في زمن قست فيه القلوب وجفت تبزغ بين الحين والاخر بعض من قصص البطولة في التضحية والفداء لبشر عاشوا بعيدا عن الأثرة وحب الذات والانانية التي باتت سمة للكثيرين، من بين هؤلاء الأبطال كانت «علياء» ابنة الشرقية التي قدمت نموذجا للعطاء والتضحية لتصبح قصتها مدعاة للفخر والعزة، بعدما آثرت أن تضحي بنفسها لانقاذ زميلتها وسطرت أروع قصص الفداء التي لا تكفي معها كل كلمات وعبارات الحب والوفاء والثناء.
كان صباح «علياء» الطالبة بالفرقة الأخيرة بقسم الاجتماع بجامعة الزقازيق مفعما بالنشاط والحيوية وكانت كالفراشة بين الورود تنتقل هنا وهناك مع أقرانها داخل كليتها بجامعة الزقازيق لتنهم من بحر العلم وترتشف من رحيقه وتستزيد من أجل مستقبل باهر وأمل منشود تتطلع لأن تحقق كل طموحاتها وآمال أسرتها في النجاح والعمل عقب التخرج وتحقيق هدفها في العمل بالإعلام الذي طالما حلمت به ولم يعد أمامها لتحقيقه إلا أشهر معدودة، ولم تكن تعلم بما ينتظرها من مصير تعاني مرارته لأجل غير معلوم، كانت قد جاءت مع صديقتها «فاطمة» التي حباها الله بفقد البصر من بلدتها بمركز أبو كبير كما اعتادت أن تفعل يوميا في الذهاب والإياب.
فكرت بعد أن أنهت محاضراتها أن تذهب لشراء احتياجاتها قبل مواعيد مغادرة «فاطمة» حتي لا تنهكها في السير أو تتركها فريسة للانتظار فاصطحبت إحدى زميلاتها وذهبت لشراء ما تريد من شارع قريب ومجاور للجامعة على أن تعود سريعا لتغادر مع فاطمة لكن اتصالا من فاطمة جعلها تترك ما خرجت لشرائه للعودة مجددا للجامعة واصطحابها للمنزل، مراعاة لظروفها، سارعت لأقرب بوابة لكنها وجدتها مغلقة فتحركت تجاه الأخري بعد أن اضطرت للسير مسافة بعيدة حتى تأتي بصديقتها وتغادر مرة أخري للباب الثاني حيث تستقلان الاتوبيس لمنزلهما.
وكانت في قمة التعب والاجهاد لكنها لم تبال بكل ذلك حينما علا صوت تحذير يصرخ تجاههما وهي تمسك بيد «فاطمة» ينبههما الي الخطر المحدق بهما فما كان منها الا التفكير في صديقتها بعد ان استشعرت في لحظة حجم الخطر واذا بسيارة ضخمة تلقي بكميات من الحديد لتنهال عليهما، لتدفع بصديقتها بعيدا وبكل قوتها لانقاذها وإبعادها عن حمولة السيارة، وافتدتها بنفسها حيث سقط عليها كمية من الحديد، ولم ينجح المارة إلا بعد جهود في انتشالها من أسفل كومات الحديد ولقسوة الحادث والتأخر في عمليات الانقاذ والروتين المميت في استقبال الحالات الحرجة أصيبت «علياء» بتهتك العضلات والشرايين والأوردة بالساق، واضطر الأطباء لبتر القدم اليمني للطالبة التي نسيت نفسها ولم تتذكر سوي صديقتها، وأمر اللواء رضا طبلية مدير أمن الشرقية اللواء هشام خطاب مدير البحث الجنائى بسرعة القبض على الجاني، وتمكن الرائد عصام عتيق رئيس مباحث قسم ثانى الزقازيق من ضبطه.
رابط دائم: