تعرض حاليا قاعة «بيكاسو» بالزمالك الإعمال الأخيرة للفنان الراحل حسن سليمان والتى قام بها قبل رحيله رغم قسوة المرض، ووهن السن، وغياب غالبية الصحاب قسرًا أو طوعًا. فقد استمر الفنان يقرأ ويفكر، يسخر ويتهكم،
يرسم ويكتب، وهو فى كل هذا مدرك لدنو الموت، ولكنه ما زال يتلبسً به مسًّ من حس المقاتل وفى عروقه بقية من شكيمة المبارز التى غلفتها حكمة السنين بذلك المزيج من الصفاء وقبول ما كان وما سيكون.
عاد حسن سليمان من خلال لوحاته إلى “طبيعته الصامتة” الأثيرة لديه ليقول فيها ومن خلالها، رؤيته وإحساسه بوجوده، حبه الباقى للحياة، خوفه ورفضه للعدم، ورغبته فى الإفصاح عن واقعه وأحاسيسه.
من أعمال الفنان حسن سليمان
وتدل طبيعته الصامتة على امتداد لرؤيته التى كونها وصاغها خلال حياته ولكنها تقف وحدها كمرحلة قائمة بذاتها، فيها من الاختلاف قدر مساوى لما فيها من الاتفاق. الآنية النحاسية، الزهور والفاكهة والطبق الوحيد رسمها من قبل عشرات المرات ولكنها هنا تطل عبر نافذة مغلقة على المدينة بعماراتها الشاهقة التى تقف كسد يحجب الرؤية. يظهر قدر من التفاؤل فى ألوان الزهور وأغطية المائدة أصفر وأحمر وقرمزى وبرتقالي، والكثير من الحيوية فى الأسلوب الذى تم به وضع الألوان فى طبقات سميكة باستخدام السكين، ولكن اللون الأسود أصبح عميقًا بلا قرار، والضوء الذى يدخل من النافذة ضوء خريف أو شتاء. من هنا نرى عالمه الداخلى الذى ما زال ينبض ويتنفس ويشتهي، محصورًا فى غرفة حيل بينها وبين العالم الخارجى الذى يحب بعضًا منه ويكره البعض الآخر، ولكنه فى نهاية المطاف كان - وما زال - يرغب فى احتوائه.
حسن سليمان هو فنان فرض سيطرته على لغة التشكيل البصرى وكان محتوى فنه مصرى قلبا وقالبا
رابط دائم: