رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد تحرير سعر الصرف ...التحول من دعم المنتج لدعم المواطن

مهند عدلى
لا جدال حول ضرورة القرارات الاقتصادية التى اتخذها البنك المركزى يوم الخميس قبل الماضى والخاصة بتحرير سعر الصرف وما تلاها من اجراءات حكومية فيما يتعلق برفع أسعار الوقود والمشتقات البترولية...

فمن المؤكد أن هذه القرارات هى خطوة هامة على طريق الاصلاح الاقتصادي، صحيح أن البعض يرى أنها تأخرت كثيراً لكن المهم أنها قد صدرت بالفعل، فبعيداً عن اشتراطات صندوق النقد الدولى وما قد يثار فى هذا الخصوص فان هذه القرارات سوف تضمن تحقيق جملة من الاهداف على عدة محاور... المحور الأول: هو رفع تكلفة الاستيراد بعد ارتفاع سعر الدولار رسمياً وهو ما يعنى خفض كميات المنتجات المستوردة فعلياً. المحور الثاني: تنشيط الاستهلاك وزيادة الطلب على المنتجات المحلية لأن ارتفاع تكلفة الاستيراد يعنى ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة وبالتالى اتجاه المستهلكين للبحث عن بدائل أقل سعراً فى السوق المحلي.. المحور الثالث: خفض تكلفة الصادرات وهو ما يمثل دعم غير مباشر للصادرات المصرية وجعلها أكثر تنافسية من ناحية السعر.. المحور الرابع: أن انخفاض الاستيراد وارتفاع الصادرات وتنشيط السوق المحلى مع عدم التدخل المباشر فى سوق الصرف سوف يعطى للحكومة الفرصة لاعادة بناء احتياطاتها من النقد الأجنبى مع توفير مصادر لبناء هذا الاحتياطى عبر اعادة التوازن بين الصادرات والورادات..

المحور الخامس: ان وجود سعر موحد للدولار مهما كان مرتفعاً أو غير حقيقى سيؤدى الى تدفق الاستثمار الاجنبى الذى أزيل أمامه أكبر عوائق العمل بانهاء نظام السعرين فى سوق الصرف..

المحاور السابقة كنتائج متوقعة هى نتيجة مباشرة للقرارات الاخيرة لكن يظل نجاحها مرتبط بادارة المرحلة التالية بكفاءة ورشادة اقتصادية خاصة اذا ما تم ربطها بقرارات المجلس الاعلى للاستثمار والتى سبقتها بعدة أيام وحتى نكون أكثر وضوحاً فان هناك تخوفات من سوء الادارة لبعض الملفات أو تعسف البيروقراطية فى البعض الآخر..

ورغم ان هذه المخاوف تشكل نقطة ارتكاز هامة فى محطة النتائج السابقة الا ان العقبة الاكثر أهمية والتى تعتبر حجر الزاوية هى ضرورة اتخاذ تدابير اجتماعية فعالة لعلاج الآثار السلبية لهذه القرارات فلا يصح ولا يجوز أن نتجاهل الواقع وننظر لما هو محتمل ونترك ما هو ممكن فعلياً.. ولا يصح ان نعتمد على جهود - مشكورة بالطبع - من خلال مبادرات استثنائية مثل مبادرة الشعب يأمر أو مبادرة القوات المسلحة بطرح 8 ملايين كرتونة مواد غذائية بنصف السعر للمواطنين هذه الجهود تحتاج لمشاركات أكبر ولخطط أوسع وصولاً لشبكة أمان اجتماعى قوية يكون لديها القدرة على حماية الفقراء ومحدودى الدخل من ناحية والحفاظ على الطبقة الوسطى من ناحية ثانية... وحتى لا يحدث لبس فى الموضوع فانا من المؤيدين لقرارات رفع الدعم بالصورة الحالية نهائياً لكن مع وجود مظلة حماية اجتماعية ولكنها تختلف كلياً وجزئياً عن ما يجرى العمل به حالياً لأن ليس من المنطقى أن تتحمل الدولة 2 مليار أسبوعياً لدعم وقود يستهلكه الغنى والفقير فلا تفرقة بين سيارات مرسيدس أو بى ام دبليو وبين سيارات وقود متواضعة أخرة مثل الفيات والصيني.. وكذلك دعم الخبز فالكل يستعمله أياً كان مستوى دخله وأياً كان مستواه الاجتماعى فهناك اكثر من 40% من الدعم يذهب لغير المستحقين أضف الى ذلك أن كل ما هو مدعوم يؤدى بالضرورة الى تعميق الفساد وخلق أسواق موازية ومافيا فى كل اتجاه فهناك مافيا القمح وهناك مافيا الوقود وغيرها. وللخروج من هذا المأزق يجب أن نقر ابتداءً بأهمية بل وبضرورة أن يكون للحكومة أدوات تستطيع من خلالها الحفاظ على الطبقات الفقيرة وحماية الطبقة الوسطى لكن مع تغيير منظومة الدعم الراهنة بالتحول من دعم المنتج الى دعم المواطن... فما تدفعه الدولة حالياً لمنتجات القمح والوقود والدواء والزيت والسكر وكافة المواد التموينية يجب أن يتوقف فوراً على ان يتم حصر الفئات المستحقة للدعم من الفقراء ومحدودى الدخل وأيضاً الطبقات المتوسطة ومن خلال خريطة تتعاون فى رسمها كافة الجهات بحيث يتم تحديد اوجه الدعم لكل مواطن مستحق وتحديد قيمتها المادية وصرفها من خلال ادوات وقنوات الصرف الجارية بالفعل ، فالموظفين من خلال هياكل المرتبات فى اماكن عملهم حكومية او خاصة والفلاحين من خلال الجمعيات التعاونية والزراعية والسائقين وأصحاب السيارات من خلال ادارات المرور وهكذا حتى يصل الدعم نقداً ومباشرة...

وبالطبع فان دعم المواطن مباشرة يعنى خفض فاتورة الفساد بل والقضاء عليه فى هذا القطاع تماماً كما انه يؤدى لزيادة معدلات الاستهلاك وزيادة معدل دوران رأس المال ويضمن وصول الدعم للفئات المستهدفة فعلاً ومصر من الدول التى تمتلك قواعد بيانات شديدة الدقة والتعدد بخصوص مواطنيها ولديها جهاز بيروقراطى رغم ملاحظاتنا عليه الا انه نافذ وممتد ومن ثم فان التحول الى الدعم النقدى ممكن وأكثر سهولة وأقل تعقيداً مما يجرى حالياً من دعم مباشر للمنتجات والذى يؤدى الى اهدار تام للموارد ودعم شبكات المصالح والفاسدين...

كما ان الدعم المباشر سوف يحل اشكالية الحفاظ على الطبقة الوسطى ويحافظ عليها متماسكة و قويه لانه يعنى زيادة دخل و ميزانية الاسر المنتمية اليها ويعطيها الفرصة لتبنى خيارات تتناسب مع ثقافتها وحدودها المعيشية المناسبة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق