رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

جيش أوروبا الموحد يعود للظهور

شريف الغمرى
كان إعلان مسئولين كبار فى الاتحاد الأوروبى عن خطط لإنشاء جيش أوروبى دافعا لتساؤل الكثيرين عما إذا كان هذا الاتجاه بداية للتحول فى العلاقة التاريخية بين أوروبا والولايات المتحدة، وهى العلاقة التى جمعتهما معا لعقود تحت إسم واحد هو الغرب، خاصة أن تأييد جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية ، لإقامة جيش للاتحاد الأوروبى قد أعاد إلى الأذهان واقعة تاريخية قديمة، عندما أعلن جان مونيه، المعروف بالأب المؤسس للإتحاد الأوروبى تأييده فى خمسينيات القرن الماضى لقيام كيان دفاعى بديل عن حلف الأطلنطى الخاضع للسيطرة الأمريكية.

الاقتراح الجديد أصبح الآن محل دراسة فى بروكسل، وكانت بريطانيا قد إستخدمت ضده حق الفيتو، عندما عرض لأول مرة منذ خمس سنوات.

وكانت فيديريكا موجيرينى، منسقة الشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى ونائبة اللجنة الأوروبية، قد أجلت إعلان أى تفاصيل عن هذا المشروع إلى أن يعلنها يونكر بنفسه، باعتبار أن هذا المشروع يمثل الفكرة الأساسية لمستقبل الإتحاد الأوروبى، على أساس أن يتم تطويره بشكل يكون له دور إيجابى فى الشئون العالمية أكثر مما هو عليه الآن، مع الأخذ فى الإعتبار التطورات التى حدثت بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبى.

ويؤيد يونكر فكرة إعادة صياغة كيان الإتحاد الأوروبى كقيادة موحدة لأوروبا، تكون بروكسل مقرا لها، وذلك من أجل القيام بعمليات عسكرية أوروبية مشتركة، تستخدم فيها الفرق العسكرية الوطنية فى الدول الأعضاء، والتى لم يسبق خروجها للقيام بعمل عسكرى مشترك للإتحاد الأوروبى.

وتقول صحيفة التايمز البريطانية إن موجيرينى مقتنعة بأن تأييد فرنسا وألمانيا وإيطاليا لهذا المشروع يفتح الباب أمام خطط عسكرية أوروبية قوية، بخلاف الوضع أثناء وجود بريطانيا كعضو فى الاتحاد الأوروبى، والتى كانت قد عرقلت قيام الجيش الموحد لأوروبا من قبل.

وقالت التايمز إن هذه الخطط يمكن أن تستخدم لإعطاء قوة دفع جديدة للإتحاد الأوروبى، بعد صدمة التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد، وقالت موجيرينى إننى أرغب فى إرسال رسالة بأن أوروبا تستطيع أن تتحرك إلى الأمام فى إتجاه مزيد من التكامل بين أعضائها بالرغم من إنسحاب بريطانيا.

وطبقا للخطط الجديدة فسوف يتم إزالة أى عقبات سياسية تمنع من نشر قوات لأوروبا واستخدامها فى مهام عسكرية محددة.

إن بدء أوروبا فى التفكير جديا فى إنشاء جيش أوروبى إنما يعكس حالة التباعد السياسى التى سبق أن ظهرت فى السنوات الأخيرة، بين أوروبا والولايات المتحدة، والتى بدأت فى عهد جورج بوش، الرئيس الأمريكى السابق، عندما أوضحت إدارته قبل غزو العراق أنها ليست ملزمة بالرجوع إلى الحلفاء فى قرارات تراها ضرورية ومهمة، رغم أن هؤلاء الحلفاء تجمعهم مع الولايات المتحدة عضوية حلف الناتو.

ثم ظهرت الفجوة بين أوروبا والولايات المتحدة بشكل أوضح فى عهد باراك أوباما، عندما أعلن إستراتيجية التوجه شرقا بنقل مركز التركيز الأمريكى من الناحية الأمنية من أوروبا إلى آسيا، واتباع سياسات جديدة تجعل من الساحة الآسيوية ومواجهة الصين، الجبهة الأساسية للأمن القومى الأمريكى.

وبالتالى فإن مشروع إنشاء جيش أوروبى فى وقت لايزال فيه حلف الناتو يمثل القوة العسكرية الرئيسية للغرب، يعتبر تطورا فى حالة التباعد السياسى ليصل إلى مرحلة التباعد العسكرى بين أوروبا والولايات المتحدة.

من ناحية أخرى يثير هذا التوجه الأوروبى نقطة شديدة الأهمية، وهى أن فكرة الجيش الإقليمى مرتبط بالتكامل بين الدول التى تمثل منطقة إقليمية معينة، وهو التكامل الذى كان ينحصر فى المجالات السياسية والاقتصادية، وتطورت هذه الفكرة لتشمل المجال العسكرى، بمشروع إنشاء جيش أوروبى لمواجهة تهديدات الإرهاب العالمى لهذه الدول، والذى تختلف طريقة التعامل معه بين أوروبا من ناحية والولايات المتحدة من ناحية أخرى، وهو ما يدفع أوروبا للتفكير فى وضع أفكارها الخاصة موضع التنفيذ فى عمليات مواجهة الإرهاب العالمى.

وهذا الاتجاه يكاد ينطبق على ما يحدث فى منطقتنا العربية، فهى منطقة إقليمية تتمتع بكل أسباب التكامل، لكن لايزال ينقصها وضع مشروع القوة العربية المشتركة موضع التنفيذ، مادام الإرهاب يستهدف دولها جميعا، ويمثل جبهة التهديد الرئيسية أمام مختلف الدول العربية، وهذا أمر أدركت أوروبا أبعاده وأخطاره الحاضرة والمستقبلية، وسارعت أوروبا إلى تطوير فكرها الإستراتيجى والعسكرى إلى درجة التخطيط لإنشاء جيش أوروبى موحد، بالرغم من عضويتها فى حلف الناتو، وبالمثل يحتاج العالم العربى بصورة ملحة إلى تطوير فكره الإستراتيجى والأمنى ليواجه بكفاءة ومقدرة التهديدات التى تتطور بدورها فى مواجهة العالم العربى وفى مقدمتها الإرهاب.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق