تحتفل مصر والقوات المسلحة اليوم برفع العلم المصرى واستلام الغواصة طراز «تايب 209» ألمانية الصنع والتى تعد الأحدث والأقوى فى الوقت الحالى لتصبح القوات البحرية المصرية هى الاقوى بلا منازع فى منطقة الشرق الاوسط،
بعد الطفرات الضخمة التى حدثت خلال العامين الماضيين بعد انضمام المدمرة الفرنسية تحيا مصر، ثم حاملتى الطائرات جمال عبد الناصر وانور السادات، بالاضافة الى لنشات الصواريخ الروسية الصنع بالاضافة الى القرويطة جويد التى ستتسلمها مصر من فرنسا قريبا.
حقق الفكر العسكرى والاستراتيجى المصرى العديد من الطفرات خلال العامين الماضيين عندما وضع التهديدات والتحديات للأمن القومى المصري، نصب عينيه ومن ثم وضع جميع الحلول والبدائل لحمايته والقضاء على اى تهديد من منبعه حتى لا يصل الى الدولة، كما ان الرؤية الاستراتيجية لم تفصل الامن القومى العربى عن الامن المصرى فهو امتداد له والمحافظة عليه يحقق الامن بمفهومه الشامل فى مصر، فى وقت تمر به منطقة الشرق الاوسط بالعديد من التحديات ومحاولات خارجية لاعادة تقسيم المنطقة، بمساعدة دول من قلب الشرق الاوسط، واخيرا انتشار ظاهرة الارهاب العابر للحدود والذى اصبح يمثل التهديد الاهم بالنسبة للمنطقة.
لقد كان الفكر الاستراتيجى للعسكرية المصرية الجديد الذى وضعه الرئيس عبد الفتاح السيسى وقت ان كان وزيرا للدفاع، بعدم الانتظار الى ان يصل اى تهديد الى حدودنا بل العكس يجب ان تصل القوات المسلحة الى اى تهديد فى مكانه قبل ان يصل الينا، وبناء عليه فقد تم انشاء قوات الانتشار السريع المصرية، وكان من ضمن مهامها تنفيذ عمليات عسكرية خارج الاراضى المصرية فى حال وجود اى تهديد ضد مصر.وبناء على تلك الاستراتيجية الواضحة تم تحديد انواع السلاح التى من الممكن ان يتم التعاقد عليها لتنفيذ المهام التى ستوكل اليها، فكان من الطبيعى ايضا امتلاك مصر أسلحة ردع وايضا تطوير السلاح وبخاصة الجوى للوصول الى ابعد نقطة ممكنة، وايضا تطوير وتحديث سلاح البحرية المصرية .لهذا السبب قررت مصر وقيادتها الا تقف على منفذ واحد لتسليح قواتنا المسلحة ليكون بيده المنح والمنع، فقررت ان تنوع مصادر السلاح لتحقيق اهدافها ومصلحة الوطن العليا، فتعاقدت مع فرنسا لشراء طائرات الرافال بعيدة المدى والمتعددة المهام، ومن بعدها الفرقاطة الحديثة فريم، ثم جاءت الطفرة الكبرى التى غيرت موازين القوى فى منطقة الشرق الاوسط، بالتعاقد على حاملتى طائرات مروحية من طراز »ميسترال ان التطور السريع فى الاستراتيجية العسكرية المصرية فى السنوات الاخيرة جاء بعد التطورات المتسارعة التى تشهدها منطقة الشرق الاوسط، وحالات الحروب بعد ما يسمى بالربيع العربى وظهور عدو جديد وهى الجماعات الارهابية العابرة للحدود بجانب الصراعات المذهبية والاثنية، والمحاولات الغربية فى اعادة تقسيم المنطقة من جديد على اسس مختلفة، ومحاولات تدمير الجيوش العربية، أو تغيير عقيدتها العسكرية ليتم تجريدها من قوتها، وتقليم اظافرها.وبما تمتلكه مصر من قدرات عالية وجيش وطنى تيقن مبكرا من تلك المحاولات التى تريد زعزعة امن واستقرار المنطقة وخلق تهديدات جديدة لم يخطط لها من قبل، فما كان منها بعد ثورة 30 يونيو من اعادة بناء قدرات الجيش المصرى من جديد والانفتاح على مدارس عسكرية مختلفة من خلال التدريبات المشتركة، وتنويع مصادر السلاح بحيث لا تقف عند الولايات المتحدة الامريكية وما تقدمه لمصر من سلاح من خلال المعونة العسكرية السنوية التى تقدر بمليار و300 مليون دولار امريكي، وبعد ان حاولت الولايات المتحدة ان تخضع مصر لتعليماتها بعد 30 يونيو عندما اتخذت قرارا بوقف المعونة العسكرية عن مصر، معتقدة انها القوة الوحيدة فى العالم وان بيدها المنح والمنع، وانها قادرة على تركيع الدولة المصرية، فما كان من مصر وقيادتها الا ان عقدت العديد من صفقات السلاح المميزة مع فرنسا وروسيا، وعندها تبدل الحال ورضخت الولايات المتحدة لمصربعد ذلك وقامت بتسليمها طائرات اف 16 التى كانت مصر متعاقدة عليها مسبقا ومن بعدها الاباتشي، بعد ان شعرت القيادة الامريكية انها لن تستطيع ان تكسر الارادة المصرية ولن يكون لها دور فى المستقبل مع مصر. وليس ما فعلته مصر مع الولايات المتحدة من منطلق انها تسعى الى فرض شروطها فقط بل لان مصر تدرك جيدا كم المخاطر التى تحاط بها، وأن الولايات المتحدة لن تعطى لمصر السلاح الرادع فى الوقت الحالي، لتحافظ على التفوق النوعى للجيش الاسرائيلي، لذا كان الانفتاح المصرى على الدول الاخرى من اجل تحقيق امنها والحفاظ على مكتسباتها وحمايتها حتى لو اضطر الامر لتنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود المصرية اذا شعرت الدولة بأن هناك خطرا ما يستهدف الامن القومى للدولة.واذا تحدثنا عن التطوير والتحديث فى القوات البحرية بعد امتلاك اسلحة رادعة، والفكر الاستراتيجى وراء ذلك فإن مصر تمتلك سواحل على البحرين المتوسط والاحمر ومصالح مصر عديدة فى تلك الممرات المائية المهمة بجانب قناة السويس، ففى البحر المتوسط مثلا هناك اكتشافات جديدة للغاز ستحقق طفرة كبيرة للاقتصاد المصرى فى المدى القصير مما يتطلب حماية لتلك الحقول والتسليح الجديد لديه الكفاءة العالية فى توفير الحماية والسيطرة على تلك المنطقة بالكامل لما تتميز به من امكانات وقدرات عالية، إذ يمكن تحقيق الردع لمن يحاول ان ينفذ اى عمل تخريبى فى المنشآت الاقتصادية.اضافة الى ذلك منطقة الشرق الاوسط اصبحت مرتعا للجماعات الارهابية المسلحة والمنظمة والتى تمتلك قدرات تسليحية عالية تستغل السواحل للتنقل بين الدول ومحاولة التغلغل من اجل تنفيذ عملياتها الارهابية كما ان عمليات الدعم اللوجيستى اغلبها تتم عبر البحر، لذا فالسيطرة على السواحل المصرية بامتدادها ستكون لحاملات الطائرات لما تمتلكه من غرفة عمليات ورادارات قادرة على مسح المنطقة بأكملها، كما انها قادرة على تنفيذ عمليات عسكرية استباقية لوقف اى تهديد على الدولة ولهذا فهى قادرة على حمل دبابات وعربات مدرعة واماكن للمشاة لتنفيذ عمليات ابرار على اى نقطة وفى اى مكان والوصول الى عمق اى تهديد والقضاء عليه. كما ان القلاقل التى تشهدها الدول التى تشكل تماسا مع حدودنا اصبحت تمثل خطرا حقيقيا على الامن القومى المصري، لذا لزم ان تكون هناك قدرة عسكرية قادرة على تنفيذ عمليات انزال للقوات فى بعض المناطق لتنفيذ عمليات نوعية دقيقة تقضى على الخطر قبل ان يصل الى الحدود المصرية، كما ان التهديدات التى تشهدها مصر اختلفت كثيرا عما كان موضوعا فى السابق تتطلب امتلاك حاملة طائرات للوصول الى اصل التهديد واحباط اى مخطط.اما بالنسبة للبحر الاحمر فهو يمثل شريانا حقيقيا و اقتصاديا لمصر، واى تهديد حتى لو كان بسيطا فهو يؤثر بشكل مباشر على الامن القومى المصرى بمفهومه الشامل، فهو الممر لقناة السويس ويمثل الشريان لحركة الملاحة العالمية، كما ان هناك تهديدات خطيرة اصبحت تظهر وهى محاولة بعض الدول للوصول الى باب المندب لفرض السيطرة عليه والتحكم فى المجرى الملاحى بالكامل وهو الوضع الاخطر بالنسبة الى مصر، لذا وجب ان تكون لمصر الذراع الطولى فى تلك المنطقة ويتم ذلك بوجود حاملة الطائرات فى البحر الاحمر، كما لا يمكن ان نغيب منطقة القرن الافريقى وما تمثله من أهمية استراتيجية واضحة للمنطقة، وهناك محاولات عديدة من الجماعات الارهابية المسلحة للسيطرة عليه وتهديد الملاحة بالكامل، وايضا ظهور القرصنة فى البحر الاحمر و تهديدها للملاحة.ان ما سبق يؤكد ان الفكر العسكرى المصرى يضع امام عينيه جميع التهديدات ويتعامل معها بفكر مرتب، لذا جاء التعاقد على الميسترال التى تمثل طفرة حقيقية لمصر وستكون سلاح ردع لا يمتلكه فى المنطقة سوى مصر لتحقق معها التفوق النوعي، والردع وتحقق اعلى نسبة من الامن والاستقرار للدولة المصرية .ان تحقيق الردع بالنسبة لاى دولة لم يكن بالامر السهل بل يتطلب امتلاك السلاح القوى القادر على تنفيذ جميع المهام العسكرية برا وبحرا وجوا، والحفاظ عن الامن القومى للدولة وبما ان مصر هى القوة الوحيدة على حماية الوطن العربى فهى اصبحت تمتلك السلاح الرادع الذى يحقق لها هذا الهدف.
[email protected]
رابط دائم: