رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

«سامح» يدفع ثمن الشهامة

كتب ــ هانى بركات
اتصفت بالصبر والجلد وتحمل المصائب التي كانت لها بالمرصاد، وحلمت ببيت صغير يجمعها وزوجها الذي يعمل بطائفة المعمار ليكونا أسرة بسيطة، وعملت هي مدرسة ورزقهما الله بفتاة اصبحت بالصف الاول الثانوي وولد بالصف الاول الاعدادي وبين احشائها شقيقتهما الثالثة.

وتمر الايام بحلوها ومرها حتي كانت علي موعد مع القدر لتنقلب الحياة راسا علي عقب بعدما عصفت صدمات عاتية بأركان الأسرة واحدا تلو الآخر، فبعد أن غرست الأم في ولدها الوحيد صفات الأمانة وعلمته أخلاقيات دينه التي دفعته أن يخبر جارهم صاحب الورشة عن اللصوص الذين سرقوه ولان يد الشر أقوي من الخير كان العقاب شديد القسوة ، حيث اختفي الطفل الامين منذ ثلاثة اشهر .

سماح زوجة مجتهدة وضعت يدها في يد زوجها ليواجها معا صعوبات الحياة فعملت مدرسة لتساعده في الإنفاق علي ابنيهما، وعاشت معه في منزل والده وسارت بهما الحياة بما لها وما عليها، وقبل قدوم شهر رمضان بأيام جاءها خبر حزين بأن زوجها الشاب سقط هو وزميله من أعلي سقالة بالطابق الخامس أثناء عملهما، اسودت الدنيا أمام عينيها وراحت تناجي المولي عز وجل أن ينجي زوجها من هذا الحادث، وسارعت إلي زوجها لتطمئن عليه، فوجدته قد نقل إلي المستشفي وتم حجزه داخل العناية تسعة أيام، ظلت الزوجة المخلصة خلال تلك الأيام تداوم علي زيارته وتدعو الله أن يشفيه ويعود لبيته وأسرته بسلام، وجاءت فاتورة علاج الزوج باهظة إذ تخطت 22 ألف جنيه تحملت الزوجة عبء تجميعها سواء بالاستدانة أو ببيع ماتملك حتي يتم شفاء زوجها، ولكن القدر قد حان ومات الزوج الذي كان بمثابة العمود الفقري والسند للأسرة، لتبدأ معاناة الزوجة وابنيها مع ظروف الحياة الصعبة، خاصة بعدما قام حماها بطردها هي وابنيها من المنزل بإيعاذ من زوجته التي رفضت أن يتكفل الإنفاق عليهم. راحت الأم الحزينة تبحث عن مكان يأويها هي وابنيها، وبعد وفاة الزوج باسبوع جاءها المخاض ورزقها الله ب »سارة« التي ولدت يتيمة الأب، واستعانت الام بالله علي تربية ثلاثة أطفال هم سهيلة في الصف الاول الثانوي وسامح في الصف الاول الإعدادي والمولودة سارة وفي ليلة 21 من رمضان رأي سامح ثلاثة لصوص يسرقون معدات من ورشة رخام، فقام بإبلاغ صاحب الورشة عنهم ودله علي منزل أحدهم، واصطحبه إليه، وواجهه بفعلته، فقام اللص بتهديد الطفل وتوعده بالانتقام، ومنذ نحو شهر خرج سامح للعب مع أصدقائه، ولم يعد حتي الآن، وعندما تأخر انقبض قلب الأم وراحت تبحث عنه، وذهبت إلي زملائه واحدا تلو الآخر تسأله عن صغيرها، لكن دون جدوي، حتي إنها حاولت الاتصال به مرارا لكن هاتفه كان مغلقا، وبعد أيام أعادت الاتصال مرة أخري فرد عليها شخص مجهول وطلب منها ان تنسي ابنها، وكيف لأم أن تنسي فلذة كبدها؟، الذي كانت تعول عليه أن يقوم بدور والده المتوفي وينفق علي الأسرة التي باتت بلا سند، ولم تدر الام الأرملة ماذا تفعل بعدما يتم أبناؤها، وطردت من منزل زوجها، وتخلي عنها اقرب الاقربين، حتي والدها المسن فقد بصره حزننا وحسرة علي غياب حفيده. لتجد الأم نفسها وحيدة في تلك الازمات الطاحنة، ومنذ شهر يوليو الماضي وهي تجوب الارض بحثا عن سامح دون جدوي وترددت عشرات المرات علي مركز شرطة البدرشين تتوسل وتطلب المساعدة، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل، ثلاثة اشهر كاملة تتجرع فيها تلك الام العذاب كئوسا، حتي باتت تتمني حتي ان تعثر علي جثته كي تحتضنه الحضن الأخير، وتودعه الي قبره، وعلي الرغم من ان صرخات تلك الام تكاد تهز جدران المنازل وتشق الارض وتبلغ عنان السماء، فإن احدا من رجال الامن لم يسمعها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق