لعل أهم مكسب فى تجربة فرق المسرح التليفزيونى «تياترو مصر ومسرح مصر» وغيرهما هو اكتشاف عدد كبير من المواهب الحقيقية الواعدة التى كانت تبحث عن فرصة جادة وتسعى لاكتساب الخبرة والمراس من خلال مواجهة الجمهور..
وأصبح لدينا بالفعل نجوم متألقة على مستوى التمثيل.. وإن ظلت التجربة يعيبها ضعف النصوص المسرحية واعتمادها في الغالب على اقتباس أفكار السينما أو عمل اسكتشات فكاهية ليس فيها بناء درامي أقرب ما تكون إلى حفل المنوعات الصاخب.
ويبدو أن التجارب الواعية تكشف أوجه القصور باستمرار وتعمل على علاجها حيث شاهدت مسرحيتين فصليتين لفرقة «تياترو مصر» تبشران بظهور مواهب جديدة في أغلب عناصر العمل المسرحي بداية من النص «راس فى راس» تأليف مصطفى حمدي والذي يناقش بأسلوب خيالي ساخر الصورة النمطية التي يفرضها المجتمع على كل من الرجل والمرأة.. فالمرأة هي الكائن المتحفظ المقهور خفيض الصوت بينما الرجل ينبغى أن يظهر قويا مستبدا أسدا في زئيره وعلو صوته.. فإذا تغيرت تلك الصورة بسبب جراحة في المخ تولدت الكوميديا ورفض المجتمع تبادل الأدوار بين الزوجين.. أما النص الثاني «ساعتين الظهر» لأحمد الملوانى فيعتمد على تعقيد الموقف البسيط لتوليد المفارقات وتفجير الضحك وقد نجح في ذلك إلي حد كبير ولكن المشاهد يشعر أنه أمام حبكة مصطنعة ونكتة طويلة بعض الشىء.. واستطاع المخرج محمد جبر أن يقدم في العرضين إيقاعا متلاحقا كما استطاع توظيف طاقة بركان الكوميديا النشط بيومي فؤاد أقل الساعين إلى الارتجال غير المدروس وأكثر الناجحين في تقمص الشخصية وعدم الخروج عن أبعادها النفسية والاجتماعية وهو في الأساس ممثل مسرح جاد وملتزم قدم العديد من الأدوار المهمة في مسارح الدولة قبل أن يصبح القاسم المشترك لمعظم الأعمال الكوميدية.. وقاسمته البطولة والقدرة على الإضحاك بذكاء النجمة المتألقة هالة فاخر في مسرحية «راس في راس» بينما اكتفت في العرض الآخر بظهور شرفي لجدة عجوز مقبلة على الحياة بحكم أن العرض يعتمد فى الأساس على بطل رجل مع عدم وجود مساحات موازية للأدوار النسائية.. وقبولها لهذا الدور الصغير نسبيا يؤكد عشقها لفن المسرح ويفسر سر نجاحها وحب العاملين في الوسط الفني لها.. أما باقي فريق التمثيل فتألق منهم صلاح الدالي أحد نجوم مسرحية «رجالة وستات» وأحمد عبد الهادي صاحب الحضور الكوميدي المميز وحكيم المصري ومروة صباحي ومي دياب القادرة على التشكل في أكثر من شخصية.. كما ظهر فى أدوار صغيرة لافتة للنظر كل من إبراهيم صابر وسعاد القاضي وأحمد سعد والى أحد نجوم مواسم المسرح الجامعي قبل عامين.. وخلف الكواليس برز محمد جابر مصمم الديكور بأفكاره الذكية وألوانه المبهجة كما ساعدت الأزياء التي صممها خالد عبد العزيز ومها بركة فى إضفاء المزيد من البهجة والإبهار خاصة فستان هالة فاخر فى دور المرأة العجوز والمستلهم من أزياء العصور الوسطى في أوروبا.. والشىء المؤكد أن تياترو مصر يسعى بقوة لتجديد شبابه وتقديم مسرح كوميدي محترم.
رابط دائم: