كما كان متوقعا، اُختتمت اجتماعات قمة المناخ «COP22» فى مدينة مراكش بالمغرب، دون حسم لمعظم المشكلات الرئيسة التى تعرقل انطلاق العمل بجدية نحو تنفيذ اتفاقية تغير المناخ، وأبرزها التمويل اللازم لتنفيذ برامج التكيف مع تغير المناخ،
والتخفيف من انبعاثات الكربون، بما يحقق خفض الزيادة فى درجات حرارة الأرض بأقل من درجتين، وهو الوعد الذى قطعته الدول الغربية، باتفاق باريس، أمام الفقيرة بتوفير مائة مليار دولار سنويا لهذا الغرض.
ألقت المتغيرات السياسية، والتكهنات بعدم التزام الولايات المتحدة بالاتفاقية؛ بظلالها على المؤتمر، وهو ما جعل أحد كبار المشاركين الأفارقة يقول: إن أمريكا ظلت تعمل فى معزل عن العالم منذ توقيع بروتوكول كيوتو، وبذلت جهدا كبيرا لإلغائه، وستظل تعمل منعزلة فى اتجاه مختلف، فماذا نريد منها؟ لا شيء.. لقد عملنا دونها، وسنظل بغير حاجة لها.
وبعيدا عن ذلك، نجح المؤتمر فى إطلاق اتفاق باريس، وإنهاء حقبة كيوتو ليدخل الاتفاق حيز النفاذ. وعبرت كلمات البيان الختامى عن الأمل فى أن يحقق الاتفاق نجاحا فى مساعى العالم لحماية المناخ.
نص البيان
وقال البيان: «نرحب باتفاق باريس، الذى اعتمد بموجب الاتفاقية، وبدخوله السريع حيز النفاذ، مع أهدافه الطموحة، وطبيعته الشاملة، وتأكيده مبدأ الإنصاف والمسؤوليات المشتركة، لكن المتباينة بين الدول، فى ضوء قدرات كل منها، ونؤكد التزامنا بتنفيذه بالكامل».
ودعا البيان إلى التضامن القوى مع البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، مؤكدا ضرورة دعم الجهود الرامية إلى تعزيز قدرتها على التكيف، وتعزيز المرونة، والحد من الضعف.
كما دعا جميع الأطراف إلى تعزيز ودعم الجهود الرامية إلى القضاء على الفقر، وضمان الأمن الغذائي، واتخاذ إجراءات صارمة للتعامل مع تحديات تغير المناخ فى الزراعة، وإلى تعزيز التعاون فيما بين الدول الغنية والفقيرة من أجل سد الفجوة بين مستويات الانبعاثات الكربونية الحالية والمستويات المنشودة لتحقيق أهداف خفض الزيادة فى درجة الحرارة على المدى الطويل طبقا لبنود اتفاق باريس.
مشكلة التمويل
وحول مشكلة التمويل دعا البيان الختامى إلى زيادة فى حجم، وتدفق التمويل لمشاريع المناخ، إلى جانب تحسين القدرات والتكنولوجيا، بما فى ذلك من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية.
وأعاد المؤتمر تأكيد حق الدول النامية فى الاستفادة من وعد البلدان المتقدمة بتوفير مائة مليار دولار من أجل تنفيذ البرامج والمشروعات اللازمة لتحقيق الالتزامات مع نهاية عام 2020، مع الأخذ فى الاعتبار الاحتياجات المحددة، والظروف الخاصة للبلدان النامية، وأقل البلدان نموا، وتلك المعرضة بشكل خاص للآثار السلبية لتغير المناخ.
انتقال إلى بون
من جهته، يؤكد المهندس أحمد أبو السعود، رئيس جهاز شئون البيئة، العائد من المغرب: إن مؤتمر مراكش لن يكون نهاية المطاف، ولكن ستكون هناك حلقات تفاوضية أخرى لمواصلة النقاش حول أنسب الإجراءات للإسراع بتنفيذ اتفاق باريس، مشيرا إلى أن هناك اتفاقا فى مدينة «بون» بألمانيا فى شهر مايو المقبل، للتحضير لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية تغير المناخ «COP23».
وأوضح أبو السعود أن من بين القضايا العالقة، التى نالت قسطا وافرا من النقاش التزامات الدول بحلول عام 2020، إذ كان مطروحا أن تتحلل الدول من هذه الالتزامات، وتقوم بوضع خطة جديدة لخفض الكربون، إلا أن الدول النامية طالبت باستمرار هذه الالتزامات، وهو ما أكده البيان الختامي.
وأضاف أن قضية نقل التكنولوجيا كانت على قمة اهتمامات المفاوضين حيث تحتاج برامج التخفيف من الكربون، والتكيف مع آثار تغير المناخ؛ إلى تمويل يساعد الدول النامية، لم يتجمع معظمه حتى الآن، وما زالت هذه القضية عالقة بانتظار مزيد من التفاوض لوضع آليات تضمن سهولة نقل التكنولوجيا لتحقيق مطالب الدول النامية، مشيرا إلى أن هذا المطلب كان أبرز نقاط الإعلان النهائى للمؤتمر أيضا.
تميز إفريقي
ويشير المهندس أبوالسعود أيضا إلى أن إفريقيا كانت أبرز الحاضرين، الذين حققوا وجودا متميزا، خاصة من خلال ورشة العمل التى تم تنظيمها حول مبادرة الطاقة المتجددة فى إفريقيا، وحضرها عدد من الوزراء الأفارقة، ومدير الهيئة الدولية للطاقة المتجددة، حيث تم خلالها عرض المبادرة، والمراحل التحضيرية لها.
ويوضح أنه تم تشكيل الوحدة المستقلة لإدارتها، وخلال ستة أشهر سيتم تفعيل هذه المبادرة، لتوفر آلافا من فرص العمل، ولتوفر الطاقة النظيفة اللازمة لمشروعات التنمية فى القارة السمراء. وأعلنت السفيرة الفرنسية أن فرنسا ستوفر مليارى دولار لهذه المبادرة ضمن عشرة مليارات دولار تم الاتفاق على جمعها من الدول المتقدمة.
ومن أبرز الفاعليات فى مؤتمر مراكش؛ اجتماعات الشق الوزاري، الذى ناقش تمكين الدول النامية من تنفيذ التزاماتها فى الخفض، والتكيف؛ بما يلائم احتياجاتها لتحقيق التنمية المستدامة.
جهود مصر
وضم الوفد المصرى ممثلين لوزارات البيئة والكهرباء والرى والزراعة وخارجية والتعاون الدولى. وقدمت مصر مشروعات فى إطارى التخفيف من الكربون، والتكيف مع آثار تغير المناخ.
وأردف أبوالسعود: «إذا وجدنا فرصا تمويلية من الجهات الدولية المانحة نكون جاهزين لإطلاقها، وهذه الأفكار تصب فى مجال التنمية المستدامة، ومن بينها خفض الانبعاثات من صناعة استخراج البترول، والتكيف فى أنشطة الزراعة والري، والنقل المستديم».
رابط دائم: