◄ وزير القوى العاملة فى تصريحات خاصة لـ «الأهرام»:
◄ أزمة البطالة تحتاج إلى إعادة نظر لأن مخرجات التعليم أصبحت لا تتفق مع احتياجات سوق العمل
◄ نحتاج لمصارحة لعلاج المشكلة وحوار بين الوزارات المعنية لتحديد الاحتياجات وتقسيمها
◄ السوق حاليا لا يستطيع استيعاب ملايين الخريجين من كليات التجارة والحقوق والآداب
◄ الطلب ضعيف جدا على تخصصات الكليات النظرية ويتجه نحو خريجى الكليات العملية والفنية
◄ استراتيجيات التعليم والإحصائيات والبيانات تؤكد:
◄ مشكلة كبيرة تتعلق بعملية انتقال الطالب من مراحل التعليم الثانوى والفنى إلى التعليم العالى
◄ 73% من الطلاب بالجامعات تتركز فى قطاعات العلوم الإنسانية مقابل 27% فى العلوم التطبيقية
◄ قطاع العلوم الاجتماعية «التجارة والحقوق والآداب» يتصدر القيد بنسبة 45.7% والعلوم الأساسية 3%
◄ 4% من أعداد الملتحقين بالتعليم العالى سنويا يتوجهون للفنى و 96% إلى الكليات الجامعية
الحقيقة والوضع الراهن لقضية البطالة وارتباطها بأعداد الخريجين سنويا من مراحل التعليم المختلفة سواء الجامعى أو فوق المتوسط أو المتوسط صادم ومخيف ومقلق وفى الوقت نفسه غريب حيث إن الاحصائيات والمعلومات والبيانات المتوافرة تشير إلى أن النظام التعليمى بشكل عام يسير فى اتجاه ومتطلبات سوق العمل واحتياجات الدولة والمجتمع تسير فى اتجاه آخر وهذا كله بعيدا عن الحديث عن جودة التعليم ونوعية مخرجاته من الخريجين وما اكتسبوه من مهارات وقدرات هى بكل المقاييس لا تتناسب مع الاحتياجات والمتطلبات الفعلية والمطلوبة من التخصصات المختلفة والتى تتزايد بشكل كبير فى بعضها وتنخفض فى أخرى دون دراسات وافية تحدد المستهدف فى الوقت الحالى أو المستقبل.
أحدثت تصريحات وزير القوى العاملة محمد سعفان الأسبوع الماضى رد فعل كبير حول أزمة البطالة وحقيقة الوضع فى مدى استيعاب السوق المحلى والإقليمى من أعداد خريجى بعض التخصصات وعدم قدرة الوزارة على ايجاد فرص عمل حقيقية لهم حيث تداول أن الوزير أعلن أن الدولة ليست فى حاجة إلى خريجى كليات التجارة والآداب والحقوق ولا وظائف متاحة لهم مما أزعج البعض، خاصة وأن التصريحات منسوبة إلى أحد رجال الحكومة وهو الوزير المسئول.
أعرف مدى هذه الأزمة من خلال الأرقام والإحصائيات الخاصة بالتعليم والمدونة فى الاستراتيجيات على مدى السنوات الماضية والحالية فاتصلت بالأستاذ هيثم سعد الدين المتحدث الرسمى والمستشار الإعلامى لوزير القوى العاملة للتأكد مما نسب للوزير من تصريحات وهل هذا جاء بناء على دراسات أعدتها الحكومة أم هو حديث بشكل عام فأوضح ما كان يعنيه الوزير واستطرد قائلا: «الوزير يريد أن يوضح لك شخصيا أزمة البطالة لأنها قضية تعليمية فى المقام الأول وثقافة مجتمع» وبالفعل التقيت الوزير فورا عبر «الموبايل» الذى أكد فى تصريحات خاصة لـ «الأهرام» أن أزمة البطالة تحتاج إلى إعادة نظر فى أمور كثيرة خاصة وأن مخرجات التعليم أصبحت لا تتفق مع احتياجات سوق العمل ويجب أن يكون هناك توازنا بين المخرجات وسوق العمل ومصارحة لعلاج مشكلة البطالة وحوار بين الوزارة والوزارات المعنية لتحديد الاحتياجات الفعلية لسوق العمل وتقسيمها.
سألت الوزير: هل هناك أزمة فى توفير فرص عمل لبعض تخصصات الخريجين؟
أجاب: نعم الطلب على التخصصات متفاوت ولايتناسب مع حجم المطلوب؟
قلت فى تصريحاتك أن السوق لا تحتاج نهائيا إلى خريجى كليات التجارة والآداب والحقوق؟
لم أقل بهذا الشكل.. ولكن يجب أن يعرف المجتمع أن الطلب حاليا على خريجى هذه الشهادات أصبح ضعيفا مقارنة بشهادات أخرى يحتاج إليها السوق .. والوزارة لا تتلقى وظائف كثيرة لهؤلاء الخريجين من هذه الشهادات والوظائف المطلوبة تتركز 85% منها فى الوظائف الفنية بأنواعها لذلك يجد الكثير من الشباب نفسه عاطلا لأن تفكيره فى المكتب والوظيفة الذى أصبح غير موجود وإن توافر يحتاج إلى مهارات وقدرات تتعلق باللغات والكمبيوتر والخبرات والدورات التدريبية والسيرة الذاتية العملية وغيرها.
هل لدى الوزارة إحصاء جديد عن الاحتياجات الفعلية للسوق؟
نجهز مع الوزارات المعنية والإحصاء مختلف الوظائف المطلوبة والمؤهلات المتاحة وحجم السوق المحلية والإقليمية.
وما الحل لهؤلاء الخريجين الذين تخرجوا بالفعل من كليات ولا يجدوا وظائف.. وهل هناك برنامج للتدريب التحويلى بالوزارة يساهم فى حل هذه المشكلة؟
هؤلاء الشباب لن نتركهم ولكن مشاكلنا الحقيقية تحتاج إلى مصارحة لعلاج البطالة وحوار بين الوزارة والوزارات المعنية لتحديد الاحتياجات الخاصة بالسوق وتقسيمها وكذلك علاج من الشباب أنفسهم بألا يمانعوا فى أن نساعدهم بالتدريب وغيره وأن يفكروا فى مشروع صغير ونساعدهم أيضا مع الصندوق الاجتماعى سواء كل شاب بمفرده أو مجموعة من الشباب وسوف نساعدهم فى طرح الأفكار وأن يختاروا ليبدأوا حياتهم الانتاجية بدلا من البطالة والبحث عن وظيفة لن يجدوها بسهولة.
وتساءل الوزير: الشباب الذى يسافر بطريقة شرعية أو غير شرعية إلى الخارج ماذا سيعمل هناك وما الوظيفة المنتظرة؟! واستطرد من سيزرع المليون ونصف المليون فدان غير الشباب ويبدأ حياته فى مناطق جديدة خاصة وأن هناك مشروعات كثيرة تحتاج إليها مصر والسوق يطلبها بشده ولكن لا يجد من لديه العزيمة للعمل والتعب ويكون الطلب الدائم من المترددين على الوزارة عن وظائف مكتبية وهى غير موجودة ونادرة ولا يطلبها السوق المحلى أو الإقليمية.
وطلب من الإعلام أن يساعد ويقنع الشباب بالأفكار التى يتطلبها السوق وتغيير ثقافته ولدينا المراكز المتخصصة للتدريب على العمل الحر والمشروعات وسندعم الشباب مع الصندوق الاجتماعى خاصة وأن هناك شبابا بدأ بالفعل وتساعدهم الوزارة والمجتمع سعيد بهم ويلاقيهم فى أماكن عدة وأصبحوا يحققون دخولا تساعدهم على المعيشة وتركوا المقاهى وبيوتهم انتظارا للوظيفة التى من الصعب أن تأتى..
إلى هنا انتهى الحوار مع الوزير المسئول...
................................................
وللانتقال إلى تحليل الوضع الراهن من خلال الاحصائيات والمعلومات والبيانات المتوافرة من المنظمات المحلية والدولية ومدونة فى استراتيجيات التعليم فى مصر التى تؤكد أن الانطلاق نحو المستقبل يبدأ من معرفة الواقع وأسبابه وتشير إلى أن هناك مشكلة كبيرة تتعلق بعملية انتقال الطالب من مراحل التعليم الثانوى والفنى إلى التعليم العالى وتعتمد بشكل كبير وأساسى على امتحانات إتمام المرحلة الثانوية كأساس وحيد للقبول وهو ما لا يضع الطلاب فى الأماكن المناسبة لهم بالإضافة إلى تجاهل قدراتهم الكامنة مما لا يمكن التعويل عليها فى التنبؤ بأدائهم الأكاديمى وهناك رفض أو دعم ضعيف من المجتمع فى التخلى عن النظام القائم لامتحانات إتمام هذه المرحلة.
نسبة الملتحقين بالتعليم العالى من الفئة العمرية (18- 22) تصل إلى 28% من عدد السكان رغم التوسعات الكبيرة فى السنوات الأخيرة ولكنها نسبة ضعيفة إذا ما قورنت بدول أخرى مثال الأردن 46.6% وأمريكا 94.3% وفنلندا 93.7% واليابان 61.5% والمانيا 61.7% وفى الوقت نفسه نجد توزيع الطلاب على التخصصات غير منضبط حيث أن الغالبية العظمى للطلاب تتركز فى قطاعات العلوم الانسانية بنسبة 73% مقابل 27% فى قطاعات العلوم التطبيقية ويتصدر قطاع العلوم الاجتماعية نسبة القيد بنسبة 45.7%وهو القطاع الذى يضم كليات التجارة والحقوق والآداب وهى أكثر الكليات تكدسا للطلاب وفى المقابل نسبة تقل عن 3% فى قطاعات العلوم الاساسية والعلوم الزراعية والبيطرية والفنون مما يعكس خللا فى توزيع فرص التعليم العالى فى القطاعات المختلفة وهو عكس ذلك عند المقارنة مع النسب فى الدول الأخرى وهو ما يعنى ويشير إلى أزمة البطالة لدينا واحتياجات التنمية والحاجة إلى التوسع فى القطاعات التطبيقية والذى أدى إلى ارتفاع أعداد الطلاب بتلك القطاعات وارتفاع نسبة البطالة بين خريجيها.
ورغم أهمية التعليم العالى الفنى ودوره الحيوى فى تزويد العملية الانتاجية والصناعية بفنيين يتمتعون بالمهارات والقدرات الفنية المختلفة وكذلك احتياج السوق فى مصر وبعض الدول العربية والأوروبية إلى فنيين على مستوى عال من المهارة الفنية إلا أن الأرقام تشير إلى انخفاض أعداد الملتحقين بالتعليم العالى الفنى حيث يبلغ 4% من أعداد الملتحقين بالتعليم العالى وهى أيضا نسبة منخفضة جدا إذ ما قورنت ببعض الدول التى حققت تقدم صناعى مثل المانيا وكوريا وغيرها.
وتعد دراسة المتعطلين وفقا للحالة التعليمية ذات أهمية قصوى فى معرفة هيكل البطالة والمستوى التعليمى للمتعطلين لإمكانية تحسين قدرتهم وخصائصهم ومهاراتهم ولمراعاة ذلك فى تخطيط البرامج التعليمية وربطها بمتطلبات سوق العمل واحتياجات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية فقد بلغ أعداد المتعطلين وفقا للحالة التعليمية «15 سنة فأكثر» لعامى 2003 و2012 نحو 2.2 مليون متعطل خلال عام 2003 وارتفع إلى 3.2 مليون خلال 2012 بمعدل نمو 4.1% سنويا واستحوذت فئة المتعطلين الحاصلين على المؤهل المتوسط على النصيب الأكبر وبلغت 1.5 مليون متعطل بنسبة 66.8% علم 2003 و1.6 مليون عاطل عام 2012 والجامعية استحوذت على المرتبة الثانية حيث بلغ عدد المتعطلين 565.8 ألف عام 2003 بنسبة 25.6% وارتفغت إلى 1.1 مليون 2012 بنسبة 35.1% بمعدل نمو 7.7% سنويا وهذا كله يؤكد ويشير بوضوح إلى وجود فجوة كبيرة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل والتى تحتاج إلى أفكار جديد خارج الصندوق.
رابط دائم: