قدمت فرقة الموهوبين إنتاجها الأول تحت عنوان «وحياتك يامصر» فى قصر الغوري الذي يمثل ديكورا طبيعيا رائعا لتاريخ القاهرة القديمة.. وغابت أغلب وسائل الإعلام الرسمية والخاصة للأسف غيابا مخجلا لا يتناسب أبدا مع طبيعة التجربة وحجم المشاركين فيها..
ففرقة الموهوبين التي يشرف عليها ويدربها النجم علاء مرسى هى واحدة من 7 فرق تضم خمسة آلاف ممثل ومطرب هاوٍ من الجنسين يمثلون مختلف المراحل العمرية من الطفولة إلي الشيخوخة دون شروط.. وقد أكدت د. نيفين الكيلاني رئيس صندوق التنمية الثقافية الداعم للمشروع أن المشاركين ليسوا مجرد هواة من مختلف الأعمار فحسب.. فالبعض منهم من أبناء الملاجىء والبعض الآخر أبطال تحدٍ من ذوى القدرات الخاصة.. والبعض الثالث مر بظروف قاسية ربما أوصلته إلى التنشئة في إصلاحيات الأحداث.. ولأن الثقافة حق للجميع كان من الضروري دمج هؤلاء مع باقي أفراد الوطن الكبير وانصهارهم معا فى عمل فني واحد حيث يؤدى الفن إلى تقويم الشخصية وتحويل الطاقة السلبية إلى طاقة إبداعية منتجة وفاعلة داخل المجتمع.. وفرقة الموهوبين تضم هواة من القاهرة والجيزة وكفر الشيخ والمنصورة.. بينما هناك 6 فرق أخرى تمثل محافظات الأسكندرية والبحيرة والمنوفية ودمياط والشرقية فضلا عن إقليم القناة ويضم مبدعين من السويس والإسماعيلية فقط حتى الآن وإن كانت محافظات الصعيد الأكثر احتياجا غائبة كالعادة ونرجو أن تكون في قلب الخطة الموضوعة لذلك المشروع المهم.
ونأتي إلى عرض «وحياتك يا مصر» المأخوذ عن نص الأزهر فى ألف عام للشاعر إبراهيم غراب والذى حفل بالروح الحماسية وكثرة عدد المشاركين ولكن افتقد العرض إلى بعض أسباب التواصل مع جمهور المسرح ربما أهمها أن النص كله بالحوار والأغاني مسجل ويذاع بتقنية «بلاى باك».. وهذا الأسلوب يضمن نسبة أقل من الأخطاء ولكن نسبة أقل أيضا من التجاوب والإحساس بحالة المسرح الحقيقي.. وأيضا كثرة عدد الرواة فى كل لوحة ربما بهدف إتاحة الفرصة لمشاركة أكبر عدد ممكن من الهواة وهو بلا شك هدف نبيل في ذاته ولكن ليس على حساب التركيز في النص المكتوب.. ونفس الشىء يقال على الأغانى حيث وقف عدد كبير من المطربين فى نوافذ قصر الغورى يتحركون بالتبادل مجسدين كلام الأغنية ولكن لتحمس البعض وضعف إمكانيات الإضاءة لم تظهر شخصية المتقمص لدور المغنى من بينهم.. وتصميم الرقصات لا علاقة له من قريب أو بعيد بما يقال على خشبة المسرح من كلمات وإلا فما معنى رقصة «البريك دانس» أثناء مقاومة الشعب المصري للحملة الفرنسية أو رقصة الباليه مع كفاح ثورة 1919؟! فيبدو أن مصمم الرقصات أراد أن يظهر ما لديه من إمكانيات وقدرة على تدريب المجاميع والتنوع في الحركة، كما يبدو أن الفنان علاء مرسى كان مهموما بإيجاد صيغ للمتعة البصرية توازى النص المكتوب فسمح له بذلك.. وعلى كل حال فأخطاء التجربة الأولى واردة دائما ومقبولة ولا تقلل أبدا من حجم الجهد الضخم ونبل الرسالة التي يحملها مسرح الهواة.
رابط دائم: