السينما هى مرآة المجتمع حيث نراها تعبر عن واقعه ومشاكل وهموم المواطن فلو خرجت من هذا الاطار ستتحول إلى وسيلة غير فعالة لا تعبر عن العصر الذى تعيشه ولذلك نجد معظم صناعها يعلمون مدى خطورتها وتأثيرها الكبير على الجمهور الذى يحب هو الآخر مشاهدة نفسه: طموحه ومشاكله ومعاناته داخل تلك الشاشة الساحرة وهو ما جعل الكثير من الكتاب يتناولون فى اعمالهم هموم المواطن البسيط ورصدها فى أفلام تعبر عنهم.
وهذه الايام هناك مشكلة فرضت نفسها على الشارع المصرى هى مشكلة جشع التجار واستغلالهم الظروف فى رفع الأسعار وتخزين السلع من أجل بيعها بسعر مضاعف ولان السينما لا تنفصل عن مشاكل المواطن فقد كان هناك العديد من الافلام التى رصدت تلك الظاهرة، وبسؤال الناقد والمؤرخ محمود قاسم عن ذلك وهل تم تقديمها بشكل فيه مصداقية ام قدمت بشكل مبالغ فيه أم اقل من الواقع؟! اكد ان ماقدم من افلام رصدت تلك المشكلة التى يعانيها الآن المواطن المصرى اقل بكثير من الواقع، ولكنها فى النهاية جسدت بشكل كبير جشع التجار واستغلالهم للفرصة ورفع الاسعار على الناس، بل ان البعض منهم احتكر السلع فى العديد من الافلام واهم تلك الأفلام، وأولها كان فى الاربعينيات حيث تم تقديم فيلمين هما «السوق السوداء» بطولة عماد حمدى وعقيلة راتب واخراج احمد كامل مرسى، وهذا الفيلم اول بطولات الفنان عماد حمدى وكان يدور حول جشع التجار وتخزينهم. للسلع فى مخازنهم وحرمان المواطنين منها ثم ظهورها وقتما يريدون.

فيلم آخر تم انتاجه عام 1947 وهو «غنى حرب» بطولة بشارة واكيم وحسن فايق وكمال الشناوى وهو فيلم عن تاجر صغير حينما الحرب كانت لديه بضاعة كثيرة فلجأ الى رفع الاسعار وبيعها للناس بالسعر المرتفع فاستطاع من خلال ذلك ان يحقق ثراء كبيرا لذلك سمى «غنى حرب».
ويضيف محمود قاسم انه فى فترة الخمسينيات تم انتاج فيلم «الفتوة» للفنان فريد شوقى وزكى رستم وتحية كاريوكا واخراج صلاح ابو سيف الذى قدم قضية جشع التجار لسلع الفاكهة والخضار بشكل اكبر، خاصة ان جميع احداث الفيلم تدور فى سوق الخضار حيث العامل الفقير الذى يكون خادما لتاجر كبير ليصبح بعد ذلك هو الحوت المسيطر على السوق وهوما حدث ايضا فى فيلم «شادر السمك» الذى تم تقديمه فى الثمانينيات وتناول فكرة احتكار احمد ابو كامل لسوق السمك الى ان يحقق الثراء ليصبح من كبار تجار السوق نتيجه احتكاره للسوق ولجوئه الى تخفيض الاسعار احيانا لتدميرهم او رفعها حسب مزاجه وهو ماجعلهم يتكاتفون عليه فى نهاية الأمر.
وقد قدم الفنان يونس شلبى فيلمين كانا فى هذا الاطار هما «السوق» مع الفنانة ليلى حمادة والاخر اسمه «الفرن» مع عادل ادهم ومعالى زايد وكان عادل ادهم هو المسيطر على سوق الخبز والعيش وكان يلجأ الى رفع الاسعار بشكل مبالغ فيه الى ان يأتى يونس شلبى ويقضى عليه ويكون بديلا له.
تلك هى اهم الافلام التى رصدت جشع واستغلال التجار لاحتكار السلع ورفع اسعارها ولكن هناك بعض الافلام التى تناولت فكرة الصعود الاجتماعى للبطل او البطلة من خلال استغلال السوق مثل فيلمى (بواب العمارة صاحب الادارة) و«الباطنية» لنادية الجندى كما قدم الفنان الكبير عادل امام فيلم «سلام يا صاحبى» وكانت تدور احداثه حول اللعب فى السوق والمزادات.
ايضا فى فيلم «مرجان احمد مرجان» كان مسيطرا من خلال شركته على معظم السلع الاستهلاكية.
ويضيف محمود قاسم أنه كانت هناك تجارب لفيفى عبده ايضا من خلال فيلمى «الصاغة» مع الفنان كمال الشناوى ومحمد رضا والتى استطاعت وهى فتاة فقيرة ان تتزوج محمد رضا وتسيطر على سوق الصاغة وترفع الأسعار ولو لاحظت فى معظم الافلام ان وراء اى نوع من الاستغلال للسوق أمراة.
وقدمت ايضا فيلم «زنقة الستات» مع ماجد المصرى وسامى العدل
وبسؤاله عن الافلام التى رصدت تلك الظاهرة خلال تلك الفترة اكد انه لا توجد افلام قدمت تلك المشاكل لأن السينما الآن معظم ما يقدم فيها لا يعبر عن المجتمع، فهى بعيدة عن مشاكل المواطن المصرى، فكل ما يهمهم هو الاغنية الشعبية والرقصة والبلطجة وكيفية حمل السلاح وتشجيع الشباب على ذلك ،فالأفلام الآن مثل المخدرات هدفها .تغييب العقل والواقع الذى نعيشه
رابط دائم: