تعانى كثير من الزوجات خيانة أزواجهن، وقد لا يخلو حديث بين الزوجات من قصص الخيانات الزوجية، فنبدأ بتهدئة الضحية وننصحها بأن تتقبل الأمر وتصبر عليه دون تقديم أى حلول, أو تشجيعها على فهم الأسباب الحقيقية التى أدت إلى هذه الظاهرة. ولكن هل تجاهلنا لهذه الظاهرة هو الحل؟ بالتأكيد لا.
هذا ما تؤكده مريم عثمان مستشار أسرى وتربوى قائلة إن الحديث عن الخيانة الزوجية يثير دائما اهتمامنا ومشاعرنا فيغضبنا أحيانا ويثير مخاوفنا أحيانا أخرى, فتكون النتيجة إحساسا باليأس والحزن والقلق مما نراه، ولتجنب كل هذه المشاعر السلبية والألم نقرر أن نعمى ونصم عما يحدث حولنا, أو أن ندخل فى صراعات وتفاصيل لنبحث عمن من يكون الضحية والظالم لنريح قلوبنا بمعرفة حقيقة قد تكون فى بعض الأحيان مزيفة، وذلك لأننا نستخدام التعميم السلبى من خلال رواية قصص مماثلة، ولأن لكل قصة تفاصيلها التى لا نعلمها فتفشل محاولتنا لجعل الضحية تتقبل الوضع.
تؤكد مريم أن الخيانة ليست فعلا طبيعيا يجب تقبله، بل يجب أن يكون لنا دور فى تغييره من خلال معرفة المعنى الحقيقى للخيانة وأسبابها، فالخيانة ليست فقط إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، لكنها القيام بأى عمل غير شريف أو بطريقة غير سليمة تؤذى الطرف الآخر أو تظلمه، ولها صور متعددة بدءا من محاولة إيجاد مشاعر حب وتقدير خارج إطار الأسرة أو محادثات تليفونية للفضفضة، أو التسلية على الإنترنت، أو مقابلات للبحث عن الدفء أو الحب أو الجنس بشكل عابر، وفى بعض الأحيان إقامة علاقة متكاملة مستمرة, وهذه هى ذروة الخيانة.. وتشير إلى العامل المشترك فى كل هذه الصور هو عدم الإفصاح عنها على الرغم من أن نتائج هذه الخيانات تكون مؤلمة وتصيب الطرف الخائن على المدى البعيد بعدم الرضا، والاكتئاب، والشعور بالذنب، والقلق والخوف والإحباط، والغيرة المفرطة والعصبية الزائدة لأتفه الأسباب وأحيانا الطلاق، لكن للأسف يلجأ لها كثير من الناس للحصول على ما يريد فى الوقت الحالى دون تقييم للمخاطر التى تنجم عنها.
أسباب الخيانة متعددة
توضح مستشارة العلاقات أن أسباب الخيانة ليست فقط ما يقوله علنا الطرف الخائن عن وجود مشكلات فى الحياة الزوجية بداية من إلقاء اللوم دائما وأبدا على الطرف الآخر، وعدم إحساسه بالحب والمشاعر الدافئة وعدم إشباع احتياجاته الجنسية أو عدم التقدير، ولكن توجد أسباب أخرى أكثر عمقا لا تلفت انتباه أطراف المشكلة لعدم قدرتهم على فهم ذاتهم أو إيجاد تفسير لأفعالهم، ومن هذه الأسباب:
- اعتقادات راسخة لدى الطرف الخائن تدفعه إلى أن يقوم بهذ التجربة مثل أن الالتزام أو الحب ضعف، أو التعميم السلبى (كل السيدات خائنات ويجب الانتقام منهن).
-عدم الرضا عن الطرف الآخر أو الظروف المحيطة به، فيذهب لإيجاد البدائل التى يميل إليها.
- الإحساس بالكبت أو النقص.
-عدم الرغبة فى التطور والارتقاء بذاته فيظل دائما يحاول إشباع احتياجاته الأساسية فقط, والتى تتمثل فى تأمين المأكل والمشرب والمسكن والجنس.
-عدم تحمل المسئولية وبذلك يهرب من الحياة الحقيقية إلى عالم افتراضى خال من أى خلافات أو التزامات.
- الخوف من الهجر، الفقد، الرفض فتكون النتيجة عدم رغبته فى التعلق بشخص واحد فقط فيحاول أن ينشأ قاعدة كبيرة من المعجبين به لتعطيه الشعور بالقيمة والقبول, وبالتالى لا يستطيع التمتع بجودة ومميزات علاقته الزوجية.
- الفضول والفراغ الذى يؤدى إلى اليأس والملل ومحاولة تجربة أشياء جديدة مزيفة لتعطيه السعادة والإشباع لأنه فى أمس الحاجة إليهما.
- عدم فهم الاحتياجات الأساسية لكل طرف فى العلاقة، فلا يدرى الرجل مثلا ما تحتاجه المرأة والعكس صحيح، فالرجل يحتاج من المرأة الإشباع الجنسي، الصحبة والمشاركة، جمال المظهر والجاذبية، تهيئة جو مناسب فى البيت ليستريح ويستمتع، الإعجاب والتقدير والفخر به وبانجازاته، والبعد عن انتقاده والتقليل من شأنه، أما المرأة فتحتاج من الرجل إلى الحب، المحادثة، الأمانة والصراحة، الدعم المادي، الالتزام العائلي.
كيفية الحد من الظاهرة
أول خطوة للحد من الخيانة هى محاولة فهم الذات وتبدأ بمعرفة قيمك ومبادئك وأهدافك:
ماذا أريد؟ ماذا أحب؟ للوصول إلى الإشباع الداخلي، لأن قيمة الوفاء التى ندر وجودها قائمة على هذا الإشباع وبالتالى القضاء على تلك الظاهرة، فعندما تشعر بإشباع احتياجاتك الأساسية ورغباتك ستشعر بسعادة داخلية حقيقية ورضا ولن تحتاج إلى سد الفجوة بطرق غير سليمة للحصول على إشباع مؤقت له عواقب وخيمة, وبالتالى لن تحتاج أن تتهرب من وعودك أو تظلم شخصا أو تخونه، وهذا يتطلب أن تتخلى عن إلقاء اللوم على الآخرين، والإنكار والإسقاط، ومحاولة إيجاد مبررات.
وأخيرا تؤكد مريم عثمان أن قيمة الوفاء من أنبل الصفات التى يمكن أن يتحلى بها الشخص ليكون خير صديق، خير زوج فينال حب وتقدير الجميع.
رابط دائم: