير الجنادلة والغنايم وكوم اسفحت بصدفا ودير تاسا بساحل سليم ، وعدة مناطق بالبدارى وابنوب والقوصية وقرية شطب التى تعد من أهم المواقع الأثرية والتى تأتى إليها فرق التنقيب عن الآثار من الجامعات العالمية المختلفة بإلاضافة إلى منطقة «منقباد» وما تحويه من آثار إسلامية وقبطية ورومانية ..

ومحافظة أسيوط تسبح على عدة مدن أثرية تنتظر الكشف عنها اليوم قبل الغد ، وهذا ما أكده خبراء الآثار بعد أن تم نهب العديد من مقومات الأسر الفرعونية فى الجبل الشرقى بالبدارى وساحل سليم وابنوب وكذا فى الجبل الغربى ، بداية من درنكة حتى مركز الغنايم جنوبا .

أما المفاجأة الكبرى فهى ما كشفت عنه الدراسات الأثرية بأن مدينة القوصية بنيت على أنقاض أضخم مدينة فرعونية ومعبد حتشبسوت ومن الغريب أن معظم آثار اسيوط لا تزال تحت قبضة العابثين نتيجة قلة امكانات هيئة الآثار، ونهب هؤلاء التجار واستغلالهم للبسطاء الذين يراودهم حلم الثراء السريع، لذا يجب استصدار قرار جمهورى ببدء عمليات البحث عن تلك الآثار المدفونة مثلما حدث فى مدينة أخميم بسوهاج والقرنة بالأقصر .


فى البداية يقول الأثرى راجح درويش ـ كبير مفتشى آثار مير ـ إن محافظة اسيوط تزخر بالعديد من المناطق الأثرية المنسية والتى لم تبح بأسرارها حتى الآن، حيث إن مدينة القوصية الحالية مقامة على أنقاض المدينة الأثرية القديمة والتى كان اسمها فى العصور القديمة «كيس» ثم تطور الاسم إلى « كوساي» فى العصور اليونانية الرومانية، ومنها جاء الاسم الحديث القوصية ، أما بالنسبة لجبانة مير فاسمها القديم يرجع إلى التسمية القديمة «ميريت ورت» والتى تعنى «الجسر العظيم» أو «الشاطئ»، وربما ترجع هذه التسمية إلى أصل قبطى ويعنى الشاطئ أو الجرف أو الجسر.. وهناك مناطق بالقوصية لاتزال تحمل الاسم الفرعونى مثل منطقة البربا وتعنى بالفرعونية المعبد.

وقال الباحث الأثرى سمير حمدة : لقد كانت هناك ضياع للملك «سنفرو» مؤسس الأسرة الرابعة وصاحب الهرم المدرج بسقارة فى الإقليم الرابع عشر «القوصية» وهى ثلاثة قصور كل منها له وظيفة معينة وهذه الضياع هى : الضيعة « جفوت ـ سنفرو» وقد ذكر اسم هذه الضيعة فى قائمة الملك سنفرو بمعبد الوادى ، ويعنى اسمها « طعام سنفرو» وهى مسئولة عن تقديم الطعام والمؤن للملك .. والضيعة «منس سنفرو»وذكر اسم هذه الضيعة على أثرين، أحدهما يرجع لعصر الأسرة الخامسة «عهد الملك أسيسي» والآخر يرجع إلى عصر الأسرة السادسة «عهد الملك بيبى الأول « ويعنى اسمها « آنية سنفرو «، والضيعة « نخن سنفرو» ويعنى اسمها «حصن سنفرو» وربما كانت استراحة للملك سنفرو .

حتشبسوت تنتظر من يكتشفها

قدس أهالى الإقليم الرابع عشر الإلهة حتحور معبودة الإقليم وأقاموا لها معبدا فى عاصمة الإقليم القوصية وقد عثر على وثيقة من عصر الأسرة الثامنة عشرة تثبت وجود هذا المعبد بالقوصية منذ الأسرة الثانية عشرة على أقل تقدير ، فقد ذكرت الملكة حتشبسوت أن معبد القوصية قد دمر ، وأنها أعادت بناءه من جديد ، ومن المحتمل أن هذا المعبد دمر فى عصر الانتقال الثانى على أيدى الهكسوس الذين تقدموا نحو الجنوب وغزوا القوصية لتكون آخر المناطق التى احتلوها فقد ورد على لوحة «كارنارفون» .....»انتبهوا العامو تقدموا حتى القوصية» ....ويقصد بـ»العامو» هنا الهكسوس ، وقد استمر وجود هذا المعبد حتى العصر البطلمى إلى أن أخفته معالم التاريخ والبحث عنه واكتشافه سيثرى تاريخيا لما يحويه من وثائق وحقائق فرعونية عن تلك الحقبة .

5 مجموعات

وقد قسم عالم الآثار الإنجليزى بلاكمان «Blackman» مقابر القوصية لخمس مجموعات « A.B.C.D.E. « وتحتوى كل مجموعة على عدد من المقابر وجاء الرمز المعبر عن اسم القوصية قديما عبارة عن رجل يمسك بكلتا يديه برقبتى حيوانين خرافيين يشبهان تلك الحيوانات التى صورت على صلاية نعرمر «نارمر» الموجودة الآن بالمتحف المصرى ، ورغم هذا الكم الكبير من الملوك والحكام الذين تعاقبوا علي حكم القوصية فإن المدينة القديمة لم تكتشف بعد ولم يكشف عن أى أجزاء من هذا المعبد حتى الآن وجار البحث عن مكانه خصوصا أنه تم العثور فى بعض أماكن القوصية على أحجار يرجح أنها جزء منه ، وهناك منطقة آثار قرية «التتالية» وهى جبانة مهمة من الناحية الأثرية وكانت مخصصة خلال العصر اليونانى والرومانى لدفن عامة الشعب ، ونظرا لأهميتها تقوم منطقة آثار أسيوط الشمالية بإدراجها ضمن خطة الحفائر العلمية لوزارة الآثار ، وكذلك الحال فى جبانة عواجة. وتمتد منطقة لوحات الحدود بالحوطا الشرقية بديروط، وهى لوحات منحوتة بصخور الجبل الشرقى من مقام الشيخ أبو خشبة ، شمالا حتى درب الزيات جنوب مقام الشيخ عبد الحميد وعددها خمس لوحات تقع فى دائرة منطقة آثار أسيوط الشمالية، وباقى لوحات مدينة اخناتون تقع بدائرة منطقة آثار المنيا الجنوبية وترجع أهميتها التاريخية إلى أنه بعدما خلف أمنحوتب الرابع «اخناتون» أباه أمنحوتب الثالث فى الحكم عام 1378 ق.م وفى العام الرابع من حكمه وبعد تركه لديانة آمون واعتناقه الديانة الأتونية ترك طيبة عاصمة مصر فى ذلك الوقت هو وزوجته الملكة نفرتيتى وأفراد حاشيته متوجها الى الموقع الذى اختاره ليكون عاصمة ملكه، وأطلق عليها « اخت ـ اتون « أى أفق الشمس وفى العام التالى لانتقاله شرع فى إقامة منشآت العاصمة الجديدة وفى حالة الوصول لتلك العاصمة سيكون كشف تاريخ عظيم .




فى قبضة اللصوص

تعد منطقة الجبل الغربى من أكبر المناطق الأثرية فى أسيوط ورغم ذلك مازالت فى قبضة اللصوص، حيث كشفت المومياء الفرعونية التى تم العثور عليها منذ فترة ملقاة بوسط مقابر المسلمين بعرب المدابغ بأسيوط عن المأساة الكبيرة التى تعيشها أكبر منطقة للآثار الفرعونية بأسيوط والتى ربما لا يعلم عنها المسئولون ولا المواطنون شيئا، حيث توصلت عمليات البحث التى تمت عقب العثور على المومياء إلى أن تلك المنطقة الأثرية تزخر بالعديد من المقابر التى خرجت منها عشرات المقتنيات الأثرية التى نهبت وسرقت وبعضها تم عرضها بالمتاحف الأجنبية ، وكان من أبرزها تمثال الأميرة « سنوى « زوجة «جيفاى حابى الأول» المصنوع من الشست بمتحف بوسطن بأمريكا، ومنها ماهو معروض بالمتحف المصرى لعل أشهرها القطعة الأثرية الفريدة التى تؤكد قيام الفراعنة بتصميم أول «ماكيت هندسي» فى تاريخ البشرية ، وهو عبارة عن لوحة الجنود والتى تتكون من 40 جنديا مقسمين إلى مصريين ونوبيين وهى مستخرجة من مقبرة «مسحتي» حاكم أسيوط .

أول معركة بحرية فى التاريخ

يقول الأثرى أحمد عبدالرحيم عبد المجيد ـ مفتش آثار أسيوط ـ إن هذه المنطقة تقع فى الغرب تماما من مدينة أسيوط بنحو 2 كم وتمثل مقابر أمراء وحكام المقاطعة الثالثة عشرة من مقاطعات الصعيد والتى كانت تعرف باسم «نجفت ـ خنتت» وعاصمتها مدينة «سيوط» وتجسد جدران إحدى تلك المقابر وقوع أول وأقدم معركة نهرية فى تاريخ البشرية فى العالم ووقعت فى أسيوط أمام قرية شطب وكانت بين أسرة «خيتي» التى كانت تحكم من مدينة أهناسيا ببنى سويف وبين «الأناتفة» الذين كان مقرهم مدينة طيبة «الأقصر» وانتهت بانتصار أسرة خيتى بعد مساندة أمراء أسيوط لهم، وقيامهم بمطارة الأناتفة، وقد سجلت تلك الأسرة انتصاراتها على جدران المقابر، ونظرا لأهمية هذه المعركة التاريخية فقد سجلها الفراعنة على ماكيت هندسى يجسم المعركة فى وسط المياه والاشتباكات بين الجنود ، ويبين كذلك فرارهم حتى حدود أبيدوس «سوهاج» فى شكل رائع وفريد لم يشهده التاريخ من قبل .

وأضاف الأثرى أحمد عبدالرحيم أن البعثة الألمانية التى تعمل بالمنطقة قسمت الجبل الغربى إلى 11 مستوي، المستويان الأول والثانى اندثرا بفعل عوامل الطبيعة ، وتعتقد البعثة أنهما يقعان أسفل الجبل بالأراضى الزراعية المتاخمة للجبل ، ويعتقد أنهما يضمان معبد «أوب واوات» حارس الجبانة ومرشد الموتى الذى كان رمزا لإقليم أسيوط وكانوا يعبدونه اتقاء لشره ، والمستوى الثالث فتم اكتشاف مقبرة «جيفاى حابي» أضخم مقابر الدولة الوسطى وأجملها، والمستوى الرابع يضم مقبرة الكلاب، حيث عرفت أسيوط جبانات الحيوانات والطيور، وعلى وجه الخصوص جبانات القطط والكلاب والقرود المقدسة المحنطة بالإضافة لحيوان ابن «أوي»، أما المستوى الخامس فلم يتم العمل به بعد، ولم يبُح بأسراره والمستوى السادس يضم مقبرتى «خيتى الأول والثاني» وكذلك مقبرة الجنود ، والمستوى السابع يضم مقبرة «أيتى ايبى اقر» حاكم أسيوط ووريث «خيتى الثاني» وهى من أهم المقابر نظرا لجمال ألوانها وبهائها ، كما أنها سجل حافل لكل من قام بزيارتها فى مختلف العصور، أما المستويات 8 , 9 , 10 ,11 فجار العمل بها ولم تبُح بأسرارها.

قدم محكمة فى التاريخ

وتنفرد أسيوط عن غيرها بأقدم محكمة عرفتها الانسانية فى التاريخ، حيث تضم آثار الهمامية أقدم محكمة كانت تختص بحل مشكلات وخلافات الرعية، وهى تضم قفصا حجريا، ومقاعد لهيئة المحكمة وهى قريبة للغاية فى تصميمها من الشكل الحالى لقاعات المحاكم وهو ما يبعث برسالة مهمة للعالم أجمع بأن العدل فى الأرض بدأ من مصر ثم انتقل الى باقى البلدان، وهى رسالة مهمة يجب أن تصل إلى الجميع للتأكيد على عظمة الفراعنة الذين علموا البشرية أسلوب الحياة والتقدم .

المعبد الفرعونى

وفجر غالى سيفين نجل عمدة دير تاسا ـ مفاجأة من العيار الثقيل حينما أكد أن والده روى له أنه فى عام 1945جاء « خواجة « إلى البلدة واستخرج مقبرة وأخذها وسافر فى الوقت الذى كانت المعرفة لدى الناس بسيطة ولم يعلموا وقتها قيمة المقبرة أو أن يستكملوا استكشاف المدينة القديمة فى ذلك الوقت وتلك كانت اول مرة يعلم فيها المستشرقون حضارة تاسا او كما أسموها بذلك واضاف ان هناك ديرا فرعونيا غمرته الرمال يرجع إلى آلاف السنين وهناك شك فى مكان وجوده فى بعض المناطق الملاصقة لدير تاسا فى حضن الجبل والمعروفة لدى جميع سكان القرية ويحتاج إلى بعثة أثرية للتنقيب عنه حيث إنه سيكون مزارا سياحيا لا مثيل له.

مسلم وراء تشييد كنيسة دير تاسا

وأضاف غالى سيفين أن تاسا كانت تشتهر قديما بصناعة الأوانى الفخارية والكتان التى اندثرت بعد معرفة الأهالى بالزراعة ، مفجرا لـ»الأهرام» مفاجأة قائلا إن الكنيسة الموجودة حاليا بدير تاسا والمبنية فى القرن السادس عشر الميلادى على شكل أديرة أخميم بناها أحد الأعيان المسلمين وكان يسمى أحمد العداس من قرية بويط المجاورة لقرية تاسا بعدما رأى فى المنام أنه جاء لهذا المكان وأخذ يحفر ليجد حجرا كبيرا تحته بئر فاستخرج منها الماء لبناء الكنيسة وعندما جاء بالفعل وحفر واستخرج الحجر وجد البئر تحتها فشرع فى بناء الكنيسة وبينما هو واقف وحصانه مقيد بالحديد اذ خرج عليه مجموعة من أهليته يريدون قتله مستنكرين قيامه ببناء الكنيسة وعندما هم بالانصراف وجد القيد الحديدى قد فك دون تدخل من أحد ليساعده على الهرب منهم، عندها تراجع أهليته عما يريدون واستمر هو فى بناء الكنيسة ، وظل العداس وعائلته يأخذون الخمس فى النذور وما يدخل الكنيسة ، ثم قام بعض الأهالى بتغطية هذه البئر والبناء بجوارها رغم أن ماءها كان عذبا جميلا، وظل الحجر الموجود حاليا بالكنيسة شاهداً على الواقعة، وأضاف أن هذه الكنيسة يأتيها وفود من دولة اثيوبيا كل عام لزيارتها وان عمرها يعود لمئات السنين.

العصر الفرعونى

وقال الأثرى مدحت فايز ـ لقد كان لأسيوط مكانة عظيمة فى وادى النيل، ولقد ظهرت أسيوط فى عصر ما قبل الأسرات بحضارتى تاسا والبدارى ولعبت أقاليم أسيوط دورا كبيرا فى العصر الفرعونى واحتلت مكانة فريدة فى العصر اليونانى الرومانى باعتبارها البوابة الشمالية لأقاليم مصر العليا ، وتأتى أهمية محافظة أسيوط فرعونيا فى احتوائها على خمسة أقاليم فرعونية، هي: الإقليم العاشر وتمثله مدينة البدارى حاليا وقديما كانت تعرف باسم « قاو الكبير» وعرفه اليونان باسم «افروديت» ربة الجمال عند اليونان، وتقع جبانة حكام وأمراء هذا الإقليم فى قريتى الهمامية وعزبة يوسف ومن أشهر مقابر الهمامية فى الدولة القديمة مقبرة (جفاى دد) ومقبرة (رع ـ حوتب) ومقبرة « كا - خنت» ومن ألقابه المشرف على الأعمال فى أقاليم الصعيد ، ومقبرة (كا ـ ام ـ نفرت) وتتميز هذه المقابر بكثرة المناظر والنصوص وهى مقابر مفتوحة للزيارة ومن ضمن مقابر حكام هذا الإقليم فى الدولة الوسطى مقابر عزبة يوسف وأشهرها مقبرة (واح ـ كا الثانى )ومقبرة (ابو) هذا بجانب عدد كبير من المقابر غير المنقوشة وغير معروف أصحابها وهذه المقابر تمثل سجلا تاريخيا لحكام وأمراء وكبار موظفى هذا الإقليم خلال عصر الدولة القديمة والوسطى .

ويضيف فايز: أما الإقليم الحادى عشر فأطلق عليه قديما شاس ـ حتب ومكانه حاليا قرية شطب وهو اصغر أقاليم مصر العليا ويظهر من جبانة حكام وأمراء هذا الإقليم مدى غنى هذا الإقليم حتى انه كان للملك سنفرو أربع ضياع بهذا الإقليم وتقع مقابر حكام وأمراء هذا الإقليم أعلى قرية دير ريفا بجسم الجبل على بعد 13 كم جنوب مدينة أسيوط وترتفع عن سطح الأرض 150 م وتعود لعصر الدولة الوسطى والحديثة وتتميز بالفخامة وكثرة النصوص, حيث قام عالم الآثار جريفث بنشر هذه المقابر عام 1889وترتيبها من الجنوب إلى الشمال وهي مقبرة (خنوم ـ كا)،مقبرة (نفر ـ خنوم) مقبرة (مرى رع)، مقبرة (نانا)،مقبرة( توى اوتوتو)،مقبرة (نخت ـ عنخو )وقد استخرجت منه بعض القطع الأثرية والتوابيت الخشبية الموزعة على متاحف العالم.أما الإقليم الثانى عشر فمن أشهر المناطق الأثرية التابعة له قريتى الدير الجبراوى وعرب العطيات بمركز أبنوب وتضم هذه المنطقة أشهر مقابر حكام الإقليم الثانى العشر خلال عصر الدولة القديمة وهى مقسمة إلى مجموعتين شمالية وجنوبية وتوجد بها مقبرتا ايبى ومقبرة جاو الأب والابن أعلى قرية الدير الجبراوى ومن ألقاب حاكم الإقليم ايبى حامل أختام مصر السفلى ورئيس إقليم أبيدوس ، أما المجموعة الجنوبية فتضم مقابر هنكو أو خيتى الأول ومقبرة رع حم اوايسى الأول وهنكو الثانى ومقبرة نب ايب ومقبرة رع-حم او ايسى الثانى وتقع هذه المقابر أعلى جسم الجبل فى قرية عرب العطيات وقد قام عالم الآثار ديفز بنشرها عام 1900م وأعاد نشرها نجيب قنواتى عام2005م هذا بجانب عدد كبير من المقابر غير المنقوشة وغير معروف أصحابها وهى غير مفتوحة للزيارة وتحتاج إلى إمكانات لفتحها للزيارة . اما الإقليم الثالث عشر ويقع فى مدينة أسيوط الحالية خصوصا غرب البلد وقد نحت حكام هذا الإقليم مقابرهم فى جسم الجبل الغربى على بعد 3 كيلو جنوب غرب مدينة أسيوط وقد كان لهذا الإقليم دور مهم فى التاريخ الفرعونى فى عصر الانتقال الأول وفترة الصراع الطيبى الاهناسى وتضم مقابر جبل أسيوط الغربى مقابر حكام وأمراء هذا الإقليم خلال عصر الانتقال الأول والدولة الوسطى و الحديثة ويعد النموذج الخشبى للجنود بالمتحف المصرى والمستخرج من مقبرة مسحتى خير سفير لهذه المنطقة والتى يطلق عليها مقابر السلخانة أو إسطبل عنتر وهى تعانى من نقص شديد فى الحراسة وتحتاج تطويرا لفتحها للزيارة وكان الإله (واب ـ واوات) المعبود الرئيسى لهذا الإقليم ومثل على شكل ذئب ويعتبر فاتح الطريق ومرشد الموتى ومن أشهر مقابر هذه المنطقة مقبرة (جفاى حابى الأول) وهى اكبر مقبرة منحوتة فى الصخر من عصر الدولة الوسطى هذا بجانب مقبرتى خيتى الأول والثانى ومقبرة (تف ـ ايب) ويضم الجبل الغربى مئات المقابر التى مازالت قيد الاكتشاف.

وقال الأثرى محمود السيد مهدى مدير منطقة آثار أسيوط الشمالية: أما الاقليم الرابع عشر فكان يمتد من قرية أم القصور بمدينة منفلوط وحتى مدينة دير مواس بمحافظة المنيا وعاصمة الاقليم هى مدينة القوصية حاليا وتمثله مقابر قرية مير ومقابر دير القصير، وتعتبر منطقة آثار مير من أجمل المناطق الاثرية الواقعة بأسيوط لما تحويه من 9 مقابر أثرية منحوتة فى جسم الجبل نحتت عليها مظاهر الحياة اليومية لمصر القديمة بأهم وأدق التفاصيل ، التى ترجع لعصر الدولتين القديمة والوسطى ، والتى تمتد لعام 2124 قبل الميلاد ، وحتى الأسرة الثانية عشرة ، وهذه المقابر مفتوحة ومعدة للزيارة منذ اكتشافها وتطويرها فى مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، وأشار مهدى إلى أنه يوجد مقبرتان على الجانب الشرقى للنيل بقصير العمارنة وهما تابعتان لآثار مير ويعود تاريخهما لنفس تاريخ مقابر مير ونفس حكام الاقليم الرابع عشر.

تاسا أقدم الحضارات

ويوضح الأثرى عبد الستار أحمد - مدير عام آثار أسيوط ـ ان قرية دير تاسا قامت حضارتها نحو عام 4800 قبل الميلاد وقد تميز أهلها بصناعة الفخار الأسود وكان فخارهم أرقى نسبيا من فخار أهل المناطق الأخرى التى عاصرتهم من حيث الشكل أو الزخارف ، كما أن أهلها عرفوا عادات الدفن وكان لديهم عقائدهم التى تتعلق بالآخرة والبعث وهو ما قد ظهر جليا فى مقابر أصحاب حضارة تاسا أكثر من المناطق الأخرى التى عاصرتهم، وكانت المقبرة عبارة عن حفرة دائرية ويكفن المتوفى فيها بلفائف من الجلد ، بما يتفق مع ثراء الميت وأهله وتوضع معه آنية أو أكثر من الفخار مع بعض الأدوات التى كان يستخدمها فى حياته وبعض الحلى وأدوات الزينة ويرقد على جانبه الأيسر فى هيئة انثناء أو جلسة القرفصاء، وكانوا يدفنون موجهين تجاه جهة الغرب . وأضاف : لقد عثر فى آثار حضارة دير تاسا على فئوس وأقداح وكئوس على هيئة الزهر وظهرت خصائص العصر الحجرى الحديث من خلال الحفريات التى قام بها الدكتور سامى جبرة ، د. برنتون، ومن الآثار التى عثر عليها بعض الأكوام والمقابر المتفرقة، وفى إحدى المقابر فى دير تاسا عثر على سيدة ترقد وهى تحتضن طفلها الرضيع وتحت رأسها بعض القش بمثابة وسادة، وقد أحاط الجسم لفات من الحصير، وهو ما يشير إلى الفكرة الأولى للتابوت وبجوارها عثر على لوحة صغيرة من المرمر وعلى احد وجهى السيدة وجد آثار لمسحوق اخضر ، وفى الناحية الأخرى آثار لمسحوق احمر «لوحة صحن الألوان أو الكحل» وعثر كذلك على ملعقة صغيرة من العاج وإناء من الفخار ، ويتضح من هذه الطريقة فى الدفن معرفة شعوب هذه المنطقة للعقيدة الدينية وبداية فكرة التكفين ، والفكرة الأولى للآثار الجنائزية التى يستخدمها المتوفى فى حياة الدنيا.

وقد صنعت الكئوس من الفخار الأسود المثقول والمزخرف بأشكال الحفر البسيط الذى كان يملأ بعجين يشبه الجبس كما عثر على بعض الفئوس التى صنعت رءوسها من الحجر الجيرى وكذلك بعض المراعى وكميات من الحبوب والبذور المختلفة التى تدل على أن اهل هذه الحضارة عرفوا الزراعة وأدواتها .

ضبط الآثار بالصدفة

ومن المفارقات العجيبة التى تؤكد حقيقة انتشار الآثار الفرعونية فى أسيوط وتركها للصوص ممن يبحثون بشكل عشوائى أسفل منازلهم وينجحون فى الوصول إلى بعض المقابر بل ويستخرجون محتوياتها ما تضبطه الأجهزة الأمنية عن طريق الصدفة، حيث قادت المصادفة ضباط مباحث منفلوط لاسقاط لصوص الآثار بعدما لعب القدر دوره فى ضبط نحو 19 قطعة يشتبه فى أثريتها بحوزة فلاح بقرية أم القصور التابعة لمركز منفلوط عقب وقوع مشاجرة بين الجيران بسبب لهو الأطفال وقيام احدى السيدات بالاستغاثة بالشرطة لفض النزاع بينهما وكان للاستجابة السريعة لضباط المباحث فى الحضور لموقع المشاجرة الفضل الأول فى ضبط القطع الأثرية قبل القيام بتهريبها .

ومن المفارقات أيضا ما حدث منذ أيام عندما خرج المهندس أحمد شوقى رئيس مركز منفلوط على رأس قوة أمنية لإزالة التعديات والمبانى المخالفة واثناء إزالة أحد المنازل تم العثور على قطع أثرية عبارة عن تمثالين عليهما نقوش فرعونية من البازلت الاسود ، هذا بالإضافة إلى العديد من المضبوطات التى تؤكد انتشار المقابر فى جميع مناطق محافظة أسيوط .

شاهد على الوحدة الوطنية

وأكد الدكتور أحمد عوض مدير عام بوسط الصعيد للآثار الإسلامية والمسيحية أن أسيوط تنفرد عن مثيلاتها من المحافظات بأنه تم اكتشاف آثار مدينة أثرية متكاملة بقرية منقباد تضم آثارا مسيحية وأخرى إسلامية ، حيث تم اكتشاف بقايا مسجد أثرى مشيد على غرار يماثل الكنائس القائمة بالمنطقة ، وتوجد على الجدران كتابات عربية بالخط الكوفى غير المنقوط تشير إلى الآية القرآنية «قل اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَيَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» .

والغريب فى ذلك الاكتشاف أن بقايا المسجد التى عثر عليها تبين أنها ملاصقة لجدار الكنيسة التى كانت منشأة من قبل ، والتي سجلت الحفائر أنها ترمز إلى الزمن المسيحى من القرن الرابع حتى السابع الميلادى ، وهى الفترة التى شهدت هجرة العديد من رجال الدين المسيحى لأسيوط ، وهو ما زاد من عدد الأديرة والكنائس بأسيوط . واختتم عوض كلامه بأن هذا يشير إلى دلالة واضحة وهى أن الشعب المصرى كان نسيجا واحدا من مسلمين ومسيحيين لم تفرق المبانى بينهم ولا الديانات وفيه دلالة واضحة على تواصل الحضارات بعد الفتح الإسلامى وخاصة أن هذه المنطقة كانت تعتبر استراحة للحجيج القادمين من منطقة الغرب.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق