رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

انتصار ترامب ... هزيمة للإعلام الأمريكى

ميادة العفيفي
في عام 2005 قال كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة كلمته الشهيرة: «يمكننا القول أن وكالة سى إن إن هي العضو رقم 6 في مجلس الأمن.»

لقد عمد الأمريكيون منذ تأسيس الدولة الفيدرالية إلي التركيز علي دور وسائل الإعلام في توجيه الحياة السياسية وتشكيل الرأي العام. ويذكر أن توماس جيفرسون الرئيس الأمريكي الثالث كتب :»إذا ترك لي حرية تقرير ما إذا كان يجب أن تكون لنا حكومة دون صحف، او صحف دون حكومة، فلن أتردد للحظة في اختيار الوضع الثاني».

وخلال الحملة الانتخابية المثيرة للجدل بين المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون ومنافسها الجمهورى دونالد ترامب، بدا واضحا منذ البداية التحيز الواضح من قبل أبرز وسائل الإعلام الأمريكية لصالح كلينتون، ولذا لم يكن غريبا أن يتوعد ترامب الإعلام الأمريكي خلال الأسابيع الأخيرة من حملته الانتخابية، بسبب ما بدا هجوما غير مسبوق من الإعلام عليه، وتحيزا وجدته حملته واضحا لصالح كلينتون.

وكان قد أشار إلي ما تم من تسريب مكالمة هاتفية له أثارت الجدل، وعلق وقتها: «إذا كان بإمكانهم محاربة شخص مثلي لديه قدرات مالية غير محدودة تمكنه من الرد، فما الذي يمكنهم فعله مع المواطن العادي».

ترامب كان قد وصل إلى حد توجيه شتائم صريحة لبعض الصحفيين أثناء تغطيتهم للحملة الانتخابية. وقال عن وسائل الإعلام بشكل واضح إنها «فاسدة ومثيرة للاشمئزاز»، حتى أن أحد أساتذة التاريخ وصف هجوم ترامب على الإعلام بأنه يبدو عنصرا جوهريا من برامج حملته.

الواقع أن وسائل الإعلام الأمريكية خلال الأسابيع الأخيرة قبل فوز ترامب كانت قد تخلت تماما عن آخر قناع من الحيادية أو حتى اللياقة عندما أمطرت المرشح الرئاسي وقتها بوابل من التهم والتفسيرات المنحازة ضد تصريحاته وصلت إلي حد وصفه من قبل صحيفة نيويورك تايمز بـ«الكاذب» وهي الصحيفة التي تبدي عادة الاعتدال، وفي ٢٤ سبتمبر الماضي أعلنت الصحيفة رسميا عن دعمها لكلينتون، ونشرت قبلها افتتاحية وصفت فيها ترامب بــ«عدم تقبل الآخر والتبجح والوعود الكاذبة».

وكان دان كينيدي أستاذ الصحافة بجامعة «نورث إيسترن» قد علق على مثل هذه التحيزات، قائلا:» يبدو أن وسائل الإعلام أدركت تدريجيا ان هذه الحملة الرئاسية لا تحتمل تغطية اعتيادية مثل الانتخابات الرئاسية السابقة».

وربما بدا واضحا عندما دعت عشر وسائل إعلام أمريكية بارزة معروفة بكونها محافظة، إلي عدم التصويت لترامب باعتباره شخصا «غير مؤهل» لقيادة البلاد، منها صحيفة «يو إس إيه توداي» والتى دعت قراءها إلى «عدم الانجرار وراء شخصية غوغائية خطيرة مثل ترامب».

وقد رد ترامب عبر تويتر «أثبت الأمريكيون ذكاء حقيقيا عندما ألغوا اشتراكاتهم في صحيفتي دالاس وأريزونا، ويبدو أن يو إس إيه توداي ستفقد أيضا قراءها».

والأكثر إثارة للسخرية كان توجه صحيفة «شيكاجو تريبيون» المعروفة بتوجهها الجمهوري منذ نشأتها، إلي اختيار المرشح الليبرالى جاري جونسون، مؤكدة ان ترامب غير قادر علي قيادة البلاد.

وبعد الإعلان رسميا عن فوز ترامب، يبدو أن الإعلام الأمريكي الذي ظل يدعم هيلاري حتى النهاية مازال مصدوما من النتيجة، فقد كتبت نيويورك تايمز يوم إعلان النتيجة، أنها مؤشر علي انقلاب النظام العالمي، وأنه قد يؤجج الشعبوية وإغلاق الحدود حتى مع الغرب نفسه، وخلق تحالفات وصفقات تجارية جديدة وغير واضحة المعالم.

وأشار بيتر بيكر المحلل السياسي الأمريكي إلي أن خسارة هيلاري –غير المتوقعة- قد تسببت في احباط كبير لعدد كبير من الدول حول العالم، حيث انه كان من المتوقع منها ان «تقوم بالشيء الصحيح في السياسة الخارجية اكثر من ترامب».

في حين نشر موقع فوكس نيوز، مقالا لهاورد كورتز محلل القناة، يشير فيه إلى ان فوز ترامب يمثل هزيمة غير متوقعة للإعلام الأمريكي، الذي ناصبه العداء منذ اللحظة الأولى. وذكر المقال أن بعض وكالات الأنباء وصلت إلى حد التأخر في إعلان انتصار ترامب بسبب الصدمة مثل وكالة اسوشيتيد برس، بل أن بعض كبار الإعلاميين الأمريكيين لم يتمكنوا ولو للحظة من إبداء غضبهم واستيائهم من نتيجة الانتخابات والتأكيد علي عدم قدرتهم علي فهمها. وفي المحصلة يمكننا القول ان لسان حال الإعلام الأمريكي الآن يقول: لقد حطم فوز ترامب المعايير الثقافية المتوقعة، وان البعض مازال يواجه صعوبة كبيرة في تخيل: الرئيس ترامب.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق