الطرق التقليدية فى قبول طلبة كليات الفنون باتت تمثل عبئا كبيرا على مجال الإبداع الفني، وقبول دفعات من طلبة الثانوية كل مؤهلاتهم الحصول على مجموع درجات يتناسب مع الحد الذى يحدده المجلس الأعلى للجامعات، حتى لو تعارض
ذلك مع امتحانات القدرات، هو أمر يدعوا إلى التفكير مرارا، لكونها تمثل مذبحة حقيقية لشبابنا المبدعين الذين يمتلكون قدرات فنية وإبداعية فى مقابل مجموع درجات لا يرتقى للمحدد سلفا.. وإليكم القضية
فنان ولكن...
احمد الحربى شاب يدرس حاليا فى كلية تجارة جامعة المنصورة، فنان موهوب، عاشق للرسم منذ الصغر، ظل يحلم بدراسة الفن، ولكن المجموع أغتال هذا الحلم، وهو الآن يمارس هوايته بدون اى توجيه من متخصصين، ورغم ارتفاع أسعار الخامات فإنه مازال مصرا على تحقيق حلمه بالرسم بأقلام جاف وبأى نوعية ألوان.
سارة شعبان.. فنانة صغيرة نجحت فى امتحان القدرات بكلية الفنون الجميلة، ولكن مجموعها لم يؤهلها للالتحاق، حاولت الالتحاق بكلية تربية فنية ولكنها وجدت ان ميعاد امتحان القدرات بالكلية انتهى، ليتحطم معه أخر أمل فى دراسة الفن.
هند طارق ...حصلت فى امتحان القدرات بكلية الفنون الجميلة على الدرجة النهائية، ولكن تحطم حلمها على صخرة مجموع القبول، ليرسلها مكتب التنسيق إلى كلية التجارة، وغيرهم كثيرون ممن أجبرتهم هذه المنظومة إلى دراسة بعيدة كل البعد عن كونهم فنانين ومبدعين.
آراء ومقترحات
ترى الدكتورة سهير عثمان، الأستاذة بكلية الفنون التطبيقية، ان المشكلة الأساسية تبدأ من السنوات الأولى الدراسية عند أطفالنا، فتقول: المناهج الدراسية فى مصر تعتمد على الحشو والإطالة والحفظ دون الالتفات إلى اى موهبة، مع إلغاء مادة الرسم والموسيقى لمصلحة المواد العلمية فى المرحلة الثانوية، بالرغم ان الكليات الفنية تعتبر من كليات القمة، ففى معظم الدول الأوروبية تعتمد الدراسة على تنمية الموهبة منذ الصغر، وتأهيل الطفل للدراسة التى يفضلها وتوجيهه فى المرحلة الثانوية للكلية التى تتناسب مع موهبته ومساعدته للالتحاق بها، وتضيف: امتحانات القدرات التى تجرى داخل الكليات الفنية هى نزيف لجيوب الأسر المصرية حيث يتقدم لكل كلية ألاف من الطلاب ولكل كلية امتحان خاص بها ولا تعتد بامتحان اى كلية فنية أخرى، ويقوم الطلبة بدفع رسوم الدورات المؤهلة وكذلك رسوم الامتحان وفى النهاية القبول فى حدود 600 طالب فى كل كلية، وهذه أموال مهدرة تزيد من معاناة الأسرة المصرية. والحل يكمن لدى القيادات فى وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى.
ويقول الدكتور اشرف رضا الأستاذ بكلية الفنون الجميلة: من المفترض أن يكون قبول الطالب فى الكليات الفنية على أساس موهبته، واستعداده لتلقى علوم الفنون وبعدها يأتى مجموع الدرجات، وهذا النظام يطبق فى معظم المعاهد والكليات الفنية خارج مصر، والتى تعتمد على تقبل الطالب للفن واللون والتشكيل والتصميم، فليس المطلوب ان يكون الطالب متفوقا علميا بقدر ان يكون عنده قدرة على الفكر والإبداع والابتكار، كما ان الدراسات الحرة بالكلية لا تكفى لتعليم الفن وخاصة أنها أقسام محددة، وللأسف هذا يأتى فى مصلحة الجامعات الخاصة التى يلجأ إليها أصحاب المواهب المقتدرون ماديا، والحل يكمن فى إعادة النظر فى قانون الجامعات الذى يجب تعديله خاصة بالنسبة للكليات الفنية.
تغيير المعايير
يؤكد الدكتور رضا عبدالسلام الأستاذ بكلية الفنون الجميلة «جامعة حلوان» بأنه قام بتقديم مذكرة إلى لجنة قطاع الفنون بوزارة التعليم العالى بها مقترحات لتغيير معايير القبول فى كليات الفنون، أهمها ان يكون المعيار الاساسى للقبول بالكليات الفنية هو الموهبة وليس المجموع وان يكون امتحان الطالب على أساس ميوله الفنية وفى القسم الذى يريد الدراسة فيه، ويحدد القبول درجة امتحان القدرات وإذا تساوى عدد من الطلاب فى الدرجات بما يزيد عن المقبولين بالقسم وقتها نحتكم لمجموع الثانوية العامة، والمقترح الثانى ان الطالب الذى يرغب فى دراسة الفنون يجب ان يلتحق بفصل دراسى تأهيلى لعدة أشهر فى أثناء الدراسة الثانوية أو بعدها، يمتحن الطالب بعدها وتشكل لجنة من عدة أساتذة متخصصين لاختيار الطلبة الموهوبين وفقا للمعايير الموضوعة وبشفافية تامة، كما انه يجب إعادة النظر فى مجانية التعليم مع وضع نسبة استثنائية لمحدودى الدخل والطلبة المتفوقين، وقد تقدمت بالمذكرة على أمل ان يتخذ فيها قرار ايجابي، ولكن للأسف تم تحويلها إلى د. صفية القبانى عميدة كلية الفنون الجميلة بدون اتخاذ اى قرار بشأنها، ويضيف: تقدم هذا العام للامتحان فى كلية فنون جميلة وحدها 17الف طالب والرسوم المدفوعة فى حدود 7 ملايين جنيه يخصص منها 51% للجامعة ووزارة المالية والباقى لكلية فنون جميلة وحتى الآن لم يتم صرفها.
ويقترح الدكتور على المليجى أستاذ التربية الفنية المتفرغ بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة انه يجب وضع آلية خاصة للقبول بهذه الكليات على أساس أن يرتكن القبول فى المقام الأول على امتحان القدرات ونتيجته تحول الى درجات ترسل الى مكتب التنسيق الذى يقوم بعمل توازن بينها وبين مجموع الثانوية العامة مع مراعاة نسبة المجموع التى تسمح بان يكون الطالب له قدرة جيدة على التحصيل العلمى، وهناك اقتراح أخر أن يضاف للطالب الذى يرغب فى دخول كلية فنية عدد درجات محدد بشرط أن يكون له نشاط فنى متميز فى الفنون وشارك فى مسابقات ومعارض محلية ودولية بشهادات موثقة، أسوة بدرجات التفوق الرياضى مع شرط أن تضاف هذه الدرجات فى حالة الالتحاق بكلية فنية فقط، وعن معايير القبول بأكاديمية الفنون يقول د.المليجى وهو عضو مجلس إدارة فى معهد النقد الفنى هناك: الأكاديمية تابعة لوزارة الثقافة ولها معايير مختلفة تماما فهى لاتشترط السن او المجموع ولكن تأتى الموهبة فى المقام الأول بدون اى مجاملة او وساطة من أحد، وهو نظام فعال جدا فى قبول المواهب الحقيقية ولكن أعتقد انه يتعذر تطبيقه فى الكليات الفنية نظرا للأعداد الكبيرة المتقدمة للكليات، ولكننا نستطيع إيجاد آلية متوازنة تجمع بين الموهبة والمجموع وتحقق العدالة فى الالتحاق بالكليات الفنية.
رابط دائم: