رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

أردوغان فى انتظار « الوجه الإستبدادي» لترامب!

> أنقرة ــ سيد عبد المجيد
قبل ثمان سنوات استبشرت تركيا خيرا مع اعتلاء «باراك أوباما» مقاليد السلطة ، ودخوله البيت الأبيض في سابقة لم تحدث من قبل أن يكون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الرابع و الأربعون من أصول أفريقية وينتمي لعائلة مسلمة ،

وكان هذا في حد ذاته مبعث حبور لآلاف الأتراك الذين كانوا يستعدون لدخول حقبة سوف تتواري فيها العلمانية تدريجيا ، لتحل محلها مرحلة مغايرة عنوانها التقوى والورع والدولة المتسلطة ، فيها ستسن تشريعات هدفها مراعاة الأصول الدينية والتاريخية لأهل الاناضول المسلمين «حتى النخاع».

زاد من التفاؤل أن الحدث الذي «بزغت شمسه من وراء الأطلسي»، تزامن مع تثبيت رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لأركان حكمه والدليل هو أنه شرع آنذاك بالبدء في بناء تركيا الجديدة ، تهل على العالم في مئوية تأسيسها عام 2023 ، وسرعان ما خرجت التصريحات المرحبة من كلا الجانبين بيد أن الأجواء سرت فيها عوامل دفء بشرت بتكريس علاقات يمكن وصفها بأنها ستكون أكثر من خاصة وهي أصلا إستراتجية.

أما الآن فاختلف المشهد إن لم يكن قد أنقلب رأسا على عقب ، فلا مبالغة في القول أن هناك حالة غريبة يلمسها المراقب تعيشها وريثة الإمبراطورية سمتها الفتور والنفور واللذان يتزايدان والنخبة والإعلام كل من جانبه ، يزيد نار الكراهية ضد العم سام أو بالأحري « أوباما « ، الذي « سحب المنطقة وخاصة سوريا إلى كارثة ضخمة وساق أمريكا إلى جبهة المجموعات الإرهابية حتى أوصلها لتصبح الدولة الداعمة للإرهاب « هذا ما قاله نصا إبراهيم كارا جول أحد خلصاء الرئيس .وبعد أن كان « حلم الملايين أصبح في نظر الجميع مجرد خادم للنظام العالمي الفاسد الحالي».

وبالنسبة لتركيا «سيسجل التـاريــخ السـياسي أن ما حـدث لها ليلة الجمعـة 15 يوليـو الماضي ( المحاولة الانقلابية الفاشلة ) كان صناعة أمريكية بأداة منظمة جولين الإرهابية « باختصار سقط قناع أوباما وظهر ترامب»

والسؤال لماذا ؟ هذا ما تجيب عليه السطور التالية.

في البداية إتفقتا أنقرة وواشنطن على موقف يكاد يكون متطابقا بشأن ما حدث في مصر عقب الثلاثين من يونيو، واعتبراه وإن اختلفت «الصيغ» إنقلابا على «رئيس منتخب»، غير أن هذا لم يمنع من أن بعض التباين سيزداد لاحقا، فأردوغان عاب على أوباما التساهل وعدم أخذ موقف حاسم بل وإقامة علاقات مع نظام « السيسي» .

بالتوازي كان البون يتسع تدريجيا، بخصوص ملفي سوريا والعراق ، ورغم أن البيت الأبيض غض الطرف ـ متعمدا ــ عن تسهيلات لوجستية وعسكرية، قدمها الأناضول لمتشددين تكفيريين للقتال ضد بشار الأسد، وهو ما كان يستوجب تقدير وثناء من القصر الرئاسي في العاصمة التركية ، إلا أن الحاصل لم يكن كذلك ، فالرئيس التركي أصر على أن نظيره الأمريكي تقاعس وتجنب حلا حاسما في الحرب الأهلية الدائرة بهذا البلد من فبراير 2011 ، أضيف إلى ذلك رفض البيت الأبيض إلحاح أنقرة تدشين منطقة عازلة داخل الاراضي السورية ، ثم جاء التطور اللافت والذي وضع علاقات البلدين على المحك وتمثل في دعم البنتاجون الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب الكردية رافضا إعتباراهما منظمتين إرهابيتين في نقيض لموقف اردوغان الذي يراهما إمتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالي.

أما الإشكال العراقي، فقد أدرك أهل الحكم في تركيا في وقت مبكر أن حلفاءهم الأمريكيين لا يصغون إليهم بالشكل الكافي، ليس ذلك فحسب بل يميلون لوجهة نظر بغداد، وتأييدها ضمنيا ما نادت به ـــ ولاتزال ــ حكومة حيدر العبادي، ومطالبها، أولا بإنسحاب القوات التركية الموجودة في معسكر بعشيقة بفضاء نينوى التابع للموصل ، وثانيا رفضها رفضا مطلقا مشاركة جارتها التركية في عمليات تحرير الأخيرة.

ثم جاء الإنقلاب العسكري ، ليضع خطا فاصلا بين ما قبلها وما بعدها ، بيد أن حمي اللعنات إنطلقت دون مرفأ من شبكات تلفاز وأدبيات سيارة ومآذن مساجد ، منددة بالتواطؤ الامريكي وتستره على المدبر وهو رجل الدين فتح الله جولين المقيم ببنسلفانيا، ولا يخف عن المتابع أن وراء هذا الغضب العارم مباركة ما بعدها من صناع القرار وطبيعي أن يشعر الكافة من النافذين ومواليهم بالإرتياح بل والغبطة لهزيمة هيلاري كلينتون التي هى في المقام الأول تعد سقوطا مدويا لأوباما ولم يمنع الأمر من شماتة وها هي مروة شبنام أورج تعبر عن نشوتها بتنظير وضعته على موقع صحيفة يني شفق المقربة من أردوغان فيه تفسر لماذا خسرت كلينتون قائلة أن أوباما في سباقه للبيت الابيض اعتمد على نقد سلفه جورج بوش الإبن داعيا للتغيير ، وهكذا نجح .

إذن كان على كلينتون أن تفعل الشىء نفسه لكنها إنتهجت العكس، صحيح حاولت أن تستقل نسبيا لكنها سرعان ما تبين أنها متمسكة بسياسات رئيسها، فكيف وهي التي قدمت نفسها كأول إمرأة مرشحة ستمثل المستقبل، أن تظهر لناخبيها بأنها جزء لا يتجزأ من الماضي. وعلى النقيض فعل دونالد ترامب فاستحق أن يكون النصر حليفه «من أجل أمريكا عظيمة مرة أخرى»

وتمضي شبنام أورج قائلة «بالطبع لن ننتظر من الذين أعطونا دروس الديمقراطية والمساواة رغم مواقفهم الإنتقائية والغرورية أن يلتفتوا إلى نفسهم ليستحوا قليلًا، ولكن يكفي لنا أننا مدركون حقيقتهم ونعرف جيدا بماذا يخفي لنا نفاقهم. والشيء الجميل الوحيد في هذه الصورة الميؤوسة هو سقوط «القناع الديمقراطي» لواشنطن التي حاولت طيلة الفترة الماضية التمثل وراء الستارة النخبوية، أخيرا اتضح الوجه « الإستبدادي « الحقيقي لأمريكا الذي يمثلة ترامب ولايهم موقفه المعادي للإسلام والأجانب والمهاجرين، فالمهم أنه شخص بعيدا عن كافة الوجوه المزيفة ، ولا تهمه الديمقراطية وحقوق الانسان فالأهم عنده الأمن ودعم الإستقرار .. كلمات أردوغان الأثيرة!!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق