« اللي بنى مصر يا ولاد .. كان فى الأصل حلوانى» مقولة الشاعر الرقيق سيد حجاب التى نرددها ربما دون وعي كاف بمضمونها ،


لكنها تلخص بالفعل الكثير عن المصريين. فالذى بنى القاهرة هو جوهر الصقلى الذي بالاضافة لكونه قائدا عظيما لجيش الفاطميين، فهو أيضا حلواني ماهر اشتهر باجادة صناعة الكنافة والحلوى. ويعود الفضل للفاطميين، فى حب المصريين للحلويات والتى تعد بكميات كبيرة من السكر. هذه البلورات اللامعة المسحورة التى أصبحت من أساسيات الحياة اليومية للجميع كل حسب امكانياته. «حاجة حلوة » يشير بها البعض للحلويات الشرقية والغربية، والبعض الآخر لا تتعدى حلوياته عدد ملاعق السكر التي يضعها بغزارة لتذوب باستسلام داخل كوب الشاي فتحلى مذاق فمه ودنياه. ويتبادل الناس السكر في الأفراح والأتراح كنوع من المجاملات وعند زيارة العرائس فهو أفضل هدية ويرمز للفأل الحسن ويتم تشبيه أصحاب الدم الخفيف بأنهم «زى السكر»، وأصحاب الحديث الحلو بأن « لسانهم بينقط سكر» والطفل الصغير بين أخوته بأنه « سكر معقود » والدعوة من القلب هي « ربنا يحلى أيامك»، أما أفضل وعد فهو «ححليلك بقك». لكل ذلك وأكثر فالسكر له تأثير كبير على الحالة المزاجية للمصريين وليس مجرد سلعة نشكو من غلوها ونقصها فهي لا تشبه أي سلعة أخرى. فعندما غنينا ونظمنا الشعر « للي بنى مصر» لم نذكر انه عالم في الفلك أو العمارة بل تذكرنا أقرب شئ لقلوبنا «الحلوانى».
رابط دائم: