فى قلب القاهرة الفاطمية حيث أُلهم العالمى نجيب محفوظ بكتابة روائعه الأدبية، وتحديدا فى منطقة الجمالية خلف مسجد الحسين وخان الخليلى، وأمام مسجد أُم الغُلام يقع «بيت حُسن».. هذا المنزل الذى ظل سنوات عديدة فى القرن التاسع عشر منارة علمية وثقافية لطلاب الأزهر.
وتوضح الوثائق أن تاريخ هذا البيت يرجع لعام 1885 لصاحبته السيدة حُسن هانم ابنة العالم الجليل الشيخ عمر المعاوى وزوجة الشيخ الأزهرى الجليل الشيخ البحراوى عالم الأزهر ومفتى وزارة الحقانية فى ذلك الوقت.. حيث صمم كتحفة معمارية تمزج بين العمارة الشرقية والأوروبية والتى كانت فى أرقى صورها فى هذه الفترة. فكان المنزل بمثابة (نُزل) حيث يقوم الإمام وزوجته باستضافة الطلاب الوافدين الدارسين بالأزهر الشريف استضافة ورعاية كاملة دون أجر.. يتعلمون فيه أصول الدين ويدرسون علوم الأزهر الشريف بدون مقابل.. حيث كان طلاب الأزهر يأتون من جميع الدول للدراسة فيه.. وكان أصحاب مثل هذه البيوت يتحملون الإنفاق عليهم بالإقامة الكاملة فى (النزل)، وكانت الشيخة حٌسن معروفة فى هذا الوقت بأن منزلها الذى أهداها زوجها من أشهر (النُزل) وكان من رواد هذا المنزل الإمام المعروف محمد عبده وغيره من الدارسين.. وفى الأربعينيات قامت هيئة الأبنية التعليمية بإيجار المنزل وجعله مدرسة ابتدائية حتى التسعينيات ثم تركته لأنه كان آيلا للسقوط وفى حالة من الضرر الشديد.. كان لزاما على ورثة المنزل الأخذ على عاتقهم ترميم هذا الصرح العظيم ترميما مدروسا وبالجهود الذاتية وضعوا نصب أعينهم أن يعيدوا ترميم هذا الصرح كما كان.. شعلة لإحياء العلم والثقافة والفن وخدمة المجتمع..
ويقول محمد يوسف أباظة أحد ورثة بيت حُسن إن هذا البيت كان يخدم المجتمع فى حقبة من الزمن.. وإيمانا منا بما يمثله هذا البيت من روعة فنية، معمارية و قيمة تاريخية وبأن رقى وتنوع الفنون والثقافة هما مرآة الشعوب وعنوان رُقيها. فقد أخذنا على عاتقنا أن نعيد الحياة لهذا البيت. بأن نزيل كل مظاهر الإهمال والأضرار التى لحقت به على مر السنين، وأن نعيد إصلاح ما تلف فيه على أُسس ترميمية متخصصة مما لا يفقده رونقه التاريخى ليعود مرة أخرى أثرا ومنارة لخدمة الثقافة والعلم، كما كان الهدف عندما تم إنشاؤه أول مرة منذ أكثر من قرن.. بدأ تاريخ العمل فى المنزل فى 1 اكتوبر 2013 وتم الانتهاء المرحلى من الترميم، وتم الافتتاح المبدئى 27 فبراير 2015 ، ويضيف: كما كان الهدف من هذا البيت أن يكون صرحا للعلم والتثقيف والمساعدة المجتمعية وسيظل الهدف منه هو ايجاد مساحة من العمل وتثقيف وإحياء عادات مجتمعية لأهل الحى سواء من عمالة او مساعدات او سلوك شخصى، مع إحياء التراث الفنى عن طرق الحفلات والندوات الشعرية والثقافية لكوكبة من المبدعين الشباب بالإضافة لإقامة ورش عمل للفنون المختلفة مع إحياء الحرف اليدوية مثل طرق النحاس والخشب والجلود وإقامة معارض لأصحاب تلك الحرف فى محاولة منا لأن نسهم ولو بشكل بسيط فى خدمة المجتمع ورقيه.. وقد تم الافتتاح بمعرض فنى تشكيلى لمجموعة متميزة من الفنانين التشكليليين.
وعن رحلة الترميم التى تكلفت نحو 3 ملايين جنيه يقول إن الأمر كان شاقا لأنه بيت أثرى فقمنا باستخراج تصاريح من وزارة الآثار مع توفير المرممين المتخصصين فى ترميم آثار هذا العصر بالذات ألا وهو العصر العثمانى وأسرة محمد على.. ونحن كأصحاب هذا المنزل نفتح أبوابه لاستقبال أى نشاط فنى أو ثقافى وسوف يقام بالمنزل ندوات وعروض مسرحية وسينما وصالون ثقافى وتعليم للمشغولات اليدوية، وهناك خطة لتعليم أطفال الشوارع بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة سوف يجرى تنفيذها ليبقى بيت حُسن شُعلة مٌضيئة على طريق الثقافة والتنوير كما كان.
رابط دائم: