رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

السيول الوشيكة

تجتاح مياه السيول مناطق محددة من مصر مثل محافظات البحر الأحمر والصعيد وشمال وجنوب سيناء، فى مثل هذه الأيام من كل عام، ونتيجة لتكرار حدوث السيول بتلك المناطق، تكونت لدى المواطنين الأصليين ثقافة متوارثة، اكتسبوها من أجدادهم والبيئة المحيطة بهم عن طبيعة السيول وكيفية الوقاية منها والتعامل معها من خلال وسائل لا تواجه الطبيعة،

وإنما تستفيد منها وتحول النقمة إلى نعمة، ولكن للأسف هذا التراث من المعرفة والثقافة حول السيول وطبيعتها وأماكن حدوثها غائب عن الجميع هذه الأيام، لذا يجب نقله من الأجداد إلى الأبناء، وكذلك إلى المسئولين التنفيذيين بالمحافظات التى يتكرر فيها مشهد تدمير السيول، وذلك للاستعداد واشراك الجميع فى الخطة المعدة لمواجهة الكوارث الطبيعية ومنها السيول، والبدء بالمدارس والجامعات، خاصة أن المكتب الاقليمى لليونسكو بالقاهرة قد أصدر المجموعة التعليمية المتكاملة حول الحد من مخاطر الكوارث الطبيعية المدمرة والشديدة ومن أهمها السيول التى تهدد أماكن عديدة من أرض الوطن، ومن المهم تذكير المسئولين التنفيذيين بالمحافظات ذات الظهير الصحراوى والمواطنين البسطاء الذين هجروا الوادى الضيق لتعمير الصحارى بضرورة ادراك وفهم طبيعة السيول الصحراوية ومراحل تطورها وكيفية الوقاية منها، فعادة ما تنشأ السيول فى المناطق الجبلية البعيدة وتتجمع فى أودية صغيرة، ومن ثم تصب فى أودية أكبر فأكبر حتى تصل إلى الوادى الرئيسى الذى يجمع مياه السيول إلى البحر أو النهر كما حدث فى البحر الأحمر والصعيد، وعادة ما يمتد ذلك على مساحة شاسعة من الأرض، فقد تكون الأمطار الشديدة فى منابع الوادى ولا يشعر المواطنون فى مصب الوادى بقدومها، وربما تباغتهم السيول ليلا وهم نائمون أو نهارا وهم يلعبون، ويعلم خبراء السيول أنها تتكرر طبقا لدورات مناخية محددة، ويتذكر كبار السن من أهلنا فى سيناء سيل عام 1945، الذى نزل فى وادى العريش جراء تعرض المنطقة لعاصفة مطيرة استمرت سبعة أيام متواصلة، وتكرر سيل ضخم مرة أخرى عام 2010 دمر المنشآت فى العريش، ولذلك تجب معرفة هذه الدورات بدقة والتنبيه عليها لكى نستفيد من مياه السيول وتجنب مخاطرها.

لقد كان أجدادنا يستخدمون قديما صراخ وتصرفات الحيوانات وبخاصة الكلاب كأجهزة إنذار مبكر، ومع تطور العلم أصبح فى إمكان هيئة الأرصاد الجوية إبلاغ المسئولين عن تلك المحافظات بضرورة توخى الحذر، وتنبيه الأهالى قبل حدوث الكارثة بوقت كاف، كما يجب أن يمتد إدراك الجميع لفهم طبيعة حدوث وقدوم السيول، التى تبدأ عادة بمقدمة ضعيفة عبارة عن أكوام من القش والأشجار الصغيرة تحملها المياه، ثم تأتى بعدها المرحلة الأولى من السيل، وهى عبارة عن مياه يكسوها الزبد الأبيض، ثم يغيض الماء بعد بضع ساعات ولا يتبقى سوى رغاو بيضاء وماء ضحل، وعندها يظن الجهلاء بطبيعة السيول أن السيل انتهي، وعندها يتوجهون لمنازلهم وتجميع أغراضهم التى بعثرها السيل، ولكن تأتى المرحلة الأخطر، التى يجب الاحتراس منها نظرا لقدوم الموجة الثانية من السيل التى عادة ما تكون الأقوى وينتظرها من لهم خبرة بالسيول، كما ذكر ذلك الدكتور سمير خواسك فى كتابه المتميز عن أدب الرحلات «فى بلاد العبابدة»، كما أن الموجة الأولى من السيول عادة ما تخرج الحشرات السامة من جحورها، وتأتى الموجة الثانية من غيض الموجة الأولي، وتمتد لفترة أطول، وتكون أعلى بكثير من الموجة الأولي، وتصل إلى أقصى مدى يمكن أن يصله السيل.

ومن الضرورى بعد أن ينتهى السيل التأكد من سلامة مياه الشرب، وكذلك المبانى والطرق، لأن شبكة مياه الشرب تتأثر جراء طفح المجارى نتيجة ارتفاع منسوب المياه فوق قدرة شبكات الصرف الصحي، وكذلك مآخذ محطات مياه الشرب قد تتأثر بمياه السيول ولا يمكن لتكنولوجيات المعالجة التقليدية أن تتعامل معها. كما يجب على الأهالى غلى مياه الشرب قبل استعمالها أو تزويد المضارين بمصادر مياه آمنة من مناطق أخري، حيث إن نسبة العكارة تزداد بمياه النيل بعد السيول التى تحدث فى محافظات الصعيد، إذ تتسبب فى إغلاق محطات مياه الشرب المرشحة وبخاصة الوحدات المدمجة (كومباكت) التى لا تتحمل العكارة العالية، ولذلك يجب استخدام وحدات الترشيح الطبيعى (آبار ضفاف الأنهار) التى لا تتأثر بمثل هذه الحوادث أو غيرها، أما المبانى والطرق فقد يحدث خواء للأرض من تحتها، وربما تنهار بمجرد ولوج الأهالى إليها أو عند مرور سيارة فوق الطرق بسبب خواء الأرض، كما يجب عدم استعجال المواطنين فى العودة إلى منازلهم، لأن تأثر الأساسات قد يؤدى إلى انهيار المبانى فى وقت لاحق للسيل.. وأناشد الشركات والمستثمرين العاملين بالمناطق المكنوبة بالسيول تفعيل المساهمة المجتمعية ومد يد العون ومساعدة المتضررين بتلك الأماكن، كما أناشد المسئولين التنفيذيين بتلك المحافظات أن يتعلموا ثقافة السيول من أهل المكان الأصليين والإيمان بقدرتهم على نقل المعرفة والثقافة المتوارثة من أجل التنمية والمساهمة فى نمو ورخاء هذا الوطن!.

د.كمال عودة غُديف

استشارى سابق بالبنك الدولى

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 1
    ^^HR
    2016/11/16 07:30
    0-
    0+

    السيول المحتملة !!!
    بوجه عام : اماكن توقيتات السيول معروفة ورغم ذلك تهدر كميات هائلة من المياة،،طرق الوقاية معروفة وايضا طرق الاستفادة من كميات المياة،،الوقاية تتم بحظر انشاء المنازل والمنشآت فى ممرات السيول،،الاستفادة تتم بإنشاء الممرات والمخرات والآبار التى تناسب كميات المياة ولامانع ايضا من عمل مسارات لتصريف المياة الى مجرى نهر النيل او الترع الكبيرة جنوبا وشمالا خاصة واننا فى حاجة ماسة لكل قطرة مياة
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق