رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الانتخابات الأمريكية .. سيناريو مكرر فى حلة نسوية

شاهيناز وزير
يُثير سباق الانتخابات الأمريكية هذه الفترة بين مرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون ومرشح الحزب الجمهورى دونالد ترامب جدلا كبيرا على مستوى العالم. ولعل الأخير أكبر أسباب هذا الجدل نظرا لتصريحاته.

بالنسبة لشعوب الشرق الأوسط نجدها قلقة حيال تولى ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بسبب عدائيته لدول الشرق الأوسط الذى وصفها «بالإرهابية» إضافة الى تحامله على المسلمين والمهاجرين منهم بالأخص واصفا إياهم «بالحيوانات»، ويرى وجوب طردهم ومنعهم من الدخول إلى الولايات المتحدة كما هاجم منافسته كلينتون التى تسعى لاستضافة المزيد منهم.

................................................................

ليس هذا فقط ما أثار الهجوم على ترامب، فأكثر ما يُتداول الآن عنه هى فضائحه الجنسية وتصريحاته بخصوص النساء وما تتسم به من نظرة دونية. وقد استخدمت كلينتون ذلك للهجوم عليه فى مناظرتهما الأولى حيث أشارت إلى أنه «وصف النساء بالكلاب والخنازير»، وبالرغم من مقاطعة ترامب لكلامها بالنفي، فأنه بعد المناظرة نشرت وسائل إعلامية عديدة كثيرا من تصريحاته المشينة بخصوص النساء التى تحمل أفكارا عنصرية وتصرفات لا أخلاقية، كما ظهرت شكاوى نساء ممن وُصفن بضحايا ترامب أتهمنه بالتحرش الجنسى وإساءة المعاملة والطرد من العمل وما شابه.

وقد أثارت بذاءات ترامب استياء كثيرين من الديمقراطيين وأنصار النسوية وحقوق المرأة وعلت أصوات كثيرات فى الهجوم عليه منهن ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأمريكى الحالي، حتى إن حالة الاستياء تلك قد طالت جمهوريين كُثر منهم رئيس مجلس النواب الجمهورى بول ريان الذى قال تعقيبا على فيديو نشرته صحيفة واشنطن بوست لبعض تصريحات ترامب «لقد شعرت بالغثيان مما سمعته اليوم» وقام بسحب دعوته لترامب لحضور مهرجان للحزب الجمهورى فى ولاية ويسكنسن. أما زعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ الأمريكى ميتش ميكونيل فقال «إن هذه التصريحات منفرة وأن ترامب عليه أن يعتذر علنا الى جميع النساء والفتيات فى العالم». كما صرح أيضا المرشح الجمهورى السابق جون ماكين قائلا «ليس هناك مبرر لهذه التصريحات العدائية والمهينة التى قالها ترامب». كل ما تداولته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى لتصريحات ترامب التى أدلى بها دفعت به لتقديم اعتذار فى المناظرة الرئاسية الثانية.

والسؤال: لماذا قام الحزب الجمهورى بترشيح دونالد ترامب من البداية؟ فمن البديهى أن يكون الحزب على علم بتصريحات ترامب القديمة والحديثة خاصة وأنه كان نجما تليفزيونيا ولم يكن من الصعب الوصول لتلك التصريحات والفيديوهات التى كانت معظمها أمام وسائل الإعلام وقتها، ومن البديهى أيضا أن يستغل الحزب المنافس تلك التسجيلات للهجوم على مرشحهم وإسقاطه. جدير بالذكر أنه قد خرج من الحزب الجمهورى 17 مرشحا لتمثيل الحزب فى انتخابات 2016 معظمهم حكام لولايات أمريكية وأعضاء فى الكونجرس الأمريكى أى أن لمعظمهم باعا فى الحياة السياسية والعامة، ومن المنطقى أن يُرشح الحزب أكفأ أعضائه وأكثرهم خبرة وحنكة خاصة وأن مرشحة الحزب الديمقراطى هى سيناتورة عن ولاية نيويورك ووزيرة خارجية سابقة إضافة إلى خبرتها فى المجال القانونى والحياة السياسية والعامة، فلماذا ترامب؟ وهو رجل أعمال متخصص فى العقارات ولا خبرة له فى السياسة أو القانون؟ ولماذا انسحب معظم المرشحين الجمهورين حتى البارزين منهم ليفوز ترامب بالتزكية؟.

يوجد العديد من الاختلافات بين المرشحَين منها ما يخص العلاقة مع روسيا وايران وقضايا المهاجرين والملونين إضافة إلى اختلاف الرؤية الاقتصادية فى طريقة التعاطى مع الضرائب والاستثمار. ولكن قضايا المرأة هى أكثر ما يتصدر المشهد، وتبدو كأنها أهم ورقة تحدد أصوات الناخبين خاصة وأن الصراع متباين وعلى أشده بين مرشح له فضائح جنسية ومتهم بالإساءة الى النساء أمام امرأة تدافع عن حقوق النساء وستكون أول امرأة تحكم الولايات المتحدة الأمريكية حال فوزها. وما أكثر الذين يهاجمون ترامب من تلك الزاوية.

تلك إذن القضية التى تدغدغ مشاعر الأمريكيين فى هذه الإنتخابات وتجعل كثيرين يؤيدون كلينتون ومن مختلف الفئات كأنصار حقوق النساء والمسلمين والمهاجرين والملونين، وحتى الشعوب الإسلامية والشرق أوسطية والتى لا تتقبل أن تتولى النساء السلطة إلا أنها تؤيد كلينتون لتصبح رئيسة الولايات المتحدة خشية سياسات ترامب تجاههم. وبالنظر الى انشقاق صفوف الجمهوريين والحشد الإعلامى الأمريكى ضد ترامب، إضافة الى تأييد كلينتون من جانب الرئيس أوباما وثلاث رؤساء سابقين وما لها من علاقات مميزة فى الداخل والخارج، يبدو أن فوز هيلارى كلينتون أصبح مضمونا. ويرى كثيرون فى فوزها تحقيقا لحلم أن تقود البلاد امرأة وكذلك اطمئنانا من جانب منطقة الشرق الأوسط مما يرضى كثيرين فى الداخل والخارج.

ولكن هذا السيناريو يذكرنى كثيرا بما حدث فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2009، حيث كانت القضية الأهم التى ساعدت بشكل كبير على تولى باراك أوباما سدة الحكم ودغدغت مشاعر الأمريكيين وقتها ودفعتهم إلى انتخابه كانت المساواة بين البيض والسود فى أمريكا، وحلم كثيرين فى أمريكا أن يكون الرئيس رجلا أسودا. أيضا تم لفت الإنتباه وبشده إلى أن أبيه «حسين» ديانته الإسلام مما كان له بالغ الأثر على تأييد الشعوب العربية والإسلامية له واستبشار أكثرها بتغيير واقعها السيئ الذى صنعته الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة جورج بوش بعد حربى أفغانستان والعراق. ولهذا فإن فوز أوباما لاقى استحسانا كبيرا فى الداخل والخارج. ولكننا الآن وبعد انتهاء مدة ولايته الثانية نجد أن أحوال الشعوب الإسلامية قد ازدادت سوءا، كما شاهدنا خروج مظاهرات كبيرة للسود أكثر من مرة منددة بالعنف ضد السود آخرها كان على خلفية أحداث دالاس.

نفس السيناريو يتم تكراره عن طريق تسليط الضوء على قضايا النساء التى يلتف حولها الكثيرون والكثيرات، فإذا فازت كلينتون شعرت الأكثرية بالانتصار لمبادئ المساواة واحترام النساء، وسيتنفس مسلمو أمريكا الصعداء وكذلك الملونون والمهاجرون واللاجئون وبتهدأتهم سيتم تجنب كثير من المشاكل المحتملة، كما سيكون لفوز كلينتون انعكاس جيد على السياسة الخارجية الأمريكية فى الشرق الأوسط على عكس فوز ترامب الذى يثير قلق تلك الدول تجاه علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية. والسؤال الأخير هل كان كل ذلك مقصودا من البداية؟ وأقصد أن يتم ترشح ترامب ليثير الجدل والقلق مستخدما مهارته كنجم تليفزيوني، ثم تأتى خسارته كواجهة لانتصار مبادئ المساواة واحتواء الأقليات والاقتراب من منطقة الشرق الأوسط وبالتالى فخسارته تُعد تجددا لجلد الإدارة الأمريكية بحلة جديدة تتمثل فى «الرئيسة» كلينتون مما يساعد على تهدأة الأمور فى الداخل والخارج.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق